جوتيريش ينبه من أزمة تمويل خطيرة تهدد مستقبل بعثات حفظ السلام.

دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الدول الأعضاء في مؤتمر الأمم المتحدة الوزاري حول حفظ السلام لعام 2025 الذي انطلق اليوم الثلاثاء، إلى تقديم دعم أكبر لقوات “القبعات الزرق”، محذرًا من تأثيرات تخفيضات التمويل غير المسبوقة التي تهدد فعالية هذه العمليات الحيوية.
وقال غوتيريش، أمام وزراء من أكثر من 130 دولة في برلين، إن “القبعات الزرق ما زالت تلعب دورًا محوريًا في مساعدة الدول على الانتقال من النزاع إلى السلام”، مشددًا على أن وجودهم في بؤر التوتر حول العالم “يعني الفرق بين الحياة والموت”، وفق بيان على موقع الأمم المتحدة. وأكد الأمين العام أن عمليات حفظ السلام تُجسد قوة العمل متعدد الأطراف في تحقيق وصون السلام، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن المهام أصبحت أكثر صعوبة في ظل تزايد النزاعات، وغياب الدعم السياسي الضروري لتنفيذ ولايات البعثات. تأتي تحذيرات جوتيريش في وقت تواجه فيه الأمم المتحدة عجزًا ماليًا متزايدًا، حيث يبلغ إجمالي المتأخرات غير المدفوعة في ميزانية عمليات حفظ السلام 2.7 مليار دولار. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن الميزانية المنتظمة لعام 2025 لم تحصل حتى الآن سوى على 1.8 مليار دولار من أصل 3.5 مليارات، بعجز يقارب 50%. وذكر جوتيريش أن الوضع يتطلب مراجعة عاجلة لنموذج عمليات حفظ السلام، في ظل ما وصفه بـ”القيود المالية الحادة”، مؤكدًا ضرورة وضع استراتيجيات خروج واضحة للبعثات، مع اعتماد تفويضات أكثر واقعية وقابلة للتنفيذ في ضوء الموارد المتاحة. وأشار إلى أن بعض البعثات النشطة – مثل قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) – أثبتت القدرة على التكيف مع التحديات الجديدة، دون المساس بمهامها في حفظ السلام وتقديم المساعدات. كما أثنى على بعثة الأمم المتحدة في جمهورية أفريقيا الوسطى التي تساعد الحكومة على بسط نفوذها خارج العاصمة، فضلًا عن جهود قوات بعثة الأمم المتحدة في الكونغو الديمقراطية في حماية المدنيين رغم تصاعد العنف هناك. ووفق تقرير قدمه مراقب الميزانية بالأمم المتحدة إلى اللجنة الخامسة للجمعية العامة، فإن بعض الدول تتحمل النصيب الأكبر من المتأخرات، على النحو التالي: الولايات المتحدة: 1.5 مليار دولار، والصين: 597 مليون دولار، وروسيا: 72 مليون دولار، والسعودية: 42 مليون دولار، والمكسيك: 38 مليون دولار، وفنزويلا: 38 مليون دولار، بالإضافة إلى 137 مليون دولار مستحقة من دول أخرى. كما بلغ إجمالي المساهمات غير المسددة للمحاكم الدولية التابعة للأمم المتحدة 79 مليون دولار حتى 30 أبريل. وأكد جوتيريش أن إصلاح هيكل المنظمة – بما في ذلك تقليص محتمل للموظفين بنسبة 20% – ليس بديلاً عن الالتزام السياسي والمالي من الدول الأعضاء. واختتم وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس الجلسة قائلاً: “عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة اليوم أكثر حيوية من أي وقت مضى.. وستظل ركيزة أساسية للاستقرار الدولي. فلنلتزم بجعلها أكثر فاعلية من أجل من يعتمدون عليها”.