بلومبرج: الذهب يتجه نحو 4000 دولار وسط انهيار محتمل للأصول الخطرة

بلومبرج: الذهب يتجه نحو 4000 دولار وسط انهيار محتمل للأصول الخطرة

قال مايك ماجلون، كبير محللي السلع في وحدة بلومبرج إنتليجنس، إن سعر الذهب قفز متجاوزا حاجز 3200 دولار للأونصة خلال الأيام القليلة الماضية، وقد لا تكون هذه إلا بداية لتحرك أكبر بكثير، قد يصل إلى 4000 دولار، في ظل تصدع الملاذات الآمنة التقليدية، وتراجع أداء البيتكوين، وتقلب سوق الأسهم الأمريكية عند تقييمات تاريخية مرتفعة للغاية، مضيفا أننا نشهد حاليًا بداية سوق هابطة في سوق الأسهم الأمريكية وتحولًا جذريًا يصب في مصلحة المعادن الثمينة.

وأضاف ماجلون: “نحن الآن بصدد تكوين قاعدة سعرية جيدة حول مستوى 3000 دولار”، وأضاف: “الذهب سيتجه نحو 4000 دولار، السؤال فقط هو متى”.

ارتفاع الذهب خلال 2025

وقفز الذهب بنحو 25% منذ بداية العام، مدعومًا بطلب قوي من البنوك المركزية، وتدفقات قوية على الصناديق المتداولة (ETF)، بالإضافة إلى تصاعد حالة عدم اليقين على المستوى الكلي. من جانبه، رفع مصرف جولدمان ساكس (NYSE:GS) توقعاته لسعر الذهب بنهاية العام إلى 3700 دولار، وأشار إلى أن المعدن قد يرتفع إلى 3900 دولار في حال حدوث تراجع اقتصادي.

التحول في تدفقات رؤوس الأموال بعيدًا عن الأصول المضاربة

وفقًا لماجلون، فإن قوة الذهب تعكس تحولات هيكلية عميقة في تدفقات رؤوس الأموال بعيدًا عن الأصول المضاربة. وصرّح: “الذهب هو الأغلى تاريخيًا مقارنةً بسوق السندات الأمريكية طويلة الأجل”، وأضاف أن هذا “يعكس حجم الديون المفرطة والانتقال نحو السياسات الحمائية (الرسوم الجمركية)، مما يخلق المزيد من التضخم”.

في الوقت الذي يحقق فيه الذهب مكاسب قوية، فإن البيتكوين والأسهم الأمريكية فقدتا الزخم. وأشار ماجلون إلى أن سوق الأسهم الأمريكية فقدت بالفعل نحو 6 تريليونات دولار من قيمتها السوقية هذا العام، وهو ما يعادل نصف المكاسب المحققة خلال 2023.

 وقال: “خسرنا هذا العام 6 تريليونات دولار من القيمة السوقية. كنا قد ارتفعنا بـ12 تريليونًا العام الماضي، وبالتالي استرجعنا نصف تلك المكاسب. كانت تلك أكبر موجة صعود في التاريخ، والآن نحن بصدد التراجع”.

أما البيتكوين، فقد يرى البعض أنه وصل إلى ذروته، خاصةً مع تراجع تدفقات الصناديق المتداولة المرتبطة به، وتدهور نسبة الذهب إلى البيتكوين. أوضح ماجلون: “النسبة حاليًا تبلغ حوالي 26. ونموذجا يشير إلى أنها ستتراجع دون القاع السابق البالغ 17 (من الربع الرابع) وستواصل الانخفاض”، مستشهدًا ببيانات من بلومبرج.

وأضاف: “البيتكوين لا يزال أصلًا مضاربيًا عالي التقلب… وهو بدأ يميل إلى الانخفاض. البعض يراه فرصة شراء عند التراجع، أما أنا فأقول على الأرجح لا”.

