زيارة الرئيس السيسي لقطر والكويت.. استثمارات ضخمة على الأبواب

زيارة الرئيس السيسي لقطر والكويت.. استثمارات ضخمة على الأبواب

في زمن تتسارع فيه وتيرة التحديات الاقتصادية والجيوسياسية، تتجه أنظار مصر نحو تعزيز أواصر التعاون مع شركائها الاستراتيجيين في الخليج، حيث يخوض الرئيس عبد الفتاح السيسي جولة حاسمة تشمل زيارتين رسميتين إلى قطر والكويت.

والزيارة ليست مجرد محطة دبلوماسية، بل نقطة انطلاق لعصر جديد من الشراكات الاقتصادية الطموحة، تحمل في طياتها وعوداً باستثمارات ضخمة واتفاقيات تاريخية تهدف إلى إعادة رسم ملامح التنمية المستدامة.

ووسط توقعات بتوقيع صفقات بمليارات الدولارات، تبرز هذه الجولة كإعلان صريح عن طموح مصر لتكون مركزاً إقليمياً للاستثمار، مستندة إلى علاقات راسخة مع دولتين خليجيتين تمثلان ركائز أساسية للاقتصاد العربي.

العمق التاريخي للعلاقات

وتتمتع مصر بعلاقات متجذرة مع قطر والكويت، حيث بدأت العلاقات الدبلوماسية مع قطر عام 1971 عقب استقلالها، ومع الكويت عام 1961 بعد إعلان استقلالها.

وعلى مر العقود، تطورت هذه العلاقات إلى شراكات استراتيجية تشمل الاقتصاد، التجارة، والاستثمار، مدعومة بمواقف سياسية مشتركة تهدف إلى استقرار المنطقة.

العلاقات الاقتصادية مع قطر.. أرقام وإنجازات

شهدت العلاقات المصرية القطرية طفرة كبيرة منذ اتفاق العلا عام 2021، الذي أعاد العلاقات إلى مسارها الطبيعي، وفيما يلي أبرز المؤشرات الاقتصادية:

حجم الاستثمارات القطرية في مصر: بلغت حوالي 5 مليارات دولار حتى عام 2022، مع تعهدات بضخ استثمارات إضافية في قطاعات الطاقة، العقارات، والسياحة، وتشمل هذه الاستثمارات مشاركة شركة قطر للطاقة بحصة 40% في منطقة استكشاف غاز تابعة لشركة إكسون موبيل في البحر الأبيض المتوسط.التبادل التجاري: وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى حوالي 325 مليون دولار، مع ميل الميزان التجاري لصالح مصر (282 مليون دولار صادرات مصرية مقابل 43 مليون دولار واردات قطرية)، وتشير توقعات حديثة إلى نمو هذا الرقم في ظل تحسن العلاقات.اتفاقيات التعاون: وقعت مصر وقطر 15 اتفاقية تعاون اقتصادي، منها اتفاقية التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي والتقني عام 1990، ومذكرة تفاهم في مجال النقل الجوي بين سلطة الطيران المدني المصرية وهيئة الطيران القطرية.الجالية المصرية: يعمل حوالي 350 ألف مصري في قطر، يسهمون في مشروعات التنمية، خاصة في البناء والخدمات، مما يعزز التحويلات المالية إلى مصر.

الرئيس السيسي وأمير قطر

وخلال زيارة الرئيس السيسي المتوقعة إلى الدوحة، من المقرر مناقشة استثمارات جديدة في الطاقة المتجددة والموانئ، مع تركيز على مشروعات خضراء تدعم أهداف التنمية المستدامة.

وتشير مصادر إلى أن الصندوق السيادي القطري يدرس فرصاً بقيمة 2-3 مليارات دولار إضافية، خاصة في تطوير الفنادق والمنتجعات السياحية على البحر الأحمر.

