استعداداً لمواجهة “التحديات القادمة”: تدابير استباقية من الحكومة لضمان استدامة الاقتصاد المصري

استعداداً لمواجهة “التحديات القادمة”: تدابير استباقية من الحكومة لضمان استدامة الاقتصاد المصري

في ظل تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية بالمنطقة، لا سيما عقب التصعيد العسكري الأخير بين إيران وإسرائيل، وضعت الحكومة المصرية حزمة من الإجراءات الاستباقية التي تهدف لحماية الاقتصاد المصري وضمان استقراره في مواجهة أي تداعيات محتملة.

 استعدادًا لمواجهة “الأيام الصعبة”

وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تتابع التطورات الجارية عن كثب، موضحًا أن هناك استعدادًا لمواجهة ما وصفه بـ”الأيام الصعبة”، وذلك من خلال خطط تشمل تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني، والحفاظ على توافر السلع والخدمات الأساسية للمواطنين.

وأشار مدبولي إلى أن مصر تدين التوتر القائم في المنطقة، محذرًا من تأثير استمرار هذا الصراع على استقرار الشرق الأوسط بأكمله. ورغم ما يمر به العالم من تحديات، فقد أظهرت مؤشرات الاقتصاد المصري صمودًا ملحوظًا، وفقًا لتقارير رسمية ودولية.

مؤشرات إيجابية وسط التحديات

كما قال رئيس الوزراء إن الناتج المحلي الإجمالي حقق نموًا حقيقيًا بلغ 4.3% في الربع الثاني من العام المالي الجاري، مؤكدًا أن هذه النتائج جاءت مدعومة بثقة مؤسسات التمويل الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، واللتين أشادتا ببرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطبقه الدولة.

وأوضح أن الاستثمارات الخاصة تجاوزت 50% من إجمالي الاستثمارات، وارتفعت الصادرات غير البترولية بنسبة 33% خلال الأشهر التسعة الأخيرة، وانخفض معدل البطالة إلى 6.3%، بينما تراجع العجز المالي إلى 6.5%، وتسعى الحكومة إلى تقليص الدين العام إلى ما بين 85% و87% من الناتج المحلي.

الحكومة تعلن وثيقة “سياسة ملكية الدولة”

وأبرز مدبولي أن القطاع الخاص يمثل المحرك الأساسي للنمو في مصر، إذ يسهم بأكثر من 70% من الناتج المحلي، ويوفر أكثر من 80% من فرص العمل. وأكد أن الدولة أنفقت استثمارات ضخمة على البنية التحتية خلال السنوات الأخيرة، شملت الطرق، الكهرباء، والموانئ والمطارات، لتهيئة بيئة أعمال تنافسية تشجع القطاع الخاص على قيادة التنمية.

ولتحقيق هذا الهدف، أعلنت الحكومة وثيقة “سياسة ملكية الدولة” التي تنظم تدخل الدولة في الأنشطة الاقتصادية، وتدعم الشفافية والمنافسة، كما تسمح بطرح حصص من شركات حكومية أمام القطاع الخاص والمستثمرين الاستراتيجيين.

ضبط الإنفاق وتحديث المنظومة الاقتصادية

واتخذت الحكومة إجراءات لضبط الإنفاق العام، ضمن خطوات الإصلاح، وجعلتها أولوية لاستكمال المشروعات التي تم تنفيذ أكثر من 70% منها، لفسح المجال أمام استثمارات القطاع الخاص. كما أصدرت “الرخصة الذهبية” لتسهيل الإجراءات الاستثمارية، وطورت المنظومة الضريبية لتكون أكثر عدالة وشمولًا.

وشملت الإصلاحات أيضًا تحديث التشريعات، وتقليص الرسوم غير الضريبية على المستثمرين، وتعزيز الحوكمة والشفافية في المؤسسات الاقتصادية، بما يرسّخ مناخًا جاذبًا للاستثمار.

دعم دولي وتمويلات تاريخية للقطاع الخاص

أكد مدبولي على أهمية الشراكة مع المؤسسات الدولية، التي قدمت الدعم المالي والفني اللازم لتنفيذ الإصلاحات، وساعدت على إدماج الاقتصاد غير الرسمي، خاصة مشروعات المرأة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وسجّل عام 2024 تمويلات تنموية قياسية للقطاع الخاص تجاوزت 4.2 مليار دولار، من إجمالي 15.6 مليار دولار منذ عام 2020.

كما يجري التعاون مع مؤسسة التمويل الدولية للمساهمة في برامج الطروحات الحكومية وتطوير المطارات، وهو ما يُتوقع أن يعزز الاستثمارات الأجنبية ويزيد من جاذبية مصر السياحية.

إجراءات استباقية لضمان استمرارية إمدادات الكهرباء

وفيما يخص تأمين احتياجات الطاقة خلال فصل الصيف، اتخذت الحكومة إجراءات استباقية لضمان استمرارية إمدادات الكهرباء، من خلال استيراد سفن غاز مسال إضافية، ودعا رئيس الوزراء المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك لدعم الاستقرار الطاقي.

وفيما يتعلق بالأمن الغذائي، طمأن مدبولي المواطنين بتوافر احتياطي استراتيجي من السلع يكفي لعدة أشهر، حيث يكفي القمح لمدة 6 أشهر، والسكر والأرز لـ12 شهرًا، والزيوت لـ4 أشهر، بينما يتوفر مخزون من اللحوم والدواجن لمدة عام كامل.

مستقبل أكثر استدامة

وشدد رئيس الوزراء على أن جميع هذه الإجراءات تصب في بناء اقتصاد أكثر استدامة وتنافسية، يستند إلى شراكة فعالة بين الدولة والقطاع الخاص، ويدعمه تعاون وثيق مع المؤسسات الدولية. وتهدف الحكومة من خلال هذه الاستراتيجية إلى تعزيز مكانة مصر كوجهة استثمارية رائدة في المنطقة، وتحقيق نمو اقتصادي متوازن ينعكس إيجابًا على حياة المواطنين.