" الإرهاب الناعم "

" الإرهاب الناعم "

في زمن أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي نافذة واسعة على العالم، تحوّلت بعض المنصات إلى مسرحٍ مفتوح لعرض مشاهد العنف والبلطجة وبيع المخدرات، ليس من باب التوعية أو النقد، بل من أجل الترويج وكسب المشاهدات.

وبينما يتهافت البعض على “الترند”، يتجاهلون الكارثة الأكبر أن ما يُنشر اليوم من محتوى إجرامي ليس مجرد لقطات عابرة، بل خطر فعلي يهدد أمن المجتمع، ويضرب استقراره في العمق. فهل أصبح مجرمو الأمس هم نجوم اليوم؟ وما هو دور الدولة والمجتمع في مواجهة هذا الانفلات الرقمي؟ ومتى ندرك أن الأمن القومي لم يعد يواجه فقط تهديدات خارجية، بل أيضًا “محتوىً محليًا” يتسلل إلى عقول أبنائنا كل يوم؟  طبيعة الظاهرة انتشار فيديوهات تُظهر أشخاصًا يمارسون البلطجة، يحملون أسلحة، أو يروجون لبيع المخدرات..وتحوّل بعض هؤلاء إلى “مؤثرين” بأعداد متابعين ضخمة.. وغياب الرقابة الفعالة أو تأخر الاستجابة في بعض الأحيان.  التأثير على المجتمع بالتطبيع مع العنف يصبح العنف جزءًا من الحياة اليومية للمراهقين..وصناعة القدوة الزائفة حيث اصبح المجرم قدوة للبعض بسبب “الشهرة السريعة”.. وتحفيز الجريمة بعض الشباب يقلّدون هذه السلوكيات طلبًا للاهتمام.  التأثير على الأمن القومي بتهديد الاستقرار المجتمعي: اتساع دائرة الخوف واللامبالاة..وإضعاف هيبة الدولةحين يظهر الخارج عن القانون وكأنه فوق القانون..ونشر الفوضى الرمزية ما يُنشر رقميًا يُترجم أحيانًا إلى أفعال واقعية.  ومن الأسباب البحث عن الشهرة السريعة.. وغياب رقابة أسرية ومجتمعية.. وتأخر الاستجابة القانونية أو صعوبة الوصول لمرتكبي هذه الأفعال عبر الإنترنت.. والتربح من المحتوى الإجرامي على بعض المنصات. ومن الحلول والتوصيات تغليظ العقوبات الرقمية قوانين تجرّم الترويج لأي محتوى إجرامي، ولو كان بدعوى التسلية..ورقابة ذكية من الدولة باستخدام الذكاء الاصطناعي لرصد هذه الفيديوهات وحذفها فورًا.. وحملات توعية مستمرة: عبر الإعلام والمدارس والجامعات.. وتفعيل دور الأسرة بمتابعة ما يشاهده الأبناء وشرح خطورة هذه الظواهر..وانشاء منصات بديلة وإيجابية دعم صانعي المحتوى الهادف ليكونوا هم “القدوة ” لن يكون أمن مصر محصنًا ما لم ننتبه لهذا النوع “الإرهاب الناعم” الذي يزرع الفوضى من خلال هاتف محمول. مكافحة فيديوهات العنف والمخدرات ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي معركة وعي يجب أن يشارك فيها الجميع: الأسرة، الإعلام، القانون، والمؤسسات الدينية والتعليمية. فقد تبدأ الفوضى أحيانًا بـ “لايك”.