حلقة نقاشية بـ"إعلام القاهرة" عن التطبيقات الرقمية والتكنولوجية في مجال الاتصال الصحي

حلقة نقاشية بـ"إعلام القاهرة" عن التطبيقات الرقمية والتكنولوجية في مجال الاتصال الصحي

أ.د سامي الشريف: انتشار فيروس كورونا جعل العالم يدرك أهمية تطوير الاتصال الرقمي الصحي

أ.د سامي الشريف: المملكة العربية السعودية تتصدر الدول العربية في تقديم الخدمات الصحية الرقميةأ.د سهير صالح: نجاح مبادرة “100 مليون صحة” يعكس حرص الدولة على استخدام التكنولوجيا في الاتصال الصحيأ. د هيثم عبد الرحمن: 70% من الشباب الإماراتي يعتمدون على المنصات الرقمية للحصول على النصائح الطبيةأ.د هيثم عبد الرحمن: الذكاء الاصطناعي يشكل ركيزة أساسية في النظام الصحي الإماراتيأ. د وفاء ثروت: تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء من الوسائل الأساسية التي تعتمد عليها الإمارات في مجال الاتصال الصحي الرقميد. عهد ماهر: تطبيق “صحتي” يُعد من أبرز المنصات الصحية التي تقدمها الحكومة الفلسطينية، رغم محدودية الإمكانيات المتاحة نظمت كلية الإعلام جامعة القاهرة، اليوم الخميس الموافق 8 مايو، حلقة نقاشية بعنوان “التطبيقات الرقمية والتكنولوجية في مجال الاتصال الصحي- تجارب عربية (2)”، وذلك ضمن فعاليات اليوم الثاني لمؤتمرها العلمي الدولي الثلاثين، المُقام تحت عنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”. وافتُتحت فعاليات الحلقة الدكتورة أماني رضا الأستاذ المساعد بالكلية (رئيسًا ومُعقبًا)، بحضور الدكتور سيد أبو شعيشع المدرس بالكلية (مقررًا) للحلقة، وبمشاركة عدد من أساتذة الإعلام العرب.   تضمنت الحلقة النقاشية الحديث عن عدد من الموضوعات والقضايا المحورية، منها: التحول الرقمي في الإعلام الصحي، والتطبيقات الإلكترونية الرقمية وتحسين مستوى الخدمات الصحية للمواطن (مصر والمملكة العربية السعودية نموذجًا)، ودور تطبيقات الإعلام الرقمي في دعم الرعاية الصحية (الإمارات نموذجًا)، وتحديات الاتصال الصحي الرقمي في فلسطين. وقال الدكتور سامي الشريف، عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة (MTI)، خلال مداخلته في الحلقة النقاشية، إن التطورات التكنولوجية المتسارعة انعكست بشكل مباشر على عدة مجالات، من بينها القطاع الصحي، مشيرًا إلى أن بعض الدول استطاعت التفاعل بفاعلية مع التحول الرقمي. وأوضح أن انتشار فيروس كورونا دون تمييز بين الدول جعل العالم يدرك أهمية تطوير الاتصال الرقمي الصحي، لما له من دور محوري في تحسين جودة الخدمات الصحية وتعزيز التواصل بين المرضى والمؤسسات الطبية.  وأضاف “الشريف” أن الاتصال الرقمي الصحي لم يقتصر فقط على تحسين الخدمات العامة، بل شمل أيضًا إطلاق العديد من التطبيقات الإلكترونية المتخصصة، منها ما يُعنى بالصحة النفسية والعقلية، ومنها ما يقدم استشارات طبية عن بُعد، بل وتطور الأمر ليشمل تشخيص الأمراض وإجراء عمليات جراحية عن بُعد، وذلك بفضل التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء. مُشيرًا إلى أن المملكة العربية السعودية تتصدر الدول العربية في تقديم الخدمات الصحية الرقمية من خلال تطبيقها الشهير “صحتي”، كما تحتل الإمارات والكويت والأردن مراتب متقدمة في هذا المجال. أما في مصر، فقد بدأت وزارة الصحة في إنشاء سجل إلكتروني موحد للمرضى بين المستشفيات، وأطلقت تطبيق “صحتك” في إطار جهودها للتحول الرقمي.  وأوضح عميد كلية الإعلام بالجامعة الحديثة (MTI) أن تطبيق الخدمات الصحية الإلكترونية ما يزال يواجه عدة تحديات، من أبرزها ضعف البنية التحتية الرقمية في العديد من الدول العربية، إلى جانب غياب التأهيل العلمي الكافي، وافتقار العلاقة بين الأطباء والمرضى عن بُعد إلى ضوابط أخلاقية تحكمها، لافتًا إلى عدم قبول بعض الأطباء فكرة التحول الرقمي. واختتم حديثه مؤكدًا أن غياب التشريعات والضوابط القانونية المنظمة لعملية التحول الرقمي يمثل إحدى العقبات الكبرى التي تحول دون تحقيق استفادة كاملة من الإمكانات التكنولوجية المتاحة.  