الصين تعمل بصمت لتغيير موازين القوة.. بكين تتحول من استهلاك النفط إلى ريادة الطاقة النظيفة

الصين تعمل بصمت لتغيير موازين القوة.. بكين تتحول من استهلاك النفط إلى ريادة الطاقة النظيفة

 تحولت الصين، في السنوات الأخيرة، إلى أحد اللاعبين الرئيسيين في مشهد الطاقة العالمي، وعلى الرغم من كونها ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، فإن جهودها في التحول إلى الطاقة النظيفة تثير الكثير من الاهتمام، وتدفع المتابعين إلى إعادة النظر في كيفية تأثير هذا التحول على أسواق الطاقة التقليدية والحديثة على حد سواء.. في هذا التقرير نكشف الخطة الصينية للسيطرة على الطاقة العالمية.

التراجع في استهلاك النفط

تُعد الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط عالميًا، إذ يُتوقع أن يصل استهلاكها إلى 16 مليون برميل يوميًا هذا العام، ولكن المستقبل القريب يحمل أخبارًا غير متوقعة؛ ففي غضون العقود القادمة، من المتوقع أن يتراجع هذا الرقم بشكل كبير ليصل إلى أقل من 5 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2060، وهذا التراجع في استهلاك النفط قد يبدو مقلقًا للبعض، ولكن الحقيقة هي أن الصين لا تراجع دورها في أسواق الطاقة، بل تُعيد توجيه هذا الدور ليواكب التحولات الكبرى في العالم.

استثمارات ضخمة في الطاقة النظيفة

في خطوة جريئة، استثمرت الصين ما يُقارب 940 مليار دولار في مجال التحول نحو الطاقة النظيفة، وهو رقم يتفوق على مجموع استثمارات الولايات المتحدة وأوروبا وكندا والهند مجتمعة، ولا يشمل هذا التحول  فقط التحوّل إلى الكهرباء والطاقة النظيفة، بل يمتد ليشمل مشاريع طاقة الرياح والطاقة الشمسية التي تعد الصين أكبر دولة مُنفذة لها. وتُظهر الأرقام أن عدد هذه المشاريع في الصين يتجاوز ضعف إجمالي المشاريع في باقي دول العالم، مما يعزز من موقعها الريادي في هذا المجال.

السيارات الكهربائية: الرائدة بلا منازع

إذا كان هناك قطاع آخر تسيطر عليه الصين بشكل حاسم، فهو سوق السيارات الكهربائية. الصين هي المنتج الأول عالميًا لهذا النوع من السيارات، حيث تمتلك حوالي 58% من حصة السوق العالمية، وما يجعل هذا الرقم أكثر أهمية هو أن الصين تستحوذ أيضًا على 60% من المعادن المستخدمة في تصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، وهي إحدى العوامل التي تساهم في تعزيز قوتها في هذا السوق الناشئ.

الطاقة الشمسية: هيمنة مطلقة

ومع الطموحات الصينية في مجال الطاقة النظيفة، لا يُمكن تجاهل هيمنتها على سلاسل تصنيع وحدات الطاقة الشمسية. الصين تستحوذ على حوالي 80% من سلاسل تصنيع هذه الوحدات على مستوى العالم، مما يمنحها ميزة غير مسبوقة في سوق الطاقة المتجددة.

اللاعب الأكبر في المستقبل

من الواضح أن الصين لا تقتصر على كونها لاعبًا مؤثرًا في أسواق الطاقة التقليدية فحسب، بل تُظهر استعدادًا قويًا لتصبح القوة المهيمنة في أسواق الطاقة النظيفة في المستقبل القريب، وهذا التوجه يتماشى مع رؤية الصين الطويلة المدى التي تهدف إلى الحد من انبعاثات الكربون وتعزيز الاستدامة البيئية.

بينما يواجه العالم تحديات كبيرة فيما يتعلق بتغير المناخ والانتقال إلى مصادر طاقة أكثر نظافة، تظل الصين هي الرائدة في هذا التحول في الوقت الذي يتراجع فيه اعتمادها على النفط، تزداد قدرتها على الهيمنة على أسواق الطاقة المتجددة، مما يطرح تساؤلات حول قدرة الدول الأخرى على مجاراة هذا التحول السريع.