«القاتل الخفى».. الذكاء الاصطناعى سلاح إسرائيل الجديد بالقطاع

«القاتل الخفى».. الذكاء الاصطناعى سلاح إسرائيل الجديد بالقطاع

بعد أن كان ينبض بالحياة، تحول قطاع غزة إلى أطلال من الركام جراء القصف المتواصل والعدوان المستمر منذ أكثر من 18 شهرًا متصلة، وبات القطاع «حقل تجارب» للأسلحة الإسرائيلية وللجديد من المعدات التي تريد إسرائيل استكشافها.

وربما آخر ما تم الإعلان عنه فى هذا السياق، ما كشف عنه الجيش الإسرائيلى الاثنين الماضى من استخدامه للمرة الأولى القذيفة «بار» ضد أهداف فى قطاع غزة، والتي زعم أنها تتمتع بآلية توجيه للتكيف مع بيئة قتال صعبة، وأنها قادرة على إصابة الأهداف خلال وقت قصير، دون الكشف عن قدراتها التدميرية التي قد تلحق أضرارًا بالمدنيين، لكن كانت هناك تجارب سابقة «مسكوت عنها»، والتي تستخدم فى القتل بهدوء دون رقيب أو حسيب، وهو ما كشفت عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى تقرير لها عن استخدام الاحتلال لأدوات الذكاء الاصطناعى فى ماكينة القتل والتدمير بقطاع غزة.وبحسب التقرير، فقد طوّرت إسرائيل أدوات جديدة قائمة على الذكاء الاصطناعى، بهدف تحقيق تفوق عسكرى ميدانى، إلا أنها تسببت بعواقب خطيرة بحسب الصحيفة.وكشفت الصحيفة أن استخدام الذكاء الاصطناعى فى قطاع غزة كان فى وقت مبكر من الحرب، مشيرة إلى أن أول استخدام كان خلال الشهر الأول من العدوان فى أكتوبر 2023، خلال محاولة استهداف أحد قادة حركة حماس العسكريين، ويدعى إبراهيم البيارى.واعتقدت الاستخبارات الإسرائيلية أن «البيارى» شارك فى التخطيط لعملية طوفان الأقصى، لكنها لم تتمكن من تحديد مكانه، واشتبهت فى أنه مختبئ فى الأنفاق تحت غزة.واستخدم جيش الاحتلال الذكاء الاصطناعى كأداة عسكرية جديدة فى محاولة لتعقب البيارى، ورغم أن هذه الأداة كان قد تم تطويرها مسبقا لكنها لم تُستخدم فعلياً فى العمليات القتالية. وتعقبت وحدة الاستخبارات السيبرانية بالجيش الإسرائيلى (8200) اتصالات هاتفية أجراها البيارى، واستخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعى فى محاولة لتحديد موقعه بشكل تقريبى.وفى 31 أكتوبر 2023، استطاعت تلك التقنية تحديد موقع تقريبى للقيادى فى حماس، وصدرت الأوامر بشن غارة كبيرة على الموقع الذي لم يكن محددًا بدقة، ورغم اغتيال البيارى، إلا أن الهجوم أسفر عن استشهاد 125 مدنيًا فى العملية، بحسب منظمة «إيروورز» التي تراقب ضحايا الصراعات حول العالم ومقرها لندن.وأشارت «نيويورك تايمز» إلى أن تلك الأداة التي تعقبت صوت «البيارى» وقامت بتحليله لتحديد موقعه كانت مجرد نموذج واحد لكيفية استغلال إسرائيل للحرب فى غزة كمنصة لاختبار ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعى بوتيرة غير مسبوقة.تقنيات أخرىواستطاعت إسرائيل خلال أكثر من عام ونصف العام من الحرب، دمج أدوات الذكاء الاصطناعى فى العديد من المسارات، منها برامج التعرف على الوجوه لتحديد هويات أشخاص حتى فى حال إصابتهم أو تشوه ملامحهم، وهو البرنامج الذي استخدمته لتجميع قوائم بالأهداف المحتملة للغارات الجوية.مسار آخر، إذ دمجت إسرائيل نموذجًا للذكاء الاصطناعى باللغة العربية، حيث تم تشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية ومنشورات مواقع التواصل الاجتماعى وغيرها من البيانات باللغة العربية، وذلك بجهود من الوحدة 8200 وجنود احتياط يعملون أيضاً فى شركات تكنولوجية كبرى مثل جوجل، مايكروسوفت، وميتا. وأسست إسرائيل ما يُعرف بـ«الاستوديو»، وهو مركز ابتكار يهدف إلى ربط الخبراء بالمشروعات العسكرية الخاصة بالذكاء الاصطناعى، وبرغم من تسمية «الذكاء الاصطناعى»، إلا أن العملية لم تخل من الأخطاء والتداعيات، حيث وقعت أخطاء فى تحديد هوية الأشخاص وأدت إلى اعتقالات وأيضًا وفيات بين المدنيين.وبحسب الصحيفة الأمريكية، فقد أشار العديد ممن شاركوا فى عمليات التطوير إلى أن هناك تحديًا يتعلق بفهم الأبعاد الأخلاقية لهذه الأدوات، فى ظل تزايد استخدامها فى أعمال المراقبة وشن الهجمات.وقالت هاداس لوربر، رئيسة معهد الأبحاث التطبيقية للذكاء الاصطناعى المسؤول فى معهد حولون للتكنولوجيا: إن تلك التقنيات الجديدة أوجدت تحوّلاً نوعياً فى ميدان القتال وقدّمت مزايا، لكنها فى الوقت نفسه تثير أسئلة أخلاقية خطيرة فى ظل عدم وجود ضوابط واضحة.وأشارت مصادر للصحيفة الأمريكية، إلى أن جنود الاحتياط العاملين فى شركات التكنولوجيا الكبرى كانوا عاملًا حاسمًا فى تعزيز الابتكار والدفع نحو هذا الاتجاه، لا سيما فى مجال الطائرات بدون طيار ودمج قواعد البيانات، إذ جلب هؤلاء الاحتياطيون خبرات وإمكانيات تقنية متقدمة لم تكن متاحة من قبل للجيش الإسرائيلى.