إيمان ممتاز تكتب: ‎أطفال الشوارع.. واقع مر ومستقبل مجهول

إيمان ممتاز تكتب: ‎أطفال الشوارع.. واقع مر ومستقبل مجهول

تُعد ظاهرة أطفال الشوارع من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمع، حيث يُقدّر عددهم بنحو مليوني طفل، وفقاً لتقديرات منظمة اليونيسف.

تتراوح أوضاعهم بين التسول، والعمل في الشوارع، والتعرض للاستغلال، ما يُهدد مستقبلهم ويُعرّضهم لمخاطر صحية ونفسية واجتماعية جسيمة. ‎الأسباب الرئيسية للظاهرة: ‎تتعدد أسباب انتشار ظاهرة أطفال الشوارع في مصر، وتتمثل أبرزها في: الفقر: يُعد الفقر من أبرز العوامل التي تدفع الأطفال إلى الشوارع، حيث يُجبرون على العمل لتوفير احتياجاتهم الأساسية. التفكك الأسري: يؤدي الانفصال الأسري إلى غياب الرعاية والاهتمام، مما يُسهم في تسرب الأطفال إلى الشوارع نظام التعليم الطارد: يُعاني البعض من الأطفال من صعوبات تعليمية أو نفسية، مما يُسهم في تسربهم من المدارس. العمالة في الشوارع: يُجبر بعض الأطفال على العمل في الشوارع لساعات طويلة، مما يُعرّضهم للاستغلال والمخاطر. ‎الإحصائيات الرسمية ‎وفقاً لتقرير برنامج “أطفال بلا مأوى” التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، تم التعامل مع 17,427 حالة منذ انطلاق البرنامج في يناير 2017 حتى ديسمبر 2021.من بين هذه الحالات، تم دمج 5,140 حالة، بينما بلغ عدد الأطفال العاملين في الشوارع 9,063 حالة. ‎الجهود الحكومية والمجتمعية ‎أطلقت الحكومة المصرية برنامج “أطفال بلا مأوى” بالتعاون مع صندوق “تحيا مصر” لمواجهة هذه الظاهرة.يهدف البرنامج إلى تقديم خدمات الإعاشة والتأهيل للأطفال، ودمجهم في المجتمع من خلال الأسر البديلة أو دور الرعاية الاجتماعية.تم تخصيص 164 مليون جنيه لهذا  ‎البرنامج، بمشاركة 17 وحدة متنقلة تعمل في 13 محافظة. ‎التوصيات والحلول المقترحة: تطوير برامج التعليم والتدريب المهني: توفير فرص تعليمية للأطفال في المناطق العشوائية، وتقديم برامج تدريبية لتأهيلهم لسوق العمل. توفير الدعم النفسي والاجتماعي: إنشاء مراكز متخصصة لتقديم الدعم النفسي للأطفال، ومساعدتهم على التكيف مع المجتمع.  تطوير التشريعات والسياسات: وضع قوانين تحمي حقوق الأطفال وتُجرّم استغلالهم في الشوارع. تعزيز دور المجتمع المدني: تشجيع المنظمات غير الحكومية على المشاركة في رعاية الأطفال وتقديم الدعم اللازم لهم‎بعض التجارب العالمية التي نجحت في الحد من ظاهرة أطفال الشوارع:1. البرازيل: مشروع “بيت الصغار – Casa dos Meninos” ‎في مدينة ساو باولو، حيث تنتشر ظاهرة أطفال الشوارع، أطلقت منظمات غير حكومية مشروع “بيت الصغار” الذي يوفّر للأطفال المأوى، التعليم غير النظامي، والدعم النفسي.النتائج: استطاع المشروع إعادة دمج آلاف الأطفال في التعليم الرسمي وسوق العمل على مدار سنوات، مع دعم حكومي محدود ولكن فعّال.2. الفلبين: برنامج “مجتمع بلا أطفال شوارع” ‎أطلقت الحكومة الفلبينية بالتعاون مع منظمة اليونيسف برنامجًا متكاملًا يركز على:  تقوية الأسر الفقيرة اقتصاديًا.  توفير تعليم مرن للأطفال العاملين.  فرق تدخل سريع تجوب الشوارع لرعاية الأطفال. ‎النتيجة: خفّضت مانيلا عدد الأطفال المشردين بنسبة تُقدّر بـ40% خلال 5 سنوات.3. الهند: مراكز النهار للأطفال المشردين ‎أنشأت العديد من المدن الهندية مراكز “الرعاية النهارية”، التي توفّر:  وجبات يومية. تعليم غير رسمي.  خدمات صحية أولية. ‎التمويل: يعتمد على شراكات بين الحكومة المحلية والقطاع الخاص.النتائج: ساعدت هذه المراكز في تقليل التسرب المدرسي، وزيادة نسبة الأطفال المُدمجين اجتماعيًا.4. جنوب أفريقيا: قانون حماية الطفل والتدخل المجتمعي ‎طبّقت الدولة قانونًا يُلزم السلطات المحلية بالتدخل لحماية أي طفل يُرصد في الشارع، عبر نظام حماية متكامل يشمل: الإبلاغ الإجباري.  إعادة التأهيل والدعم الأسري. تدريب مقدّمي الرعاية. ‎النتيجة: ارتفعت نسبة إعادة دمج الأطفال المشردين في الأسر أو مراكز الرعاية إلى أكثر من 70%.‎ما يميز هذه التجارب هو الدمج بين الدعم الحكومي، تدخل المجتمع المدني، وتقديم خدمات شاملة (تعليم، صحة، دعم نفسي).يمكننا الاستفادة من هذه النماذج مع مراعاة الخصوصية الثقافية والاجتماعية.