الحوار الوطني وملف الأمن القومي والتحديات الخارجية

تبرز أهمية الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسي في أبريل عام 2022، ويضم مختلف الأطياف في المجتمع ومتخصصين وخبراء، في اهتمام رئيس الجمهورية والحكومة بتوصياته ومخرجاته، وطرح أخطر وأهم الملفات والقضايا على طاولة الحوار الوطني لمناقشتها وبحثها وتبادل الرؤى بشأنها لبلورة رؤية شاملة عنها تتضمن طرح توصيات وحلول لكل قضية.
القيادة السياسية تولي ثقة كبيرة في الحوار الوطني، لذلك يتم طرح ملفات حساسة ومهمة للمناقشة داخل لجان الحوار الوطني، منها ملفات وقضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية، ومؤخرا كان قد تم توجيه الحوار الوطني إلى مناقشة ملف الدعم ومقترحات التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، وكذلك ملف الأمن القومي وآليات الحفاظ على الأمن القومي المصري في ظل التحديات الجسيمة وتطورات الأوضاع الإقليمية والجيوسياسية في المنطقة.
وفي اللقاء الأخير منذ أيام قليلة للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مع المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، لاستعراض عدد من الملفات المهمة لمناقشتها عبر آلية الحوار الوطني، أكد رئيس الوزراء أن الهدف من هذا اللقاء يتمثل في تفعيل آلية الحوار الوطني حول ملفين مهمين، يناقش الملف الأول مستقبل المنطقة في ظل الأحداث الحالية، وموقف الدولة المصرية مع الأطراف المختلفة، وذلك في ضوء المتغيرات السياسية المتلاحقة، والخطوات المطلوبة لدرء المخاطر عن الدولة المصرية، والعمل على تخطي هذه التحديات، وكيفية تأمين مصالحنا الوطنية في ظل هذه التحديات.
هذا الملف من أهم الملفات المطروحة أمام الحوار الوطني حاليا في ظل التطور السريع للأحداث في المنطقة واشتعال الأزمات وما يترتب عليها من تحديات خطيرة، وطرحه للمناقشة يعكس تقدير الحكومة لآلية الحوار الوطني، التي تجمع نخبة متميزة من أصحاب الخبرات ورجال الفكر، والمتخصصين في مختلف القطاعات، ورغم اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم السياسية، بل والاقتصادية، فإنهم يجتمعون ويتفقون على القضايا والأولويات الوطنية.
الفترة الماضية شهدت اهتماما كبيرا داخل الحوار الوطني بمناقشة قضايا الأمن القومي والسياسة الخارجية، وناقش الحوار باستفاضة التصاعد المطرد في الأحداث، واستمرار الصراع في المنطقة واتساعه بشدة مؤخرا مما يهدد الأمن والاستقرار في كل المنطقة، وأهمية دعم موقف الدولة الثابت مما يجري من تصعيد خطير في المنطقة، والمساهمة بكل السبل في تعزيز الأمن القومي والمصالح العليا الثابتة للدولة، مما يساعد على حفظ الأمن القومي المصري، ويدعم مقومات الأمن القومي العربي.
أرى أن هذا الملف غاية في الأهمية وأن أعضاء «الحوار الوطني» سيكون لهم دورا مهما في طرح رؤى وتصورات تثري الحلول المطروحة لمواجهة هذه التحديات، ونُقدر تمامًا آلية الحوار الوطني ومناقشتها هذا الملف، ونُدرك أهمية إثراء هذا النقاش، خاصةً في ظل هذه الفترة شديدة الحساسية التي يشهد فيها العالم تحديات غير مسبوقة.
وحيث إن الحوار الوطني يضم نحو 65 حزباً، وممثلي المجتمع المدني من أحزاب ونقابات ومؤسسات وغيرها، فمن المهم أن تتبلور رؤية من خلال الاستماع إلى وجهات النظر المختلفة حول موقف الدولة المصرية وآليات مواجهة التحديات الخطيرة الناتجة عن تسارع وتطور الأحداث والأزمات الإقليمية في المنطقة.
فالجميع يدرك حجم التحديات المُحيطة بنا حاليًا، ومن المهم التكاتف والتعاون من أجل تقوية دعائم الوضع الداخلي؛ حتى نستطيع مواجهة التحديات الخارجية، وأهمية تماسك الجبهة الداخلية، ودعم موقف الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية ودعمها ورفض مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو غيرها، وموقف الدولة من مختلف القضايا في المنطقة، خاصة أن هناك تحديات خارجية وإقليمية تواجه الدولة المصرية، في ظل أن مصر دولة محورية في المنطقة، وهى الكتلة الحرجة في المنطقة، وفاعل مهم في الأحداث بالمنطقة، ويجب التأكيد على أهمية تعزيز الوعي لدى المواطنين بخطورة المخاطر التي تحيط بنا من الخارج، حيث إن التحدي الذي تواجهه الدولة المصرية الآن يُعد من أخطر التحديات التي واجهتها تاريخياً، فمن الضروري مناقشة قضايا المنطقة وانعكاساتها على الأمن القومي المصري، وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز المشاركة المجتمعية وتوسيع النقاش حول التحديات الراهنة.