العد التنازلي بدأ.. 6 أشهر حاسمة من عمليات الإصلاح الاقتصادي ستغير شكل مصر

العد التنازلي بدأ.. 6 أشهر حاسمة من عمليات الإصلاح الاقتصادي ستغير شكل مصر

في ظل تحديات اقتصادية عالمية ومحلية معقدة، تواصل مصر مسيرتها نحو الإصلاح الاقتصادي، حيث أعلن المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في لقاء مع الإعلامية لميس الحديدي، أن الفترة المقبلة ستشهد ستة أشهر حاسمة لتسريع تنفيذ عمليات الإصلاح الهيكلي.

وقال الخطيب: “لدينا فترة 6 أشهر للإسراع في تنفيذ عمليات الإصلاح الهيكلي، والدولة لديها نية واضحة للتخارج من النشاط الاقتصادي عبر وثيقة سياسة ملكية الدولة”، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تهدف إلى تعزيز الثقة في الاقتصاد المصري وجذب المزيد من الاستثمارات.

والسؤال الذي قد يسعى الكثيرون لمعرفته، ما الذي تحقق خلال الفترة الماضية؟ وماذا ينتظر مصر في الأفق؟، وهو ما نستعرضه في هذا التقرير، من بانكير.

إنجازات الإصلاح الاقتصادي في مصر

وعلى مدار الأشهر الماضية، حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في مسار الإصلاح الاقتصادي، ووفقًا لتصريحات رسمية، نجحت مصر في جذب استثمارات أجنبية مباشرة بلغت 46.6 مليار دولار خلال عام 2024، وهو رقم يعكس تزايد ثقة المستثمرين في السوق المصرية.

وكانت صفقة رأس الحكمة ومشروعات الهيدروجين الأخضر من أبرز العوامل التي ساهمت في هذا الإنجاز، حيث تجاوزت التوقعات التي كانت تتراوح بين 10 إلى 12 مليار دولار فقط.

وعلى صعيد السياسات النقدية، أدت مرونة سعر الصرف إلى تعزيز تنافسية الصادرات المصرية، وهو ما أكده الخطيب خلال حديثه مع الحديدي، مشيرًا إلى أن الصادرات تمثل حاليًا 10% من الناتج القومي، مع طموحات لمضاعفتها ثلاث مرات بحلول 2030 لتصل إلى 145 مليار دولار.

كما شهدت السياسة المالية إصلاحات جذرية، حيث يعمل وزير المالية على تحسين العلاقة بين الممول ومصلحة الضرائب، مع مناقشات لتعديل آليات المساهمة التكافلية لتحقيق العدالة الضريبية.

من ناحية أخرى، تسعى مصر إلى تقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى تعزيز مشاركة القطاع الخاص.

وفي هذا السياق، أشار الخطيب إلى خطة لإطلاق منصة إلكترونية خلال شهرين لتسهيل إصدار التراخيص للمستثمرين، مما يقلل من التعقيدات البيروقراطية التي تواجهها 389 ترخيصًا مطلوبًا في مختلف القطاعات.

مستقبل الاقتصاد المصري

تحديات تواجه الإصلاحات

ورغم هذه الإنجازات، تواجه مصر تحديات كبيرة، حيث يرى خبراء أن الاضطرابات العالمية، مثل انخفاض أسعار النفط، قد تؤثر على استثمارات دول الجوار، مما يتطلب سياسات نقدية ومالية ثابتة للحفاظ على جاذبية السوق المصرية.

وأشار الوزير الخطيب إلى أن “اللايقين” الذي يشعر به المستثمرون بسبب الضبابية الاقتصادية العالمية يتطلب تعزيز الشفافية والاستقرار في السياسات.

وعلى الصعيد الداخلي، يبقى التضخم أحد أكبر التحديات، حيث تسعى الحكومة إلى موازنة تحفيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على استقرار الأسعار.

مستقبل الاقتصاد المصري بعد ستة أشهر

وخلال الأشهر الستة المقبلة، ستكون مصر أمام فرصة لتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، والهدف الأساسي، كما أوضح الخطيب، هو خلق بيئة استثمارية مستقرة وتنافسية تدعم المواطن والمستثمر على حد سواء، ومن المتوقع أن تشمل الخطوات القادمة:

تعزيز دور القطاع الخاص: مع خطط لجعل 65% من الاستثمارات بحلول 2030 تأتي من القطاع الخاص، ستعمل الحكومة على تسريع عمليات الخصخصة وتسهيل الإجراءات للمستثمرين.زيادة الصادرات: من خلال تحسين تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية، مع استهداف أسواق جديدة في إفريقيا وآسيا.تطوير البنية التحتية الرقمية: إطلاق منصة التراخيص الإلكترونية سيعزز من كفاءة جذب الاستثمارات.دعم الحماية الاجتماعية: مع استمرار الحكومة في تطبيق برامج دعم نقدي تدريجي لتحل محل الدعم غير المستهدف، بهدف تخفيف الأعباء عن الفئات الأكثر احتياجًا.ماذا بعد الستة أشهر؟

وبعد انقضاء هذه الفترة الحاسمة، تتجه مصر نحو تغيير جذري في مشهدها الاقتصادي، حيث ستخرج من عنق الزجاجة الذي كبلها لسنوات، ومع تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية، وتعزيز دور القطاع الخاص، وزيادة تنافسية الصادرات، ستبدأ مصر في جني ثمار استقرار نقدي وسياسات مالية أكثر مرونة. 

ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد طفرة في الاستثمارات الأجنبية، مدعومة بمنصات رقمية مبسطة وشفافية أكبر، مما سيفتح آفاقًا جديدة للنمو، وهذا التحول لن يقتصر على الأرقام، بل سيلمسه المواطن عبر تحسين مستوى المعيشة وبرامج حماية اجتماعية أكثر استهدافًا، معلنًا بداية عهد جديد لاقتصاد مصري قوي ومستدام.

رؤية متفائلة

ويبدو أن مصر تقف على مفترق طرق اقتصادي، فبينما تعكس الأرقام الحالية نجاحًا ملحوظًا، مثل جذب استثمارات ضخمة وتحسين التصنيف الائتماني، إلا أن استمرار الإصلاحات يتطلب إرادة سياسية قوية وتنسيقًا بين الوزارات.

وتصريحات الخطيب تحمل في طياتهها رسالة واضحة، أن الوقت ليس في صالح التباطؤ، والأشهر الستة القادمة ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة مصر على تحويل التحديات إلى فرص.