الذهب ينخفض طفيفًا رغم الطلب المرتفع على الأصول الآمنة والضعف في الدولار

الذهب ينخفض طفيفًا رغم الطلب المرتفع على الأصول الآمنة والضعف في الدولار

شهدت أسعار الذهب تراجعًا طفيفًا خلال التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم الخميس، في حركة تصحيحية محدودة أعقبت مكاسب قوية سجلها المعدن الأصفر في الجلسة السابقة، مدفوعة بتزايد الطلب على الأصول الآمنة، على خلفية مؤشرات ضعف في سوق العمل الأمريكي وتزايد الغموض حول المسارات المستقبلية للسياسات النقدية العالمية.

وبالرغم من هذا التراجع الهامشي، لا يزال الاتجاه العام للذهب صعوديًا على المدى القصير، مدعومًا بمزيج من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية التي تدفع المستثمرين إلى إعادة تمركز محافظهم نحو الأصول الدفاعية، وسط مخاوف متنامية من دخول الاقتصادات الكبرى – وعلى رأسها الاقتصاد الأمريكي – في دورة تباطؤ ممتدة.

ضغوط على الدولار وسيولة تبحث عن الأمان

تراجُع الدولار الأمريكي، الذي غالبًا ما يتحرك عكسيًا مع الذهب، ساهم في تخفيف حدة التصحيح السعري، حيث فشل الدولار في الحفاظ على مكاسبه الأخيرة بعد صدور بيانات ضعيفة من سوق العمل الأمريكية، أبرزها تراجع في التوظيف خارج القطاع الزراعي وارتفاع غير متوقع في طلبات إعانة البطالة. هذه البيانات أضعفت الرهانات على إبقاء مجلس الاحتياطي الفيدرالي على سياسته التشددية لفترة أطول.

ويرى محللون أن المستثمرين باتوا يراهنون على احتمالات خفض أسعار الفائدة الأمريكية في وقت أقرب من المتوقع، ما يخلق بيئة داعمة لأسعار الذهب، التي تستفيد تقليديًا من معدلات الفائدة المنخفضة بسبب انخفاض تكلفة الفرصة البديلة لحيازته.

الغموض الجيوسياسي يعزز جاذبية المعدن الأصفر

إلى جانب العوامل الاقتصادية، يستمر التوتر الجيوسياسي – سواء في شرق أوروبا أو في مضيق تايوان – في دفع رؤوس الأموال نحو الملاذات الآمنة، وعلى رأسها الذهب. إذ يُنظر إلى المعدن النفيس على أنه وسيلة تحوّط ضد الاضطرابات الجيوسياسية، وكذلك التضخم المستمر الذي لا يزال أعلى من مستهدفات البنوك المركزية في كثير من الدول.

ترقب قرارات البنوك المركزية الكبرى

تتحرك أسعار الذهب أيضًا في ظل ترقب واسع لقرارات السياسة النقدية من قبل البنك المركزي الأوروبي، الذي يُتوقع أن يعلن عن خفض في أسعار الفائدة خلال ساعات، في محاولة لدعم اقتصاد منطقة اليورو المتباطئ. ويُنظر إلى هذا القرار المرتقب على أنه مؤشر على موجة تيسير نقدي قد تتسع عالميًا، ما يعزز من شهية المستثمرين تجاه الذهب.

سبائك الذهب

قراءة فنية وتحذير من تقلبات حادة

من الناحية الفنية، لا يزال الذهب يتحرك داخل قناة صعودية واضحة على المدى القصير، ويجد دعمًا قويًا عند مستويات 2320 – 2330 دولارًا للأوقية، بينما يواجه مقاومة فورية بالقرب من 2380 – 2400 دولارًا. ويتوقع محللون أن تستمر الأسعار في تقلباتها الحادة مع تزايد الاعتماد على البيانات اليومية لتكوين المراكز الاستثمارية، لا سيما في ظل هشاشة ثقة السوق.

يظهر أداء الذهب خلال الجلسات الأخيرة أن الأسواق العالمية دخلت مرحلة “إعادة تسعير” واسعة لتوقعات النمو والتضخم والسياسات النقدية. وبينما يستمر الطلب على الذهب كملاذ آمن، فإن الحركة السعرية تظل رهينة لمجموعة معقدة من العوامل المتشابكة – بدءًا من قرارات البنوك المركزية، ومرورًا بالبيانات الاقتصادية، ووصولًا إلى التطورات الجيوسياسية. في ظل هذا المشهد، تبقى النظرة للذهب إيجابية ولكن حذرة، في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في الأيام المقبلة.