«القطاع الخاص»: شريك أساسي في تقدم مصر الاقتصادي

«القطاع الخاص»: شريك أساسي في تقدم مصر الاقتصادي

نجحت مصر فى أن تصبح لاعبًا إقليميًا يعيد تشكيل الخريطة الصناعية بديناميكية غير مسبوقة، وذلك رغم التحديات الاقتصادية العالمية، وبفضل «القطاع الخاص» الذي يعد البطل الخفى الذي يقود هذه النهضة من خلف الكواليس، فمن العاصمة الإدارية الجديدة إلى مدن الصعيد الصناعية، ومن خطوط الإنتاج فى 6 أكتوبر إلى التجمعات الصناعية فى العاشر من رمضان، ليسجل ذلك القطاع حضورًا فاعلًا فى كل خطوة نحو تحقيق الحلم الصناعي، وحسم معركة التنمية عبر استثمارات بمليارات الجنيهات، ومصانع ذكية، وشراكات دولية استراتيجية.

 خلال السنوات الـ5 الأخيرة، ضاعفت كبرى شركات القطاع الخاص استثماراتها الصناعية، مدفوعة بإصلاحات حكومية جريئة، من تحرير سعر الصرف إلى تحديث البنية التحتية وتمهيد بيئة استثمارية واعدة، لتكون النتيجة نموًا فى الإنتاج المحلي، وزيادة فى الصادرات، وتوفير آلاف فرص العمل.وبعيدًا عن منطق التنافس، باتت العلاقة بين القطاع الخاص والدولة نموذجًا لشراكة حقيقية، إذ توفر الحكومة الحوافز والمناخ الداعم، بينما يقدم رجال الأعمال خبراتهم ومرونتهم فى إدارة المشاريع وتحقيق الكفاءة الإنتاجية.ورغم الصعوبات مثل ارتفاع أسعار الطاقة وتقلبات سلاسل الإمداد العالمية، يواصل القطاع الخاص رهانه على الصناعة المحلية. فالمستقبل – كما يراه خبراء الاقتصاد – لا يحتمل التراجع، بل يتطلب جرأة أكبر، ورؤية أوضح، وتحالفًا أقوى بين القطاعين العام والخاص، خاصة أن النهضة الصناعية التي تشهدها مصر ليست مجرد مشروع حكومي، بل ملحمة اقتصادية يكتبها القطاع الخاص بسواعد عماله، وخطط مستثمريه، وإيمانه بقدرة مصر على أن تكون “مصنع المنطقة” ومركزًا صناعيًا إقليميًا.وفى الوقت الذي تعانى فيه اقتصادات العالم من موجات تضخم متلاحقة، وتراجع فى التدفقات الاستثمارية، تفتح مصر بابًا كبيرًا للتغيير الجذرى فى نموذجها الاقتصادي، عبر وثيقة سياسة ملكية الدولة، التي تهدف إلى إعادة رسم خريطة الاقتصاد، وتحرير طاقات القطاع الخاص.ويرى خبراء الاقتصاد، أن الوثيقة لا تقتصر على مجرد تقليص دور الدولة، بل تعكس تحولًا استراتيجيًا نحو “تمكين القطاع الخاص كشريك أساسى فى التنمية”، ووفقًا للرؤية المعلنة، فإن الدولة ستنسحب تدريجيًا من عدد من القطاعات الاقتصادية، لتفسح المجال أمام المستثمرين المحليين والأجانب لضخ رؤوس أموالهم، وتحقيق عوائد أعلى، وخلق فرص عمل مستدامة.ويعد تطبيق وثيقة ملكية الدولة بشكل جاد وشفاف قد يقلب المعادلة، ويبعث رسالة قوية للأسواق الدولية بأن مصر جادة فى تهيئة بيئة استثمار حرة وتنافسية، فضلًا عن أن الاستثمار الأجنبى ليس فقط مصدرًا للنقد الأجنبي، بل أيضًا بوابة لنقل التكنولوجيا، وتحفيز سلاسل التوريد، ورفع كفاءة القطاعات الإنتاجية.وتعد وثيقة سياسة ملكية الدولة إطار استراتيجى أعلنته الحكومة المصرية لأول مرة عام 2022، ويهدف إلى إعادة تنظيم دور الدولة فى الاقتصاد من خلال تحديد القطاعات التي ستواصل الدولة الاستثمار فيها، وتلك التي ستنسحب منها بشكل جزئى أو كلي، لإفساح المجال أمام القطاع الخاص.