عامل باليومية صباحا ولاعب طائرة مساء.. نجم الاتحاد يواجه الحياة بكفّين من العطاء

فى صمت الفجر، وقبل أن تفتح الحياة عينيها، يخرج يحيى شعبان بخطى ثابتة وقلبٍ مثقل بالهموم، حاملاً على كتفيه أحلامًا لا تعرف الكسل، ومسئوليات تثقل الجبال.
يحيى، لاعب فريق الكرة الطائرة بنادي الاتحاد السكندري، لا يعرف رفاهية الراحة. فعلى الرغم من أنه أحد الأعمدة الأساسية لفريقه، وحقق إنجازًا بوصوله إلى نصف نهائي بطولة الكرة الشاطئية، إلا أن ما تخفيه كواليس حياته يستحق أن يُروى، ويُحتفى به كنموذج إنساني نادر.
هو أب، وزوج، وعمود بيت صغير تقف عليه طفلة تعاني من مشاكل صحية تتطلب رعاية خاصة.. وأدوية لا تنتظر.. وعيون صغيرة لا تفهم لماذا تتأخر ابتسامة أبيها.
يحيى لا ينتظر عقودًا بملايين، ولا عدسات الإعلام، لكنه ينتظر الشمس كل يوم من وراء غيوم الكدّ والتعب، ينزل من منزله قبل السادسة صباحًا، ويعمل في جمع الفاكهة بأحد الحقول مقابل 200 جنيه في اليوم، يتصبب عرقًا بين الصناديق، تتخشب يداه من كثرة الحمل، لكنه لا يكلّ ولا يشتكي.
من السادسة حتى الثانية عشرة ظهرًا، يعيش يحيى حياة العامل الكادح، الذي يحفر في الأرض بيدٍ، ويزرع الأمل في قلب طفلته باليد الأخرى، ثم، ومن دون راحة، يبدّل ثيابه ويأخذ طريقه إلى نادي الاتحاد، حيث يعود لاعبًا محترفًا، يخدم ناديه بشرف، ويقاتل في الملعب بنفس الروح التي يقاتل بها في معركة الحياة. يحيى شعبان ليس مجرد لاعب. هو قصة كفاح مكتملة الأركان، هو صوت كل رياضي لم تحمله الأضواء، لكن حمله الإصرار، وفي زمن تُقاس فيه النجومية بعدد المتابعين، يحيى يُقاس بنبض طفلته، وبعرق جبينه، وبصموده اليومي.
هذه ليست حكاية عابرة، بل مرآة للواقع، ورسالة، مفادها أن خلف كل إنجاز رياضي هناك إنسان يقاتل في صمت.. وأن الأبطال الحقيقيين قد يكونون أولئك الذين لا تراهم الكاميرات، لكن تراهم القلوب.