أثير الصفا تُعبّر عن: السيطرة الشاملة.

أثير الصفا تُعبّر عن: السيطرة الشاملة.

ليس كل البشر بشرًا، هناك من يتظاهرون بذلك فقط.. كل الكيانات في هذه الأرض تمتلك نفسًا، ولكن ما لا تعلمه أنها لا تمتلك بالضرورة روحًا. 

 هناك أنفس خبيثة بلا روح عبرت إلى هذا البُعد الأرضيّ متنكّرةً بأجسادٍ بشرية. هذه الكيانات مُبرمجة على الارتباط بالأرواح النقية، رسالتها هي تضليل هذه الأرواح، لتحيد الروح عن الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى المخرَج الوحيد فتبقى الروح حبيسة المصفوفة.   إنها فيروسات مدسوسة عن قصد في الماتركس، تستهدفك كنظام تشغيل إلهيّ، وروحك كود برمجيّ مُعرّف يمكن اختراقه من خلال الثغرات في نظامك الدفاعي. الفيروس أيضًا يعمل وفق كود ولكنّه خبيث، فهو بارع في التخفّي والتمويه كي لا ينكشف أمره، ففكرة وجوده في هذا الوجود تعتمد بالكامل على انطلاء خدعته عليك. يُشفّر نفسه، ليحاكي كودك، روحك، كأنه جزء من نظامك. يبدو لك مألوفًا، تُصدّقه، ثمّ يحصل الاقتران ثم الاختراق، يتسلّل من السطح ليستقر في الأعماق، فيتبدّل النور في قلبك إلى نارٍ، والإشراق في هالتك إلى احتراق. بالنسبة للفيروس أصحاب الأرواح هم مستقبلون مثاليون، كلما توهّجت الروح نورًا تأجّج الهجوم عليها أكثر، فالنور طاقة إلهية تمثّل غذاءً للكيانات الظلاميّة. لا يمتلك الفيروس إرادة حرة، لا يمتلك مشيئة، ولا يستطيع أن يتكاثر بشكلٍ مُستقلٍ دون مُستقبِل، حياته مرهونة بسذاجتك، وحياتك مرهونة بقدرتك على تمييزه، ثم قدرتك على صدّه. أنت المُضيف الغافل وهو الضيف اللئيم، فهل درعك متين وحصنك حصين؟ وماذا لو نجح في تعطيل برامج الأمان، وأصاب قلبك، نواة نظام التشغيل؟ لصار الكود ينسخ نفسه، لينمو من خلالك ويبدأ في الانتشار مستوليًا على كينونتك، حتى أنه يتقمص صوتك الداخلي، ولن تميّز حين تكلّم نفسك أنّه هو من يكلّمك، ولا تعود تدرك حين تفكّر أو تشعر أنّ هناك من يشوّش على صوتك الأصيل وينتحل هويتك ويسلبك حقيقتك وسمعَك وبصرك ونُطقكَ وحدسَك وحسّك وإرادتك. كمُضيف بريء تبدأ بتنفيذ الأوامر البرمجيّة الضارة لضيفك غير البريء، ضارة لك نافعةٌ له، وتخضع بكليّتك لهيمنة كائن هجين، طفيليّ، يعتاش على ما تبقّى من خامتك السماويّة. وهكذا يتمّ تهكيرك، يتهاوى نظام التشغيل الذي فطرك الخالق عليه.  سيتمّ إضعافك حتى تعوف هذه الحياة، تُعمّى بصيرتك، يُغمّى إدراكك، تُمسح بقايا ذاكرتك المحمولة من عالم الذرّ، تفقد ضالتك ووجهتك ووجهك ومُوجّهك، وتتحول المصفوفة في عينك إلى متاهة، وتجاربك إلى محاولات عشوائية بائسة للخروج من دائرة مغلقة، محكمة الإغلاق، وهكذا يلازمك ظلّك الذي يُضلّك، كلعنة تبدو أبديّة، وتبقى عالقًا في المنظومة تتخبّط مُستجديًا الله أن يهديك، أن يدلّك على الطريق.  مهما تمّت قرصنتك سيلازمك شعور منذ الطفولة بأنّ هناك خللًا ما في هذا العالم أو فيك، وستظل غريبًا لا منتميًا مشتّت الذهن، حتى تبدأ بتذكُّر حقيقتك، وتنزع الغشاوة عن قلبك بيدك، وتُفرّق بين الكود الأصيل فيك والكود الدخيل. ستسمع، وسط كل هذا الشواش المفتعل صدًى دفينًا قادمًا من مكان عميق أو زمن عتيق، يهمس، يناديك، ومن خلال الألم يصرخ فيك، إنّه الطارق الذي يظلّ يطرق حتى تستفيق، حتى تعيَ من أنت “النقيّ” بلا لوثة، “الحقيقي” لا النسخة، “الأصل” لا الصورة. لأن الروح لا تُدمَّر، الروح تُحجب، لأن النور يُعتَّم عليه لا يُفقد، لأن الحقيقة لا تُدنّس، الحقيقة تُطمس.  وفي لحظة إدراك ستكتشف أن الشيطان … هو الفيروس، وأنّ ما تراه من خلال عينه الواحدة وهم، وأن الفيروس نظام استعباد، وأنّ نظامك الإلهيّ مُصمّم على الاستمداد، وأنّك لست فأرًا حتى يكون الشيطان مصيدة، وأنّ للمطاف نهاية، وأنّ المُهيمن الوحيد في كلّ الحكاية هو الله.