كوريا الجنوبية تقلل أسعار الفائدة لتعزيز الاقتصاد في ظل الاضطرابات السياسية والتجارية

كوريا الجنوبية تقلل أسعار الفائدة لتعزيز الاقتصاد في ظل الاضطرابات السياسية والتجارية

 

في خطوة تهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي قبيل الانتخابات الرئاسية، أعلن بنك كوريا المركزي اليوم الخميس عن خفض سعر الفائدة الرئيسية بمقدار 25 نقطة أساس، ليصبح 2.5% بعد أن كان عند مستوى 2.75%. وجاء هذا القرار المفاجئ قبل خمسة أيام فقط من موعد الانتخابات المقررة في الثالث من يونيو/حزيران، في ظل أجواء سياسية غير مستقرة وتراجع واضح في مؤشرات النمو.

وبررت لجنة السياسة النقدية في البنك قرارها بتراجع الطلب المحلي، واستمرار حالة عدم اليقين المرتبطة بالسياسات التجارية الأمريكية، وعلى رأسها برنامج الرسوم الجمركية الشامل الذي أعلنته واشنطن. وفي هذا السياق، خفّض البنك توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2025 من 1.5% إلى 0.8% فقط، وفق ما نقلته وكالة “أسوشيتد برس”.

وقد تفاعل السوق المالي الكوري الجنوبي بشكل إيجابي مع هذا الإجراء التيسيري، حيث ارتفع مؤشر “كوسبي” الرئيسي في بورصة سول للأوراق المالية بنسبة 1.7%، في دلالة على ترحيب المستثمرين بالقرار الذي يعزز السيولة ويدعم النشاط الاقتصادي.

ورغم بوادر التهدئة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن التوقعات تشير إلى استمرار تباطؤ الاقتصاد العالمي، نتيجة الآثار المتراكمة للقيود التجارية والرسوم الجمركية. كما أشار بيان بنك كوريا إلى أن الخلافات الجيوسياسية وتباطؤ التوظيف في القطاع الصناعي وغيره من القطاعات لا تزال تشكل تحديات رئيسية أمام تعافي الاقتصاد المحلي.

من جهة أخرى، أظهرت بيانات الربع الأول من العام الجاري انكماشًا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 0.2% مقارنة بالربع السابق، وهو أول تراجع فصلي منذ تسعة أشهر، ما يسلط الضوء على هشاشة الأداء الاقتصادي.

ويأتي هذا التراجع في سياق اضطرابات سياسية كبيرة، كان أبرزها محاولة الرئيس السابق يون سيوك-يول فرض الأحكام العرفية في ديسمبر الماضي، والتي فشلت وأدت إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي، انتهت بإقالته الشهر الماضي. ويُرتقب أن يتم انتخاب خليفته خلال أيام قليلة.

كما أن الإجراءات الجمركية الأمريكية الأخيرة، ولا سيما فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات الكورية، شكلت عبئًا إضافيًا على الاقتصاد المعتمد بدرجة كبيرة على التجارة الخارجية، رغم أن واشنطن قامت بتأجيل تطبيق هذه الرسوم لمدة 90 يومًا.

يُظهر قرار بنك كوريا بخفض أسعار الفائدة مدى قلق السلطات النقدية من تباطؤ اقتصادي حاد، وتأتي هذه الخطوة كاستجابة مزدوجة للتحديات الاقتصادية الداخلية والضغوط الخارجية. إلا أن فاعلية هذا القرار ستعتمد بشكل كبير على الاستقرار السياسي المقبل، وتطور العلاقات التجارية الدولية، خاصة مع الولايات المتحدة.