من مدرسة المشاغبين وبنات الثانوية إلى مدرسة الصفا: صوت العندليب يحل النزاع: الناجح يرفع يده

من مدرسة المشاغبين وبنات الثانوية إلى مدرسة الصفا: صوت العندليب يحل النزاع: الناجح يرفع يده

بين المسرح والسينما والغناء توزعت الصور الفنية لمعضلة الثانوية العامة أزمة كل بيت مصري سنويا، لكن التنسيق غير عادل فبينما اهتم رجال الغناء برسم فرحة النجاح وتأكيد سلاح العلم، فإن المسرح والسينما اكتفيا بالنقد الساخر لأزمات هذه المرحلة الحساسة من عمر الشباب ما بين انتقادات مناهج التعليم واستعراض أزمات المدرسين وتمرد الطلبة ومشاكلهم فى هذه الفترة الدقيقة من العمر.

من الثانوية للكلية 
الغناء كان الطرف الإيجابى والجناح اليمينى المعتدل المشارك لفرحة طلبة الثانوية العامة باعتبارها محطة الوصول للمستقبل ونقطة الانطلاقة الأهم فى حياة الشباب، والمفارقة أن أشهر الأغنيات العابرة للأجيال والتي يشتاق الجميع إلى سماعها سنويًا فى موسمها الأصلى يوم إعلان النتيجة هى رائعة العندليب عبد الحليم حافظ التي قدمها فى فيلم الخطايا «الناجح يرفع إيده» أو «وحياة قلبى وأفراحه» وكانت فى سياق المكايدة والتحفيل فى أحداث الفيلم لبطلة الفيلم نادية لطفى حبيبته وزميلته فى انتخابات اتحاد الطلبة وهى فى الوقت نفسه ترسم فرحة النجاح بصفة عامة: «ده مفيش فرحان فى الدنيا زى الفرحان بنجاحه» وفى مقطع آخر تقول: «ده حلم جميل فى خيالنا ولا غابش فى يوم عن بالنا وبنا لنا قصور وفرشها زهور لحياتنا ومستقبلنا»، والأغنية تحولت إلى أيقونة النجاح صباح إعلان النتيجة وعلى مدار يوم كامل وهى من ألحان منير مراد وكلمات الشاعر فتحى قورة، والمفاجأة أن الملحن والشاعر قدما معًا رائعة الثانوية العامة والمعبر الأول عنها «من الثانوية للكلية» للمطربة الشعبية ليلى نظمى وهى من أهم الأغانى التي عبرت عن فرحة الطلاب بالنجاح فى الثانوية العامة والأغنية الأكثر تداولاً صباح إعلان النتيجة فى الإذاعة بكلماتها الجميلة التي تقول:
«م الثانوية للكلية والمجموع قرب ع الـ100 باركوا وهنوا وقولوا وهنوا جاى منين.. م الثانوية رايح فين.. ع الكلية م الثانوية للكلية ياما ذاكرات وياما سهرت ليالى طويلة واتمنيت الفرحة لكل زميل زميلة شفت نجاحى بعد كفاحى كل كفاح فى الدنيا بتبقى نهايته جميلة باركوا وهنوا وقولوا وهنوا جاى منين م الثانوية رايح فين.. ع الكلية م الثانوية للكلية..م الثانوية للكلية».
الشاعر فتحى قورة الوكيل الحصرى لأغنيات النجاح أبدع عملاً شهيرًا للمطرب عبد اللطيف التلبانى وهو الأبرز فى مشواره بعنوان «افرحوا ياحبايب لفرحنا النمر أهى بانت ونجحنا» يتضمن معانى جميلة للعلم والكفاح وحتمية التفوق والنبوغ ويرسم فيه فرحة النجاح بصورة عامة وشاملة، ولكنه دخل فى كتالوج أغنيات النجاح فى الثانوية العامة مع حليم وليلى نظمى. والأغنيات فى المجمل مفرحة وعابرة للأجيال وتسعد قلوب كل ناجح. ورغم اجتهادات حكيم فى أغنية «كله يرقص» ونانسى عجرم بأغنية، فإن ثلاثية زمن الفن الجميل فى المقدمة.
فى المسرح تعددت الأعمال الساخرة عن أزمة الثانوية العامة وانتقادات نظم التعليم لعل أشهرها على الإطلاق مسرحية «مدرسة المشاغبين» تأليف الكاتب على سالم وإخراج جلال الشرقاوى وتناولت الثانوية العامة من خلال خمسة من الطلبة المشاغبين، الذين يجمعهم فصلا واحدا ومواقف كوميدية فى الثانوية العامة، وجاء من أبرز المشاهد الكوميدية للزعيم عادل إمام «بعد 14 سنة خدمة فى ثانوى بتقولى أقف» بجانب الفجوة التي ظهرت بين الأبناء والآباء، رغم دعوتها إلى تقديس العلم وتبجيل المعلم، والمسرحية بدأ عرضها الأول فى القاهرة عام 1971، وأثارت عاصفة من الجدل وقت عرضها ولسنوات طويلة، ورغم أن عمرها بلغ 54 عامًا، فإنها مازالت رسالتها مطروحة والجدل حولها لا يتوقف. 
 بين أنها كانت عاملاً مشجعًا لصور الانفلات بالمدارس، وبين رصد ذلك الانفلات والمد اليسارى فى هذا الوقت؟ فضلاً عن انفجار تيار «التطاول» على الأجيال الأكبر وذلك فى مرحلة تحول السبعينيات بين «النكسة» و«الانتصار»، وبين إعلاء قيم القومية والاشتراكية إلى الانفتاح الاقتصادى والسياسى. مدرسة المشاغبين مفسدة أخلاقية 