تعتمد بلومبرج إنتليجنس في السيناريو الأساسي لها على هبوط مؤشر ستاندرد أند بورز 500 إلى مستوى 4000 نقطة، أي بانخفاض يقارب 25% عن المستويات الحالية، في حال دخول الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود. وعلق ماجلون: “سوق الأسهم الأمريكية تقف حاليًا عند أعلى مستوى لها مقابل بقية أسواق العالم ومقابل الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي خلال قرن كامل. والآن هناك محفز لانعكاس هذا الوضع، وقد بدأ بالكاد”.

التضخم وتراجع تأثير “الثروة الورقية”

تشير توقعات التضخم لدى المستهلكين في الولايات المتحدة إلى اتجاه مقلق، حيث قفزت توقعات التضخم لسنة واحدة وفقًا لجامعة ميشيغان إلى 6.7% الأسبوع الماضي، وهي الأعلى منذ عام 1981، في وقت لا يزال فيه الاحتياطي الفيدرالي في حالة توقف. قال ماجلون: “لقد خلقنا قدرًا مفرطًا من السيولة… واحتفظ الفيدرالي بأسعار فائدة منخفضة لوقت طويل جدًا. لم يبدأ التشديد حتى الربع الأول من عام 2022، وبالتالي تأخر كثيرًا، ثم بالغ في التشديد”.

وفي ظل استمرار الفيدرالي في مواجهة التضخم المرتفع والعجز المتزايد، يرى ماجلون أن “تأثير الثروة الورقية” بدأ ينعكس الآن. وقال: “لقد تراجعنا بمقدار 6 تريليونات دولار هذا العام حتى الآن. هذا هو تأثير الثروة، وهو يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي. ربما يختلف الأمر هذه المرة، لكنني لا أعتقد ذلك”.

التقييمات المبالغ فيها للأسهم وتراجع عالمي

لفت ماجلون إلى أن تقييمات الأسهم الأمريكية مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي وبقية العالم تعاني من اختلال واضح. وقال: “لم يحدث في التاريخ سوى مرتين فقط أن تصل القيمة السوقية للأسهم إلى ضعف الناتج المحلي الإجمالي — في عام 1929 في الولايات المتحدة، وفي عام 1989 في اليابان. الآن نحن في عام 2025، وقد بلغنا ذلك المستوى مجددًا”.

وأضاف أن الإشارات العالمية للانكماش بدأت تتجلى بالفعل، خاصة من الصين وألمانيا. وأوضح: “عائد السندات الصينية لأجل 10 سنوات هو 1.66%. في حين أن نظيره الأمريكي يبلغ 4.4%. هذا الفارق الصارخ لا بد أن يتغير في مرحلة ما. أعتقد أن عوائد السندات الأمريكية ستتراجع إلى نطاق الـ2%، السؤال فقط متى؟ ربما هذا العام”.

الذهب ملاذ مفضل وسط اضطراب الأسواق

عندما سُئل عن الوجهة المناسبة لرأس المال في ظل فقدان الأسهم والسندات لجاذبيتها، كان رد ماجلون واضحًا: “الناس بدأوا يخرجون من الأسهم الأمريكية ويتجهون إلى شراء الذهب. ويمكنك رؤية ذلك بوضوح في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة، التي تسير صعودًا بشكل مباشر هذا العام”.

وبخصوص شركات تعدين الذهب، التي تأخرت عن مواكبة صعود أسعار الذهب، أقر ماجلون بوجود حالة من الإحباط لدى المستثمرين، لكنه يرى فرصًا للصعود إذا واصل الذهب ارتفاعه. وقال: “الذهب لا يزال هو المحرك الرئيسي لسوق المعادن الثمينة بأكملها. وإذا انهار مؤشر ستاندرد أند بورز 500، فقد تتغير السردية لتصب في مصلحة سندات الخزانة بدلًا من الذهب، لكننا لم نصل إلى تلك النقطة بعد”.