محلل: جميع الأطراف يدعمون مطالبات اللامركزية في سوريا

محلل: جميع الأطراف يدعمون مطالبات اللامركزية في سوريا

قال المحلل السياسي المهتم بالشأن السوري زكي الدروبي: إن الثورة السورية انتصرت على نظام الأسد أواخر العام الماضي، وتحققت إرادة الشعب في التحول السياسي ونيل الحرية التي كانت مسلوبة منه في حين أن التحديات ما زالت كبيرة في وجه الإدارة السورية الجديدة، ولعل من أبرزها مسألة إعادة توحيد البلاد وبسط سيطرة الدولة على كامل أجزائها، خصوصاً على المنطقة الشمالية الشرقية التي لا تزال تحت سيطرة الإدارة الكردية الذاتية وقواتها المسماة بقوات سوريا الديمقراطية.

محلل: الثروة النفطية في سوريا تتركز بشكل أساسي في المناطق الشرقية من البلاد
وأضاف أن الثروة النفطية في سوريا تتركز بشكل أساسي في المناطق الشرقية من البلاد، وبالأخص في محافظتي دير الزور والحسكة، وقد استولى تنظيم داعش الإرهابي على مساحات شاسعة من حقول النفط السورية خلال ذروة توسعه الإقليمي، بعد فترة قصيرة من إنطلاق الثورة السورية في العام 2011، إلا أن قوات سوريا الديمقراطية بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تمكنت من تحرير هذه المناطق واستعادة السيطرة عليها.

وتابع المحلل، أن البيانات تشير إلى أن قسد تسيطر حاليا على ما يقارب 80% من إجمالي الإنتاج النفطي السوري، بما في ذلك الحقول الاستراتيجية الكبرى، والتي شكلت على مدى عقود طويلة عصب الاقتصاد السوري ومصدرا رئيسيا للدخل القومي، على عكس الحالة في الوقت الراهن، وتعد هذه  السيطرة على موارد النفط ورقة تفاوضية بالغة الأهمية في يد قسد خلال محادثاتها مع الحكومة السورية، وتعزز من استقلاليتها النسبية عن السلطة المركزية في دمشق.

وأشار إلى أن وكالة رويترز نقلت عن المسؤول في الإدارة الذاتية الكردية بدران جياكرد، تأكيده أن أكراد سوريا سيطالبون بنظام اتحادي يضمن لهم الحكم الذاتي في إطار دولة لا مركزية خاصة وأن جميع القوى السياسية الكردية في سوريا اتفقت على رؤية مشتركة حول شكل الحكم وهوية الدولة وحقوق الكرد مع ضرورة إقامة نظام اتحادي برلماني تعددي ديمقراطي.

وأضاف أن تحقيق هذا الهدف يتطلب الحفاظ على الخصوصية الإدارية والسياسية والثقافية لكل منطقة عبر إنشاء مجالس محلية تشريعية وهيئات تنفيذية لإدارة شؤون الأقاليم، مع وجود قوات أمنية داخلية تابعة لكل إقليم، مؤكدا على ضرورة تحديد هذه الترتيبات في الإطار الدستوري.

واستطرد أن هذه المرة الأولى التي يعلن فيها مسؤول في الإدارة الذاتية الكردية عن هذا الهدف بشكل صريح منذ توافق الأحزاب الكردية عليه الشهر الماضي، حيث شارك في الاجتماع ممثلون عن حزب الاتحاد الديمقراطي وهو الجناح السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية المكون الرئيسي لقسد والمجلس الوطني الكردي. 

وأكد المحلل، أن تصريح المسئول الكردي يأتي متعارضا مع إعلان سابق لرئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع، والذي أكد فيه معارضته للنظام الاتحادي وقال إنه لا يحظى بقبول شعبي ولا يصب في مصلحة سوريا.

وأوضح أن الأكراد لا يزالون يحلمون بالاستقلال، وبالتالي على السوريين الحذر من تحركات الإدارة الذاتية المشكوك بها، خصوصا وأنهم مستقلون نوعاً ما ذاتيا ولهم مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة بالمحاصيل الاستراتيجية كالقمح، إضافة الى حقول النفط والغاز السوري.

وقال إن الأكراد وضعوا يدهم بيد الأمريكيين والبريطانيين، في وجه الإدارة السورية الجديدة وشقيقتها الأكبر تركيا، حيث لا تزال تشكل تهديدا مصيريا للأكراد، لأنها تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية تهديدا لأمنها القومي، وتسعى للتخلص منها، وهو ما تؤكده الاشتباكات المتواترة بين قسد وقوات الجيش الوطني المدعوم من قبل الدولة التركية، والتي راح ضحيتها الكثير من الطرفين.

وأكد زكي الدروبي، أن الدعم البريطاني لقسد تتزايد وتيرته، إلى جانب الدعم الأمريكي التاريخي لها، مشيرا إلى وجود معلومات مؤكدة عن حصول مقاتلي قسد على دعم استخباراتي أجنبي كبير ساعدهم في الصمود أمام الهجمات التركية والفصائل الموالية لها.

وأوضح أن بريطانيا تعمل مع الأمريكيين، ودعمهما لقسد يفشل الخطط التركية لمواجهتها وأن لبريطانيا أطماع في النفط السوري وهي اليوم تعمل مع الإدارة الذاتية على ضمانها إلى جانب الأمريكيين الذين يملكون عشرات القواعد العسكرية، التي تشكل طوقا يحيط بمنابع النفط والغاز السوري.

وأشار إلى تسليم قسد القطاع 26 النفطي شمال شرقي البلاد للقوات العسكرية البريطانية، حيث أصدرت قسد أمراً رسمياً بتسليم القطاع المذكور للعسكريين التابعين للشركة البريطانية العسكرية والأمنية الخاصة “إيجيس للخدمات الدفاعية”، فيما تملك شركة “جلف ساندز بتروليوم” البريطانية حصة تشغيلية تبلغ 50% في حقلين نفطيين في القطاع 26 بسوريا، في شمال شرقي البلاد بالقرب من الحدود مع العراق.

وقال المحلل السياسي: إنه بربط تسليم قسد قطاعا نفطيا للبريطانيين وتصريح المسؤول في الإدارة الذاتية الكردية المتعلق باللامركزية فلن يعود الأكراد إلى كنف الدولة السورية عما قريب وأن جميع خطواتهم وإن كانت في سياق الإندماج ظاهرياً إلا أنها مجرد خطوات لكسب الوقت وللمماطلة في تسليم المناطق للإدارة السورية الجديدة، ووجود قسد في سوريا والدعم المقدم من الأمريكيين والبريطانيين لها يشكل أكبر تحدي للإدارة السورية الجديدة ولتركيا.