العلاقات الاقتصادية مع الكويت شراكة راسخة

وتعد الكويت ثالث أكبر شريك تجاري عربي لمصر بعد السعودية والإمارات، وتتميز العلاقات الاقتصادية بين البلدين بالاستقرار والنمو المطرد، وإليكم الأرقام الرئيسية:

حجم التبادل التجاري: بلغ حوالي 5 مليارات دولار سنوياً، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إلى 6 مليارات دولار بنهاية العام الجاري 2025 بفضل اتفاقيات جديدة.الاستثمارات الكويتية في مصر: تقدر بحوالي 15 مليار دولار، تغطي قطاعات البترول، العقارات، والبنية التحتية، ومن أبرز المشروعات الكويتية مشاركة شركات كويتية في خط أنابيب سوميد ومصنع لإنتاج مواسير نقل البترول.اللجنة المشتركة المصرية الكويتية: تأسست عام 1998، وشهدت دورتها الثالثة عشرة في سبتمبر 2024 توقيع برنامج تنفيذي للتعاون العلمي والفني، كما وقعت اللجنة الوزارية التجارية المصرية الكويتية في فبراير 2025 محضر اجتماع لتعزيز التجارة والاستثمار.مجلس التعاون المصري الكويتي: أسس عام 2014 بمبادرة من رجال الأعمال، وساهم في زيادة مشاركة القطاع الخاص الكويتي في مشروعات مثل تطوير قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.

الرئيس السيسي وأمير الكويت

ومن المتوقع أن تشهد زيارة السيسي إلى الكويت مناقشات حول تمويل مشروعات بنية تحتية جديدة، بما في ذلك تطوير شبكات النقل والطاقة، مع التركيز على جذب استثمارات كويتية في الصناعات التحويلية غير البترولية، التي سجلت نمواً بنسبة 17.7% في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025.

تأثير الزيارة على الاقتصاد المصري

وتواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك التضخم وتراجع قيمة الجنيه، مما يجعل الاستثمارات الخليجية حجر الزاوية في دعم الاقتصاد.

ووفقاً لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، سجل الناتج المحلي الإجمالي المصري نمواً بنسبة 4.3% في الربع الثاني من العام المالي 2024/2025، مدعوماً بزيادة الاستثمار الخاص بنسبة 35.4%.

وساهمت الاستثمارات القطرية والكويتية في، في تدفق استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 2.7 مليار دولار في الربع الأول من 2024/2025، ومن المتوقع أن تزيد هذه الزيارة من هذا الرقم.

كما أن المشروعات الممولة خليجياً، خاصة في البنية التحتية والسياحة، توفر آلاف الوظائف، وتدعم القطاعات الحيوية.

ورغم الإنجازات، تواجه العلاقات تحديات تتعلق بتسريع وتيرة تنفيذ المشروعات وتبسيط إجراءات الاستثمار، ويتطلب جذب المزيد من الاستثمارات تحسين بيئة الأعمال وتعزيز الشفافية، ومع ذلك، فإن الزيارة تفتح الباب أمام:

شراكات في الطاقة المتجددة: مصر تستهدف زيادة حصة الطاقة المتجددة إلى 42% بحلول 2030، وتسعى لجذب استثمارات خليجية في هذا المجال.تعاون في التكنولوجيا: مع نمو قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بنسبة 10.4%، هناك فرص لشراكات في التحول الرقمي.تعزيز الصادرات: مصر تسعى لزيادة صادراتها إلى قطر والكويت، خاصة في الصناعات الغذائية والمنسوجات.

وتؤكد زيارة الرئيس السيسي إلى قطر والكويت على الدور المحوري للشراكات الخليجية في دعم رؤية مصر 2030، والأرقام تعكس علاقات اقتصادية قوية، حيث تمثل الاستثمارات القطرية والكويتية ركيزة أساسية للنمو.

ومع توقعات بتوقيع اتفاقيات جديدة، تتجه مصر نحو تعزيز مكانتها كمركز استثماري إقليمي، مستفيدة من التعاون مع شركاء استراتيجيين يتقاسمون معها رؤية التنمية والاستقرار، وهذه الزيارة ليست مجرد محطة دبلوماسية، بل خطوة نوعية نحو تكامل اقتصادي يخدم مصالح الشعوب الشقيقة.