قانون التصالح: 5 سنوات صفر

قانون التصالح: 5 سنوات صفر

فى مثل هذه الأيام منذ 5 سنوات، صدر قانون التصالح فى مخالفات البناء وتقنين الأوضاع فى القرى والمدن والنجوع والعزب. وعندما صدر القانون، استبشر المصريون خيرًا بأن أزمة السكن، خصوصًا فى القرى التى ليس لها ظهير صحراوي، سوف تنتهي. ومنذ صدور القانون ودخوله حيز التنفيذ، وإنشاء ما يسمى بالمراكز التكنولوجية فى المدن والمحافظات المنوط بها تلقى طلبات التصالح والتقنين، شهدت هذه المراكز إقبالًا من المواطنين الذين يريدون التصالح وتقنين أوضاعهم وسداد المبالغ التى حددتها الحكومة، لكنهم اصطدموا أولًا بالإجراءات الروتينية وتحضير الملف واستخراج الأوراق والتصاريح، وطبعًا كل خطوة من هذه الخطوات بسداد أموال وأموال كبيرة، وهيئات ليس لها علاقة بالملف تم إدخالها فيه حتى «تسترزق» برضه من هؤلاء المخالفين «المجرمين»!!

وكل أسبوع نرى اجتماعات من المحافظين ونوابهم ووزارة التنمية المحلية مع المسئولين عن هذه المراكز، وكل هؤلاء يشددون على سرعة إنهاء الملفات وإصدار قرارات التصالح وتشجيع المواطنين على الإقبال، ونشاهد صورًا لمحافظ يجلس وسط المركز ويزعم أنه يتابع طلبات الناس، وآخر يجتمع أسبوعيًا. ورأينا كبار وصغار المسئولين يتحدثون فى الملف، وما يعلنون عنه من تسهيلات لتشجيع المواطنين للإقبال على التصالح، لكنه كلام فقط لا غير.

5 سنوات كانت كفيلة بإنهاء هذه المشكلة المزمنة ودخول خزينة الدولة مليارات الجنيهات، وأن يتم الاستفادة من المراكز التكنولوجية فى أعمال أخرى، لكن نتيجة هذا القانون وهذه التكاليف حتى الآن صفر. الأزمة قائمة، والتصالح لم يتم إلا فى أقل القليل. الروتين والمخاوف وتدخل جهات غير معنية بالأمر يعطل الأمور، طبعًا بجانب الاشتراطات المطلوبة التى تصيب من يقوم بها بالدوار من كثرة السير فى أدابير الحكومة وروتينها.

لأن الحكومة لم تكن لديها نية للتصالح، فتجاهلت الملف على مدار 5 سنوات، ولم نر بيانًا للحكومة يذكر لنا كم طلبا تم الانتهاء منه وتسليم المواطنين صك التصالح، وكم العائد من هذا القانون، وما هى أكثر محافظة إنجازًا على مستوى الجمهورية وأقلها.

ولأن الأرقام صادمة، التزمت الحكومة الصمت، وحتى البرلمان بلجنة الإدارة المحلية المسئولة عن مراقبة تنفيذ القانون صمتت، ولم يتقدم أى عضو بطلب أو سؤال يسأل عن نتيجة 5 سنوات من تطبيق القانون فى مختلف محافظات الجمهورية.

فهذه الحالة من الغموض شككت الناس فى جدية القانون وعزفوا عن التقدم بطلبات، وزادت عمليات البناء المخالف فى الأراضى الزراعية بصورة أكثر مما كانت عليه قبل القانون، وأمواج الإزالة التى تدعى الحكومة بأنها تقوم بها هى محاولة لتجميل صورتها أمام القيادة السياسية.

عدم الإفصاح عن نتائج المبادرة وقانونها الذى تم تعديله فى محاولة لتبسيط الإجراءات أدى إلى نتائج عكسية وعودة فقدان الثقة فى الحكومة وأجهزتها، لأنه يمس ملفًا حساسًا لدى المواطن الذى يسكن فى أرض ملك له، ولكنه بنى مخالفًا لقانون الأراضى الزراعية.

الحكومة مطالبة الآن بأن تعلن بمناسبة مرور 5 سنوات نتائج تطبيق هذا القانون، وكم طلبا قُدِّم، وكم موافقة تمت، وما هى أكثر المحافظات استجابة وأقلها، حتى يعلم المواطن أن الحكومة جادة فى الملف، وليس كما يقال تريد جمع معلومات عن المنازل والمبانى المخالفة حتى تقوم بإزالتها.