ترامب وماسك: التنافس بين السياسة والمال

أثار انفصال فوضوى وانتقامى وعلنى بين أغنى رجل فى العالم ورئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب ضجة عالمية وأضر بسمعة كلاهما والولايات المتحدة ككل وفق تقارير إعلامية، كونهما تبادلا اتهامات خطيرة، ورغم أن ملياردير التكنولوجيا حاول التهدئة بحذف بعض منشوراته المثيرة للجدل، إلا أن ترامب لا يزال رافضًا للمصالحة، ومحذرًا “عواقب وخيمة للغاية” إذا دعم إيلون ماسك الديمقراطيين فى انتخابات التجديد النصفى عام 2026.
اندلعت التوترات بسبب مشروع قانون التخفيضات الضريبية واسعة النطاق والذي قد يضيف 3 تريليونات دولار أمريكى إلى الدين القومي، وبعد تنحيه عن منصبه كمستشار لترامب، انتقد “ماسك” مشروع القانون ووصفه بأنه “ مقزز” ومن شأنه أن يثقل كاهل المواطنين الأمريكيين بديون ساحقة لا يمكن تحملها، ورد ترامب على الهجوم بأنه طلب “ماسك” المغادرة فجن جنونه.وفى تصعيدٍ دراماتيكي، رد “ماسك” بالدعوة إلى عزل ترامب، وغرد متهما الاخير بالتورط فى ملفات “إبستين” المتعلقة بجيفرى إبستين، المدان بالاعتداء الجنسى على الأطفال، لكنه حذف تلك التغريدات لاحقًا.ماسك والسياسةمثل العديد من المليارديرات، كان “ماسك” مترددًا فى الانخراط فى المشهد السياسى المباشر، ويقول إنه صوت لهيلارى كلينتون عام ٢٠١٦ وجو بايدن عام ٢٠٢٠، لكنه صرح فى عام ٢٠٢١ بأنه “يفضل البقاء بعيدًا عن السياسة”.فى أوائل عام ٢٠٢٤، كان ماسك لا يزال يدعى عدم انحيازه سياسيًا، مشير إلى أنه لن يتبرع لأى من الحملتين الرئاسيتين، وانتهى هذا الحياد الظاهرى بعد محاولة اغتيال ترامب فى تجمع انتخابى فى يوليو ٢٠٢٤، حيث أعلن ماسك تأييده له فورًا.بعد تأييده لترامب، أنفق ماسك 288 مليون دولار أمريكى لدعم انتخابه، وظهر فى فعاليات حملته الانتخابية فى جميع أنحاء البلاد، واتسم دعم ماسك لترامب بالأيديولوجية والبراجماتية.من التخفيضات الضريبية إلى قيود الهجرة إلى معارضة التنوع والمساواة والشمول، كانت هناك بوضوح العديد من القواسم المشتركة الأيديولوجية بين ماسك وترامب، وكانت علاقتهما قائمة على المنفعة المتبادلة، فقد حصل ترامب على الدعم المالى من أغنى رجل فى العالم، وحصل ماسك على وصول لا مثيل له إلى رئيس الولايات المتحدة، بل اكتسب أيضًا دورًا فى قيادة وزارة كفاءة الحكومة (دوج) الجديدة.دوج: النجاح والفشلالتقارير المبكرة عن رئاسة ترامب الثانية أشارت إلى الحضور الطاغى لإيلون ماسك الذي كان ملازمًا للرئيس فى جميع تحركاته، لكن شكك المراقبون فى فعالية “دوج” المحتملة، وفى ادعاء ماسك أنها ستوفر للحكومة تريليونى دولار أمريكي.فى الأشهر الأولى من إدارة ترامب، خفض ماسك البرامج الحكومية وتسريح الموظفين بوتيرة ملحوظة، وتضرر برنامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بشدة، وكذلك وزارة التعليم ومكتب حماية المستهلك المالي.مع تسارع وتيرة تخفيضات الإنفاق، بدأ ماسك يثير المزيد من الجدل، وتساءل النقاد عن النفوذ الواضح الذي يتمتع به الملياردير غير المنتخب، كما سلطت الأضواء على علاقات ماسك باليمين المتطرف بعد أن ظهر وهو يؤدى “التحية الرومانية” مرتين، والتي اعتقد العديد من المراقبين أنها تحية نازية. ترامب يقص جناحى ماسكلم يدم اجتياح ماسك الواضح للحكومة طويلا، فمع تولى المعينين التنفيذيين من قِبل ترامب زمام الأمور فى وزاراتهم، واجه ماسك مقاومة متزايدة، وبعد سلسلة من الاجتماعات الوزارية المتوترة، أفادت التقارير أن ترامب قلص نفوذه.وأثر الاهتمام السياسى على أعمال ماسك، فقد ألحقت الدعاية السلبية ضررًا بالغًا بعلامة تيسلا التجارية، مما أدى إلى انخفاض المبيعات حول العالم وانخفاضات متكررة فى سعر سهم تيسلا.