كما أشارت الدكتورة سهير صالح، عميدة المعهد العالي للإعلام بأكاديمية الشروق، خلال مشاركتها في الحلقة النقاشية، إلى أن منظمة الصحة العالمية أقرت في عام 2018 ضرورة التحول الرقمي في المجال الصحي، مما شكّل دافعًا مهمًا للدول الأعضاء، ومن بينها مصر، للبدء بخطوات جادة نحو هذا الاتجاه. وأوضحت أن مصر وإن لم تكن من الدول الرائدة مثل المملكة العربية السعودية، إلا أنها بدأت في السنوات الأخيرة مرحلة التحول الرقمي في القطاع الصحي بشكل ملحوظ، ويتجلى ذلك في طريقة تعاملها مع الأزمات، إضافة إلى تبنيها عددًا من المبادرات والمشروعات الرقمية. وأكدت “صالح” أن من أبرز الشواهد على هذا التوجه هو نجاح مبادرة “100 مليون صحة”، التي عكست حرص الدولة على استخدام التكنولوجيا في خدمة الصحة العامة، فضلًا عن إطلاق تطبيق “صحة مصر” الذي يوفر معلومات صحية موثوقة ومتنوعة للمواطنين. كما أشارت إلى دور القطاع الخاص في دعم هذا المسار، من خلال تطبيقات طبية شهيرة مثل “فيزيتا” و”شفا”، التي أسهمت في توسيع نطاق الخدمات الطبية الرقمية.    وأثنت عميدة المعهد العالي للإعلام بأكاديمية الشروق على تجربة المملكة العربية السعودية، مؤكدة أنها من الدول الرائدة في هذا المجال، إذ تبذل المملكة جهودًا كبيرة لتحسين جودة الخدمات الصحية من خلال الاعتماد على التحول الرقمي. واختتمت حديثها بالتأكيد على أن تحقيق مستويات أعلى من التقدم في هذا القطاع يتطلب توفير الإمكانيات اللازمة؛ نظرًا لكون الصحة من أكثر المجالات الحيوية التي تمس حياة المواطن بشكل مباشر. ومن جانبه، ألقى هيثم عبد الرحمن، عميد كلية الاتصال الجماهيري بجامعة أم القيوين في الإمارات، الضوء على تجربة دولة الإمارات في مجال الصحة الرقمية، موضحًا أن التطور الذي تشهده الدولة في هذا المجال يعود إلى الرؤية الاستباقية للحكومة والجهات المعنية؛ إذ بدأت الدولة منذ مطلع الألفية بتأسيس بنية تحتية رقمية قوية، انعكست نتائجها الإيجابية على نمو وتطور خدمات التطبيقات الصحية. وأشار “عبد الرحمن” إلى أن الإمارات تمتلك مجموعة من التطبيقات الطبية المميزة، أبرزها تطبيق “طبيب لكل مواطن”، والذي يُعد نموذجًا رائدًا في تقديم الرعاية الصحية الرقمية، لافتًا إلى أن نحو 70% من الشباب الإماراتي يعتمدون على المنصات الرقمية للحصول على النصائح الطبية، وهو ما يعكس تحولًا واضحًا في سلوكيات تلقي المعلومات الصحية. مشيرًا إلى إطلاق الدولة لعدد من الحملات التوعوية المؤثرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي ساهمت بدورها في تحقيق نتائج إيجابية مثل انخفاض معدلات التدخين بين الشباب. وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يشكل ركيزة أساسية في النظام الصحي الإماراتي، إلى جانب اعتماد الدولة على تقنيات الواقع الافتراضي في بعض التطبيقات والخدمات الطبية، مما عزز من كفاءة التشخيص والتفاعل مع المرضى. موضحًا أن التطبيقات الصحية الرقمية لعبت دورًا فعالًا خلال جائحة كورونا، من حيث نشر التوعية وتنظيم الخدمات الصحية، لافتًا إلى أن المؤثرين الرقميين في المجال الصحي كان لهم أيضًا دور ملموس في تشجيع المواطنين على التبرع خلال فترات الأزمات، إضافة إلى وجود تنسيق رقمي بين المستشفيات خلال الطوارئ لتحديد المؤسسات الصحية المتاحة. وذكر أن إنستغرام وفيسبوك والصفحات الرسمية لوزارة الصحة تُعد من أبرز الوسائل المستخدمة لنقل الرسائل التوعوية، إلى جانب البرامج التلفزيونية المتخصصة التي تطرح الموضوعات الصحية بشكل دوري. وفي السياق ذاته، أكدت الدكتورة وفاء ثروت، الأستاذة بكلية الاتصال الجماهيري بجامعة أم القيوين في الإمارات، أن دولة الإمارات تواصل ترسيخ مكانتها في مجال الصحة الرقمية من خلال اعتمادها