50 مليار جنيه تمويلات بنهاية 2025.. كيف تدعم البنوك القطاع الزراعي في مصر؟

يُعد القطاع الزراعي في مصر ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، حيث يساهم بنحو 11% من الناتج المحلي الإجمالي ويوفر فرص عمل لما يقرب من 25% من القوى العاملة، وفقًا لتقديرات البنك المركزي المصري لعام 2023.
وفي ظل التحديات التي يواجهها هذا القطاع – مثل شح الموارد المائية، ارتفاع تكاليف الإنتاج، والتغيرات المناخية – برز دور البنوك كعامل حاسم في تمويل المزارعين ودعم مشروعات التنمية الزراعية.
ويستعرض هذا التقرير من بانكير، مساهمة البنوك المصرية في تحقيق طفرة اقتصادية في القطاع الزراعي، مع تسليط الضوء على الدعم والخدمات التي يقدمها لدعم القطاع الزراعي والمزارعين من أجل تحقيق نهضة تنموية في هذا القطاع.
البنك الزراعي المصري.. محرك التنمية الريفية
يتصدر البنك الزراعي المصري – الذي تأسس عام 1931 – قائمة المؤسسات المالية الداعمة للقطاع الزراعي في مصر، فوفقًا لأحدث التقارير الرسمية لعام 2023، بلغت محفظة الائتمان بالبنك 78.826 مليار جنيه، بنمو سنوي قدره 23% مقارنة بعام 2022.
كما تم توجيه نحو 80% من هذه التمويلات لدعم المشروعات الزراعية والصناعات المرتبطة بها، بما في ذلك زراعة المحاصيل الاستراتيجية، تربية المواشي، والاستزراع السمكي.
و شهدت قروض تمويل المحاصيل طفرة ملحوظة، حيث ارتفعت قيمتها إلى 23.629 مليار جنيه في 2023، بنسبة نمو 123% عن العام السابق، واستفاد من هذه القروض أكثر من 280 ألف مزارع، مما ساهم في زيادة إنتاجية محاصيل حيوية مثل القمح – الذي وصل إنتاجه إلى 9.8 مليون طن في 2023 حسب وزارة الزراعة – وقصب السكر، الذي يعد مصر من أكبر منتجيه عالميا.
ارتفاع مساحات الأراضي المستصلحة بنسبة 15%
ساهمت التمويلات البنكية في تعزيز البنية التحتية الزراعية وزيادة المساحات المستصلحة، فوفقًا لتقرير البنك الزراعي، ارتفعت مساحات الأراضي المستصلحة بنسبة 15% خلال السنوات الخمس الماضية، بدعم من قروض ميسرة لتطوير أنظمة الري الحديثة، مثل طلمبات رفع المياه التي تتراوح قروضها بين 5 آلاف ومليون جنيه، كما وجه البنك 35.796 مليار جنيه لتمويل 438,943 مشروعًا متناهي الصغر حتى نهاية 2023، مما عزز دخل صغار المزارعين ورفع كفاءة الإنتاج.
50 مليار جنيه تمويل البنوك لدعم الزراعة بنهاية 2025

على المستوى القومي، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن التمويلات الموجهة للقطاع الزراعي بلغت 36 مليار جنيه بنهاية مايو 2021، مع توقعات بتجاوز 50 مليار جنيه بحلول نهاية 2025، مدعومة بمبادرات مثل “تمويل الجمعيات التعاونية” بفائدة 5% فقط.
هذا الدعم ساهم في رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح إلى 55% في 2024، مقارنة بـ45% في 2020، وفقًا لتقديرات وزارة التموين.
كيف دعمت البنوك صغار المزارعين؟
يشكل صغار المزارعين – الذين يمتلكون أقل من 5 أفدنة – نحو 90% من العاملين في القطاع الزراعي المصري، ولتلبية احتياجاتهم، أطلق البنك الزراعي برامج مخصصة، مثل “قرض الحصاد” و”قرض التنمية الحيوانية”، اللذين يقدمان تمويلات بدون فوائد أو بفائدة مخفضة للغاية للفلاح المصري.
وفي عام 2023، استفاد نحو 70% من المزارعين المسجلين بالبنك الزراعي من هذه البرامج التمويلية، مما ساعدهم على شراء البذور، الأسمدة، معدات الري، وتنمية محاصيلهم الزراعية.
كما دعم البنك الزراعي المصري مشروعات الاستزراع السمكي، حيث ارتفع إنتاج الأسماك إلى 2.1 مليون طن سنويا بحلول 2024، محققا اكتفاء ذاتيا بنسبة 85%، وفقًا للهيئة العامة للثروة السمكية، ويرجع هذا الإنجاز إلى الفضل في تمويل البنك لإنشاء مزارع سمكية في مناطق مثل الفيوم وكفر الشيخ.
تحديات مالية تؤثر على تمويل القطاع الزراعي

رغم الإنجازات، يواجه القطاع الزراعي تحديات مالية تؤثر على استدامة التمويل، حيث تشير دراسة أجريت للفترة من 2015 إلى 2021 إلى أن الائتمان الموجه للقطاع الزراعي لم يتجاوز 1.63% من إجمالي الائتمان المصرفي في مصر، مما يعكس ضعف التمويل مقارنة بحجم القطاع.
كما يعاني المزارعون من مخاطر التغيرات المناخية وتقلبات الأسعار، مما يزيد من معدلات التعثر في السداد، التي وصلت إلى 12% في بعض المناطق الريفية وفقًا لتقرير البنك الزراعي لعام 2022.
مستقبل دعم البنوك المصرية للقطاع الزراعي
تسعى الحكومة المصرية، بالتعاون مع البنوك، إلى تعزيز دور القطاع الزراعي في تحقيق رؤية مصر 2030، ومن بين المبادرات المستقبلية زيادة التمويل الموجه للزراعة الذكية والمستدامة، مثل مشروعات الطاقة الشمسية في الري، وتوسيع برامج التأمين على المحاصيل لتقليل المخاطر.
كما يُخطط البنك الزراعي لرفع محفظة الائتمان إلى 100 مليار جنيه بحلول 2027، مع التركيز على تمكين الشباب الريفي من إقامة مشروعات زراعية مبتكرة.
وتؤكد هذه الأرقام أن البنوك في مصر، وعلى رأسها البنك الزراعي المصري، تشكل رافعة أساسية لتحقيق طفرة اقتصادية في القطاع الزراعي، ومن خلال تمويل المشروعات مثل دعم صغار المزارعين، وتعزيز الإنتاجية، تساهم هذه المؤسسات في تحقيق الأمن الغذائي وتطوير الريف المصري.