د. ممدوح مصطفى غراب يكتب: هل يجب تعليم الطلاب للإمتحانات أم للحياة؟

لا يمكن فصل التعليم عن الحياة، فهما وجهان لعملة واحدة. التعليم ليس مجرد اكتساب للمعرفة، بل هو عملية مستمرة تبدأ منذ ولادة الإنسان وترافقه في كل مراحل حياته.
ففي أغلب النظم التعليمية التقليدية، يبدو أن الهدف الأول من التعليم هو تجهيز الطالب لاجتياز الامتحانات. لكن السؤال الأهم الذي يجب أن نطرحه هو: هل هذا النوع من التعليم يكفي؟ هل نُعلم أبناءنا ليحفظوا المناهج التعليمية، أم نعلمهم ليفهموا ويعيشوا ويبدعوا؟التعليم الذي يُعد الطالب للحياة، هو تعليم يهدف إلى بناء شخصية متكاملة. لا يقتصر على المواد الأكاديمية، بل يُنمّي المهارات الحياتية مثل التفكير، التواصل، حل المشكلات، واتخاذ القرار. هذا النوع من التعليم يُخرج مواطنا صالحا، مفكرا ناقدا، وإنسانًا قادرًا على التكيّف مع تحديات الحياة المتغيرة. الطالب الذي تعلم للامتحان فقط، قد ينجح على الورق، لكنه قد يجد صعوبة في العمل الجماعي، أو في التعامل مع الفشل، أو في التفكير المستقل. أما الطالب الذي تعلّم ليعيش، فإنه يملك أدوات النجاح في الحياة الواقعية.فكيف نتحول “تعليم ليمتحن الطالب” إلى “تعليم الطالب ليعيش”، يستلزم ذلك العمل على تغيير فلسفة التعليم وفلسفة الطالب والأسرة والتي لها دور هام لإنجاح أي نظام تعليمي. نظام تعليم يعتمد على كيفية استخدام المعارف وفائدتها وليس كمها، ولا يتطلب حذف المعلومات، بل إعادة تقديمها بطريقة تطبيقية وتشاركية، نظام يعتمد على تطبيقاتها في الحياة اليومية من خلال الممارسات اليومية (مثل وضع ميزانية المنزل بالمشاركة مع الأسرة من فواتير كهرباء ومياه وغاز ومصروفات دراسية وملابس وغذاء بالمقارنة بإجمالي دخل الأسرة، التفاوض عند شراء احتياجات المنزل، العمل أثناء فترات الإجازات لتطبيق ما تم تعلمه من معارف لاكتساب مهارات الإدارة والتواصل والتفاوض. تطبيق نظام التعلم التشاركي من خلال عرض مشكلات حياتيه من الواقع وعمل حوار ونقاش مفتوح بين الطلاب والمعلم لعرض وجهات النظر واكتساب مهارات التفاوض وحل المشكلات وايجاد الحلول، ويتم تقييم الطالب من خلال تفاعله ومقترحاته. كذلك تبادل الأدوار بين المعلم والطالب على أن يتم تقييم الطالب من خلال زملائه. توفير بيئة مدرسية مشجعة من خلال احترام رأي الطالب وتشجيع المبادرة وإعطاء مساحة للتعبير الحر عن رأيه، أهمية دور المعلم في التشجيع على التفكير، ويستطيع المعلم من خلال التفاعل مع الطلاب على تحديد هويتهم وتميزهم العلمي والمساهمة في تنمية قدراتهم، وكقدوة يستطيع التعاون من خلال المدرسة مع الأسرة والمجتمع وتوعية الأهل بأن النجاح ليس فقط “درجات”، بل بناء “شخصية” وإدماج أولياء الأمور في دعم مهارات الأبناء. تطوير التعليم قبل الجامعي هو أساس بناء شخصية قادرة على النهوض بالوطن والذي ينعكس إيجابيًا على كل نواحي التنمية. لا يمكننا أن نفصل التعليم عن الحياة، فكل منهما يدعم الآخر ويغذيه، ويجب أن نسعى إلى تطوير التعليم ليكون أكثر ارتباطًا بالحياة العملية، وأن ننظر إلى الحياة كتجربة تعليمية دائمة لا تنتهي.