المتسارع على تقنيات الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء، وهما من أبرز الأدوات الحديثة التي أحدثت نقلة نوعية في القطاع الصحي. وأشارت إلى أن من بين المبادرات الرائدة في هذا السياق تطبيق “الطبيب الافتراضي”، الذي أطلقته وزارة الصحة الإماراتية بالاعتماد على تقنية الواقع الافتراضي ثلاثي الأبعاد، ما أتاح للأطباء القدرة على متابعة حالة المرضى عن بُعد بكفاءة عالية. وأضافت “ثروت” أن الإمارات تميزت بإطلاق برنامج خاص للفحص الجيني، يهدف إلى الكشف المبكر عن أسباب الأمراض الجينية وتوعية المجتمع بمخاطر الأمراض الوراثية، في خطوة تعكس حرص الدولة على تعزيز الصحة الوقائية. كما لفتت إلى الدور المحوري الذي يقوم به مركز تميز الذكاء الاصطناعي في تطوير هذا المجال، إلى جانب مجالات أخرى. وأوضحت أن من أبرز المنصات التي أطلقتها وزارة الصحة مؤخرًا “منصة مراقبة الصحة الرقمية”، والتي تُعنى برصد الأمراض التنفسية والتوعية، في إطار جهود الدولة للوقاية والاستعداد المبكر. كما أشارت إلى أن الإمارات تستخدم الروبوتات في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة والمعقدة، مما يضعها في مصاف الدول المتقدمة طبيًا. وعلى مستوى التوعية الصحية، أكدت الأستاذة بكلية الاتصال الجماهيري بجامعة أم القيوين في الإمارات، أن الإمارات تعتمد بشكل رئيسي على منصات التواصل الاجتماعي مثل “إكس” (تويتر سابقًا)، في حين يُعد فيسبوك أقل استخدامًا في هذا السياق. واختتمت حديثها بالإشارة إلى أن استمرار هذا الزخم في التطوير التقني سيجعل من الإمارات، خلال السنوات القليلة المقبلة، إحدى الدول الرائدة عربيًا في مجال الصحة الرقمية. وخلال مداخلته، تحدث الدكتور عهد ماهر، الأستاذ المساعد بكلية الاتصال الجماهيري بجامعة أم القيوين في الإمارات، عن التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصحي في فلسطين، موضحًا أن الخدمات الطبية هناك لا ترقى إلى مستوى مثيلاتها في الدول الأخرى، وذلك بسبب ما تعانيه فلسطين من ظروف الاحتلال المستمرة. وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، وتحديدًا في رام الله، تتحمل عبء تقديم ما يقارب 70% من الخدمات الصحية، وسط إمكانيات محدودة ونقص واضح في الموارد. وأوضح “ماهر” أن الظروف الميدانية القاسية تُلقي بظلالها على حياة الفلسطينيين، حيث تُحرم الكثير من النساء من حقهن في الرعاية الصحية أثناء الولادة، بسبب تعطل وصولهن إلى المستشفيات عند الحواجز العسكرية الإسرائيلية. مشيرًا إلى أن النقص الحاد في المواد الطبية الأساسية يمثل عائقًا كبيرًا أمام تقديم خدمات صحية كافية للمواطنين، معبرًا عن أمله في أن يشهد القطاع الصحي الفلسطيني تحسنًا في المستقبل. وفيما يخص التحول الرقمي في المجال الصحي، ذكر الأستاذ المساعد بكلية الاتصال الجماهيري بجامعة أم القيوين في الإمارات، أن تطبيق “صحتي” يُعد من أبرز المنصات الصحية التي تقدمها الحكومة الفلسطينية، رغم محدودية الإمكانيات المتاحة. ولفت إلى أن بعض الدول الأوروبية تحاول دعم الفلسطينيين من خلال إقامة مستشفيات ميدانية قرب مناطق التماس، إلا أن هذه المبادرات غالبًا ما تتعرض للاستهداف من قِبل قوات الاحتلال، مما يعمّق من الأزمة الصحية في الأراضي الفلسطينية.واختتمت فعاليات الجلسة بتكريم المتحدثين في الحلقة النقاشية. الجدير بالذكر أن المؤتمر الدولي الثلاثين لكلية الإعلام جامعة القاهرة يُقام يومي 7 و8 مايو 2025، بمقر الكلية، تحت عنوان “الاتصال الصحي وتمكين المجتمعات المعاصرة”، وذلك برعاية الدكتور محمد سامي عبد الصادق، رئيس الجامعة، وإشراف الدكتورة ثريا البدوي، عميدة الكلية ورئيس المؤتمر، والدكتورة وسام نصر، وكيل الكلية لشؤون الدراسات العليا والبحوث وأمين عام المؤتمر، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والممارسين في المجال الإعلامي.