المهندس إيهاب محمود: ملف الإيجار القديم بحاجة إلى جراحة تشريعية دقيقة تحفظ الحقوق وتراعي العدالة الاجتماعية

المهندس إيهاب محمود: ملف الإيجار القديم بحاجة إلى جراحة تشريعية دقيقة تحفظ الحقوق وتراعي العدالة الاجتماعية

في الوقت الذي تتصاعد فيه نداءات الملاك المتضررين من استمرار العمل بقوانين الإيجار القديم، وتتصاعد على الجانب الآخر مخاوف المستأجرين من الإخلاء أو فقدان المأوى، يبرز صوت المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الجيل الديمقراطي بالإسكندرية، ليطرح رؤية متوازنة، قائمة على قراءة اقتصادية دقيقة ووعي اجتماعي عميق، داعيًا إلى فتح هذا الملف الشائك على أسس علمية ومهنية تحترم الحقوق وتراعي الإنسانية في آنٍ واحد.

  رؤية عقلانية لإصلاح العلاقة الإيجارية المجمّدة منذ عقود وأكد المهندس إيهاب محمود في تصريحاته الصحفية أن “ملف الإيجار القديم لا ينبغي أن يُفتح بالعاطفة أو الضغوط، بل بالأدوات العلمية وبمنظور وطني شامل، لأنه يمسّ مئات الآلاف من الأسر المصرية، سواء من جانب الملاك الذين يملكون العقارات، أو المستأجرين الذين استقرت حياتهم في هذه الوحدات لعشرات السنين”. وأوضح أن المشكلة الحقيقية لا تكمن فقط في انخفاض القيمة الإيجارية، بل في غياب التقييم الاقتصادي العادل الذي يحفظ حقوق الطرفين، ويضمن العدالة في العلاقة التعاقدية التي أصبحت، بمرور الزمن، غير منطقية وغير قابلة للاستمرار بالشكل الحالي.  ضرورة تشكيل لجنة تقييم اقتصادية وقانونية محايدة وشدد محمود على ضرورة تشكيل لجنة تقييم اقتصادية وقانونية مختصة، تضم خبراء في الاقتصاد، والإسكان، والقانون، والاجتماع، تكون مهمتها الأساسية مراجعة وتقدير القيمة العادلة للوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، سواء سكنية أو تجارية، بناء على معايير دقيقة تشمل: موقع الوحدة، المساحة، طبيعة الاستخدام، حالة البناء، وظروف المستأجرين الاقتصادية والاجتماعية.  وأكد أن هذه اللجنة يجب أن تعمل باستقلالية تامة عن أي ضغوط، وتصدر تقاريرها بعد دراسات ميدانية حقيقية، وتوصي بإعادة تسعير تدريجي للقيمة الإيجارية بما يواكب الواقع، دون إحداث صدمة في السوق أو اضطراب في حياة الأسر.  آلية تعويض مرنة تحفظ كرامة الطرفين وفي إطار رؤيته لحلول مبتكرة وعادلة، اقترح المهندس إيهاب محمود آلية تعويضية مرنة، تقضي برد نسبة من إجمالي ما دفعه المستأجر من إيجارات على مدار سنوات التعاقد الطويلة من خلال لجنة التقييم بنسب محددة ، كنوع من المساهمة في مساعدته على تأمين مسكن بديل حال خروجه، وبما يعكس شراكة عادلة بين الطرفين. وأوضح أن هذا المقترح يسهم في تقليل التوتر والصراعات، ويشجع على الخروج الطوعي والاتفاقات الودية بدلًا من اللجوء إلى القضاء أو التشريع الجبري.  دراسة اجتماعية شاملة تسبق أي تعديل تشريعي وحذر رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الجيل من التعامل السريع مع هذا الملف دون إعداد دراسة اجتماعية شاملة ومفصلة، تشمل تحليل شرائح المستأجرين من حيث الدخل، الحالة الصحية، السن، وعدد أفراد الأسرة، لضمان أن أي تدخل تشريعي لا يؤدي إلى تهجير أو تشريد أو تحميل فئات غير قادرة أعباء لا تحتملها.  وأضاف أن “إصلاح العلاقة الإيجارية لا يعني تهديد الاستقرار الاجتماعي، بل يعني تحقيق التوازن بين حقوق الملكية وحق السكن الآمن”، مشددًا على أن الفئات غير القادرة يجب أن تظل محل رعاية الدولة، وأن يتم إدماجها في برامج دعم السكن الاجتماعي، بالتوازي مع إنهاء التشوهات التاريخية في العلاقة الإيجارية.  تدرج زمني وتوعية مجتمعية لتجنب الصدمات وفيما يتعلق بكيفية التنفيذ، اقترح المهندس إيهاب محمود أن يتم الإصلاح التشريعي على مراحل زمنية متدرجة، تبدأ أولًا بالعقارات التجارية والإدارية، ثم الوحدات السكنية التي يشغلها أصحاب دخول مرتفعة أو يتم تأجيرها من الباطن، على أن تمنح مهلة انتقالية  للفئات الأكثر احتياجًا وتوفير سكن بديل .    كما دعا إلى إطلاق حملة إعلامية توعوية، تقودها الدولة بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني، لتوضيح أهداف التعديل، وتبديد مخاوف المستأجرين، وخلق بيئة من الثقة تدعم الإصلاح، وتمنع تأويله على أنه تهديد اجتماعي.  نحو قانون عادل وواقعي يعيد الاتزان للسوق العقاري واختتم المهندس إيهاب محمود حديثه بدعوة صريحة إلى مجلس النواب القادم، بأن يتبنى قانونًا جديدًا للإيجار القديم يقوم على التوازن والعدالة، ويراعي مصالح جميع الأطراف، ويعيد للسوق العقاري المصري انضباطه المفقود. وقال: “لا يمكن أن تستمر العلاقة بين مالك يحصل على جنيهات معدودة عن وحدة تسوي ملايين، ومستأجر يستفيد بلا حدود من وضع تاريخي تجاوزت ظروفه”، مؤكدًا أن الاقتصاد لا يحتمل المزيد من التجميد، وأن العدالة الحقيقية تعني إصلاحًا شجاعًا، لا يفرط في الحقوق، ولا يظلم المستضعفين.    تحليل ختامي: رؤية المهندس إيهاب محمود تعكس روح الإصلاح الواعي والمسؤول، حيث يوازن بين التعويض والتدرج، بين العدالة والرحمة، بين الإصلاح والواقع.  إنها دعوة لإصلاح لا يهدف إلى الهدم، بل إلى البناء على أسس من التقييم، الحوار، والمشاركة المجتمعية، في سبيل الوصول إلى قانون عادل يعكس روح الدستور، ويحمي الحقوق، ويصون كرامة المواطن المصري أيًا كان موقعه في هذه المعادلة التاريخية.  تسجيلي