الغضب المكبوت وأمراض المناعة الذاتية: هل الصمت يضر بصحة المرأة؟

الغضب المكبوت وأمراض المناعة الذاتية: هل الصمت يضر بصحة المرأة؟

تُظهر الإحصاءات الطبية أن المرأة تمثل ما يقارب 80% من معدلات الإصابة بأمراض المناعة الذاتية، كما أنها أكثر عرضة للقلق، واضطرابات ما بعد الصدمة، وفقدان الشهية. 

وسط هذا المشهد المقلق، تطرح تساؤلات جديدة نفسها: هل السبب بيولوجي فقط؟ أم أن هناك عوامل نفسية ــ تحديدًا الغضب المكبوت ــ تلعب دورًا لا يُستهان به في تدهور صحة المرأة؟
وفي مجتمعات كثيرة، تتعلم المرأة كبح الغضب والتضحية براحة النفس من أجل الحفاظ على السلام. الغضب، غالبًا ما يُنظر إليه كمشاعر “غير أنثوية”، يُكبت ويُدفن. لكن ماذا لو لم يختفِ هذا الغضب؟ ماذا لو أعاد تشكيل نفسه في صورة ألم جسدي مزمن، أو خلل في المناعة، أو تعب لا تفسير له؟

حكايات من الجسد: حين يتحدث الألم باسم الغضب
وبحسب صحيفة “اندبيدنت” البريطانية، تعاني سارة، البالغة من العمر 37 من لندن، من فقر دم خبيث ومتلازمة الألم العضلي الليفي بعد سلسلة من الصدمات العاطفية. 

وقالت سارة: “لم يكن للغضب مكان، فاستقر في جسدي”، لذا لجأت إلى الرقص والتنفس العميق والتدليك للتنفيس عنه، وتُلاحظ اليوم كيف يساعدها ذلك في تقليل الأعراض.

ديلي، 29 عامًا، تعيش مع التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو، ولم تكن تدرك أن جسدها ينذرها منذ سنوات. “كتمت مشاعري كثيرًا، وأشعر أن ذلك كان له ثمن”. تجربتها الشخصية تعزز فكرة أن المشاعر، حين لا يُعبر عنها، تتحول إلى أمراض.

العلم يُقارب الجسد والنفس

تشير أبحاث متزايدة إلى أن كبت الغضب لا يمر دون أثر فسيولوجي، وأكدت الدكتورة جولين برايتن، أخصائية الغدد الصماء، أن الغضب يؤدي إلى خلل في الجهاز المناعي والتهابات مزمنة. 

وتُحذر الدكتورة سولا ويندجاسن من قلة الدراسات المخصصة لهذه العلاقة، تُشير إلى أن علم المناعة العصبية النفسية يُثبت ترابط المشاعر بالصحة الجسدية.

ما الذي يحدث داخل الجسد؟

عند كبت الغضب، يُنشّط الدماغ مناطق مسؤولة عن السيطرة، بينما تُقلّل مراكز معالجة المشاعر مثل “اللوزة الدماغية” من نشاطها. 

وتكون النتيجة هي زيادة في إفراز هرمون الكورتيزول لدى المرأة، ما يؤدي إلى خلل في جهاز المناعة، ويضعف الكورتيزول الاستجابة المناعية أو يُفرط في تنشيطها، مسببًا التهابات مزمنة.

التعبير العاطفي: وقاية قبل أن يكون علاجًا
ويجمع الخبراء على أهمية فتح قنوات صحية لتصريف الغضب لدى المرأة، بداية من كتابة اليوميات، إلى العلاج النفسي، مرورًا بالتمارين الجسدية واليقظة الذهنية، كلها أدوات تساعد على تفريغ الضغط العاطفي بطرق بنّاءة. 

كما أن وضع الحدود، وتعلُّم قول “لا”، والتواصل الحازم يمكن أن تُشكّل درعًا ضد الأمراض المرتبطة بالتوتر.