برلمانيون وأحزاب: تعديل قانون “الإيجار القديم” حاجة ملحة لضمان العدالة الاجتماعية وتعزيز موارد الدولة العقارية.

برلمانيون وأحزاب: تعديل قانون “الإيجار القديم” حاجة ملحة لضمان العدالة الاجتماعية وتعزيز موارد الدولة العقارية.

تعد قضية الإيجار القديم من الملفات الشائكة التي طالما أثارت الجدل بين مختلف أطياف المجتمع، لما تحمله من أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونية متداخلة، حيث تتقاطع فيها حقوق المالك مع احتياجات المستأجر.

 وطالبت قيادات برلمانية وحزبية بإعادة النظر في القوانين المنظمة لها بما يحقق العدالة الاجتماعية ويحفظ التوازن بين الطرفين. أكد النائب الدكتور إيهاب وهبة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بمجلس الشيوخ ، أن قضية الإيجار القديم مثّلت واحدة من أبرز القضايا التي شغلت الرأي العام لسنوات طويلة، نظرًا لما تحمله من أبعاد اجتماعية واقتصادية وقانونية متشابكة.  وأوضح وهبة، في بيان له اليوم، أنه تابع باهتمام شديد ما يطرحه كل من المستأجرين والملاك، حيث وجدت أن كل طرف لديه مبرراته ومطالبه المشروعة، فالمستأجرين – خاصة كبار السن ومحدودي الدخل – عاشوا لسنوات طويلة في وحدات أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية، بينما عبّر الملاك عن معاناتهم من تدني العائد المادي لعقاراتهم، والذي لا يتناسب مع متطلبات المعيشة وحقوقهم كملاك. وأشار رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري بالشيوخ إلى ضرورة العمل على إيجاد حل عادل ومتوازن لهذا الملف، يراعي الحقوق ويمنع الظلم، ويعتمد على حوار مجتمعي واسع تشارك فيه كافة الجهات التشريعية والتنفيذية ومؤسسات المجتمع المدني.  وأكد وهبة، علي أهمية أن يكون الحل قائما على خطوات واقعية ومدروسة، لا تسبب صدمة اجتماعية، بل تُهيئ المواطنين تدريجيًا لأي تغيير قادم. وأضاف وهبة، أنه لابد من ربط أي إصلاح تشريعي بوجود آليات دعم للفئات الأكثر تضررًا، من خلال توفير بدائل سكنية مناسبة أو برامج حماية اجتماعية، حتى لا يتحول الحل إلى أزمة جديدة تطال شرائح ضعيفة من المجتمع، مشددا فى الوقت ذاته على أهمية احترام الملكية الخاصة وتحفيز الاستثمار في القطاع العقاري، باعتبار ذلك جزءًا من حقوق المواطنين والدولة معًا. وأشاد وهبة، بعقد مجلس النواب وخاصة اللجنة البرلمانية المشتركة بين الإسكان والمحلية جلسات استماع لكافة طرفى الأزمة الملاك والمستأجرين من أجل الوصول إلى حلول عادلة ترضى جميع الأطراف ولا تنحاز لطرف على حساب طرف آخر. واختتم النائب إيهاب وهبة بالتشديد على أن قضية الإيجار القديم تحتاج إلى نظرة متزنة، ورؤية إصلاحية لا تقف عند اللحظة الراهنة فحسب، بل تمتد إلى مستقبل أكثر عدالة واستقرارًا، يوازن بين كرامة المواطن وحقوق المالك، ويحقق الصالح العام في ظل دولة قانون ومجتمع متماسك. وأكد محمد خلف الله الأمين المساعد لأمانة حقوق الإنسان بحزب مستقبل وطن، أن قانون الإيجارات القديمة يُعد من أكثر الملفات المجتمعية تعقيدًا، نظرًا لتأثيره المباشر على فئتين رئيسيتين، هما الملاك والمستأجرون مشددا على أهمية معالجة القانون من منطلق العدالة الاجتماعية وتحقيق توازن اقتصادي يحفظ حقوق الجميع.   