المدهش أن عاصفة «مدرسة المشاغبين» امتدت إلى النقاد وعلماء النفس والاجتماع إلى المفكرين والأدباء، حيث وصفها المفكر مصطفى محمود بـ«الإفساد الكامل»، بينما وصف الكاتب الكبير يوسف إدريس مسرحية مدرسة المشاغبين بـ«السموم الأخلاقية والتربوية» فى بابه الأسبوعى الذي كان يقدمه تحت عنوان «من مفكرة د.يوسف إدريس». فجاء نقده للمسرحية فى عدد الأهرام الصادر بتاريخ 14 مايو لعام 1976، وفى زاوية «المفكرة»، جاء العنوان الفرعى: «من أجل افتعال بعض الضحك»، وأدنى العنوان ورد: «أشهد أننى لم أر إلا جزءًا من مسرحية «مدرسة المشاغبين» المشهورة عرض بالصدفة فى التليفزيون، ولقد أذهلنى ما رأيته»، وأرجع إدريس كل المشاكل التي تمر بها المدارس إلى تلك المسرحية، فيكتب: «ذلك أننى وجدت أن كثيرًا من الفساد الذي أخذ يستشرى فى مدارسنا الثانوية بالذات… وكثيرًا من الألفاظ الذي أخذت تنسال على ألسنة الطلبة، وكثيرًا من الاعتداءات التي تحدث للمدرسين، كان مصدره هذه المسرحية»، وبين فريقى الرفض والقبول، هناك حقائق أكيدة حول «مدرسة المشاغبين»، منها تصدير كوكبة مسرحية وفنية من النجوم فى مقدمتهم: عادل إمام، وسهير البابلى، ويونس شلبى، وسعيد صالح وأحمد زكى، وهادى الجيار، وحسن مصطفى. وكونها أيضًا من أكثر المسرحيات حظًا بالنجاح المادى والجماهيرى، والخروج من إحباط تلك الفترة من تاريخ مصر قبل نصر أكتوبر المجيد وإن استمرت مصدرًا للبهجة والضحك.بنات ثانوى والصفا الثانوية
فى السينما لم يختلف الوضع، حيث تناول العديد من الأفلام السينمائية قضية التعليم بشكل عام ومرحلة الثانوية العامة بشكل خاص، وقدم كل عمل القضية من منظور مختلف، فهناك من تناولها من الجانب الدرامى وآخر تناولها من حيث فترة المراهقة وما الذي من الممكن أن يحدث أو يفكر فيه الشباب والبنات فى هذه السن، والغالبية العظمى من الأفلام تناولت تلك القضية من المنظور الكوميدى أيضا، بل تجاوزت المنظور المقدم فى السينما الكلاسيكية للعلاقة العاطفية بين الأستاذ والتلميذ لعل أبرزها الفيلم البديع «غزل البنات» والذي رسم تدهور أوضاع المدرسين فى تلك الفترة، ولكنه لم يخلُ من الطرح الكوميدى لأستاذ الكوميديا نجيب الريحانى، وتعددت الصور الفنية على مدار الربع قرن الأخير وجميعها لم تخرج من النطاق الكوميدى وفى مقدمتها أفلام: «الناظر صلاح الدين» لعلاء ولى الدين وفيلم «لخمة رأس»، و فيلم «الثلاثة يشتغلونها» الذي يتناول الفيلم فكرة تحويل الطالب إلى حصالة من الحفظ والمعلومات التي تملأ عقله دون فائدة حقيقية تساعده فى الحياة العملية، وفيلم « euc» الذي تدور أحداثه  حول مجموعة من الشباب يرسبون فى الثانوية العامة، ويخشون معرفة أهلهم، مما يضطرهم للدخول فى كذبة كبيرة تتحول لحقيقة، وذلك بادعائهم الالتحاق بجامعة خاصة.«بنات ثانوى»
فى الـ5 سنوات الأخيرة برز فيلمان الأول فى 2020 بعنوان «بنات ثانوي» للمؤلف أيمن سلامة والمخرج محمود كامل ويطرح الفيلم فترة المراهقة، ولكن هذه المرة من جانب الفتيات، حيث تبحث خمس فتيات فى مرحلة المراهقة عن ذواتهن وشخصياتهن، ليقعن فى العديد من المتاعب والصعاب خلال مرحلة الدراسة الثانوية، ويقوم بدور البطولة محمد الشرنوبى، جيملة عوض، محمد مهران، هنادى مهنا، ومايان السيد، و«بنات ثانوى» يعالج مشاكل البنات فى سن المراهقة حتى تنتبه كل أسرة لديها بنت لأن لدينا فى عصرنا الحالى «قنبلة» اسمها تليفون محمول والفيديو لايف الذي أصاب صغار السن بالهوس، أما الفيلم الثانى فعرض هذا العام بعنوان «الصفا الثانوية بنات» بطولة على ربيع الذي يجسد شخصية لاعب كرة سلة موهوب «هشام أبو طويلة» ينزح من صعيد مصر إلى القاهرة بعد استدعاء من صديقه أباظة ليقوم بتدريب فريق كرة السلة بمدرسة «الصفا ثانوية بنات»، ويصطدم فيها بمعاناة صاحب المدرسة من ديون تهدد بإغلاقها، وتنصحه ابنته بدخول مسابقة لكرة السلة بالمدارس ينظمها الاتحاد الدولى لكرة السلة ويمنح جائزة قدرها 150 ألف دولار لتنقذ المدرسة من الإفلاس. الفيلم شارك فى بطولته وجوه واعدة مثل بنات ثانوى فى مقدمتهم: لينا صوفيا وإسراء رخا وريم المصري وجيسكا حسام وتوانا الجوهرى، إخراج عمرو صلاح. وما خفى والقادم من أفلام الثانوية العامة كان أعظم.