دراسة تكشف عوامل الخطر التي لايعرفها الكثيرون للإصابة بالخرف

توصل باحثون في جامعة هارفارد إلى أن الإصابة بالخرف ليست بالضرورة نتيجة حتمية للتقدم في العمر، بل يمكن الوقاية منها عبر معالجة مجموعة من عوامل الخطر القابلة للتعديل.
وتقدم الدراسة التي نُشرت مؤخرًا، رؤية شاملة حول 17 سببًا محتملًا للخرف والسكتة الدماغية والاكتئاب في أواخر العمر، 3 أمراض متشابكة تصيب الدماغ وتؤثر على ملايين البشر حول العالم.
من نمط الحياة إلى الصحة النفسية… كل التفاصيل مهمة
حلل الباحثون في مستشفى بريغهام التابع لهارفارد 37 دراسة علمية، ووجدوا أن عوامل مثل ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكلى، وتعاطي الكحول، والنظام الغذائي، والنوم، والتدخين، وفقدان السمع، تُعد من بين الأسباب القابلة للتعديل التي ترتبط بمرضين على الأقل من الثلاثة.
عوامل غير متوقعة تؤثر في صحة الدماغ
ولفتت الدراسة الانتباه إلى جوانب غالبًا ما يتم إغفالها، مثل جودة السمع، الرضا عن الحياة، الحساسية تجاه الألم، والمشاركة الاجتماعية. هذه العوامل – رغم بساطتها الظاهرة – ترتبط بتغييرات حيوية في الدماغ قد تسهم في تسارع الإصابة بالخرف أو تزيد من خطر الاكتئاب والسكتة الدماغية.
ضغط الدم وأمراض الكلى… في صدارة القائمة
كان لارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى التأثير الأكبر ضمن العوامل المحددة. ارتفاع ضغط الدم، مثلًا، يتلف الأوعية الدموية في الدماغ ويقلل تدفق الدم، مما يؤدي إلى تراجع الإدراك والخرف.
أما أمراض الكلى، فبسبب تراكم السموم في الجسم، تضر خلايا الدماغ وتزيد من احتمالية الإصابة باضطرابات معرفية حادة.
النشاط الجسدي والعقلي… خط دفاع أول
أظهرت النتائج أن التمارين البدنية والأنشطة الذهنية الترفيهية مثل حل الألغاز تقلل من خطر الإصابة، رغم أن الباحثين أشاروا إلى احتمال أن يكون هذا الترابط ناتجًا عن أن الأشخاص المصابين بالخرف لا يستطيعون أداء هذه الأنشطة بشكل طبيعي، وليس بالضرورة أن تكون هي السبب في الوقاية.
دور السعادة والمعنى في الحياة
كما كانت العوامل النفسية حاضرة بقوة، فوجود شعور بالهدف في الحياة وجودة الحياة عمومًا ارتبطا بانخفاض خطر الإصابة بالخرف والاكتئاب.
وتشير الأدلة إلى أن هذه الحالة النفسية قد تحمي الدماغ من التغيرات العصبية السلبية، مثل تلف الخلايا وتراكم البروتينات السامة.
فقدان السمع… خطر صامت
وكان واحد من أكثر العوامل التي تم تجاهلها تاريخيًا هو فقدان السمع، والذي تبين أنه يؤدي إلى إجهاد إدراكي ويقلل من التفاعل الاجتماعي، وهو ما يضع ضغطًا زائدًا على الدماغ ويُضاعف خطر الإصابة بالخرف والاكتئاب.
الألم المزمن والدماغ
كما أوضحت الدراسة أن الألم المزمن ليس مجرد معاناة جسدية، بل قد يؤثر على مناطق معينة في الدماغ، ما يؤدي إلى تدهور الإدراك وزيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
فرصة للوقاية الجماعية
وأكد الدكتور جاسبر سينف، المؤلف الرئيسي للدراسة، أكد أن هذه النتائج تمثل فرصة حقيقية للوقاية، ليس فقط من مرض واحد، بل من ثلاثة أمراض عصبية رئيسية تصيب كبار السن. وأوضح أن معالجة هذه العوامل سيسهم في خفض عبء الأمراض العصبية المرتبطة بالعمر بشكل جماعي.
رسالة وقائية لا تزال قيد الدراسة
رغم الطابع الواعد للدراسة، شدد الباحثون على أن النتائج لا تثبت علاقة سببية مباشرة، بل تُظهر روابط قوية تستدعي مزيدًا من البحث والتجريب.