وأضاف خلف الله أن الملاك يشعرون بأن القانون الحالي قد حرمهم لسنوات من حقهم في الانتفاع بممتلكاتهم وفقًا للقيمة السوقية، بينما يعتبر المستأجرون، وخصوصًا من ذوي الدخل المحدود، أن هذا القانون وفّر لهم استقرارًا سكنيًا في ظل الارتفاع المستمر في أسعار الإيجارات.   وأشار إلى أن الحل يكمن في اتخاذ خطوات تدريجية تحقق التوازن بين الطرفين، مؤكدًا على ضرورة إعادة تقييم الإيجارات بشكل مرحلي، وربطها بمعدل التضخم ومستوى الدخل، دون الإضرار المفاجئ بالمستأجرين.   ودعا محمد خلف الله إلى توفير بدائل سكنية مدعومة من الدولة، أو تطوير مشروعات إسكان اجتماعي تلبي احتياجات الفئات غير القادرة على تحمل زيادات كبيرة.   و أكد على أهمية تقديم حوافز وتسهيلات ضريبية للملاك لتشجيعهم على ترميم وتطوير العقارات القديمة، مما يساهم في تحسين البيئة العمرانية وزيادة المعروض السكني مقترحا إنشاء آلية تفاوض عادلة ومحايدة تحت إشراف جهة مختصة، تضمن التوصل إلى حلول توافقية بين الطرفين. واختتم محمد خلف الله تصريحه بالتأكيد على أن تعديل قانون الإيجارات القديمة يجب أن يتم في إطار من التوازن والعدالة، بما يضمن حماية حقوق المواطنين وتحقيق استقرار اجتماعي واقتصادي على المدى البعيد. من جانبه قال اللواء الدكتور رضا فرحات، محافظ القليوبية والإسكندرية الأسبق، وخبير الإدارة المحلية، إن قضية الإيجار القديم من أكثر الملفات تعقيدا في البنية القانونية والعمرانية بمصر، وقد تراكمت آثارها السلبية لعقود طويلة نتيجة غياب المعالجة التشريعية المتوازنة التي تضمن حقوق جميع الأطراف وتحافظ على الاستقرار المجتمعي.   وأوضح فرحات أن العلاقة بين المالك والمستأجر في ظل قانون الإيجار القديم أصبحت غير متوازنة، حيث يدفع المستأجرون إيجارات رمزية لا تتناسب مع قيمة العقارات، بينما لا يملك المالك أي وسيلة قانونية للاستفادة الحقيقية من أملاكه مشيرا إلى أن استمرار هذا الوضع يتسبب في فقدان الدولة لموارد عقارية ضخمة، ويساهم في تدهور البنية السكنية داخل المناطق القديمة.   وأكد أن إصلاح قانون الإيجار القديم ضرورة وطنية، ولكنه يجب أن يتم وفق رؤية شاملة تدريجية تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي، خاصة ما يتعلق بكبار السن وأصحاب الدخل المحدود، الذين ارتبطوا بهذه الوحدات السكنية منذ عقود ولا يمتلكون البدائل داعيا إلى ربط التعديل بتوفير سكن بديل مناسب ضمن مشروعات الإسكان الاجتماعي أو مبادرات “سكن لكل المصريين” و”حياة كريمة”.   وأضاف أن قضية الإيجار القديم لا تخص فقط العدالة بين المواطنين، وإنما ترتبط أيضا بتحقيق أهداف التنمية العمرانية واستغلال الأصول المعطلة، حيث يمكن أن يسهم تحرير هذه الوحدات في تحريك سوق العقارات، وتشجيع المواطنين والمستثمرين على إعادة ترميم المباني القديمة واستثمارها، بدلا من تركها مغلقة أو في حالة تدهور.   وشدد الدكتور رضا فرحات على أهمية أن يتم تعديل القانون من خلال حوار مجتمعي شفاف وموسع، تشارك فيه الحكومة والأحزاب وخبراء العمران والمجتمع المدني، للخروج بتصور توافقي يضمن العدالة ويحترم حقوق الطرفين، وينفذ بشكل تدريجي يراعي الواقع المعيشي والاقتصادي.   وأكد أن معالجة هذا الملف ينبغي أن يكون ضمن خطة الدولة لتطوير المناطق القديمة والعشوائية، وتعزيز كفاءة الإدارة المحلية في التعامل مع الأزمات السكنية، مشيرا إلى أن النجاح في هذا الملف سيكون خطوة مهمة نحو بناء مجتمع عمراني أكثر توازنا وعدالة واستدامة.