قال الدكتور مجدى عبدالفتاح، الخبير الاقتصادى: إن الرئيس السيسي أكد أهمية منح القطاع الخاص الدور المحورى والرئيسى فى دفع عجلة الاقتصاد، وزيادة الصادرات، من خلال تشجيع الاستثمارات الوطنية فى مجال الإنتاج والتصدير، وتوفير الخدمات اللازمة للمصدرين، وتخفيف الأعباء على المستثمرين، ودعم الصناعة، وتعظيم العائد من الأصول المملوكة للدولة، ما يعكس التوجه الاستراتيجى للدولة نحو تمكين القطاع الخاص وتعزيز مساهمته فى بناء مستقبل أفضل لمصر.وأوضح أن القطاع الخاص قادر على المشاركة الايجابية فى التنمية فى جميع المجالات، وأهمها: مجالات التصدير والسياحة والتوسع فى الإنتاج الصناعي والزراعي وقطاع المقاولات، مؤكدًا أن مساهمة القطاع الخاص فى تعزيز خطة الدولة فى التنمية سيزيد من حصيلة العملات الاجنبية وسيؤدى الى زيادة الاستثمارات الاجنبية الوافدة.وأكد الدكتور محمد أنيس، الخبير الاقتصادي، أهمية منح القطاع الخاص دور أكبر فى التنمية الاقتصادية فلن يحدث تنمية دون القطاع الخاص القادر على توفير فرص عمل وزيادة الصادرات، موضحًا أن ما نتطلع إليه تحقيق تنمية مصحوبة بزيادة الإيرادات الدولارية وزيادة الصادرات، وهو ما يمتلكه القطاع الخاص، إلى جانب زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر المستهدف للتصدير لتحقيق مستهدفات التنمية.وأشار الدكتور أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربى للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربى بجامعة الدول العربية لشؤون التنمية الاقتصادية، إلى أن الدولة حريصة على تعزيز مشاركة القطاع الخاص فى التنمية الاقتصادية وزيادة نسبة مساهمته، وفقًا لوثيقة سياسة ملكية الدولة التي تستهدف رفع مشاركة القطاع الخاص بنسبة 65% خلال السنوات المقبلة.وأوضح أن زيادة مشاركة القطاع الخاص بالاقتصاد الوطني يسهم فى رفع معدلات النمو وخلق فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، إضافة إلى زيادة حجم الإنتاج والتشغيل وزيادة الناتج المحلى الإجمالي، إضافة إلى زيادة حجم الصادرات المصرية وتعميق التصنيع المحلى وتعظيم الصناعة الوطنية وتقليل فاتورة الواردات وتقليل عجز الميزان التجاري، إلى جانب أن إفساح المجال أمام القطاع الخاص يسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية فى شرايين الاقتصاد المصري.وأضاف: إن الحكومة وضعت سقفًا للاستثمارات العامة الكلية للدولة لا يتجاوز 1 تريليون جنيه بمشروع الموازنة العامة للعام المالى 2024-2025، موضحًا أن الاستثمارات العامة للدولة تشمل الاستثمارات فى كل جهات الدولة والوزارات والهيئات الاقتصادية وشركات قطاع الأعمال وغيرها، وأن الهدف من ذلك إفساح المجال أمام القطاع الخاص ليكون المساهم الأكبر فى إجمالى الاستثمارات الكلية بالدولة, ناهيك عن أن الدولة قامت بالتخارج من بعض القطاعات الاقتصادية والشركات ومستمرة فى تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية لإفساح المجال للقطاع الخاص لزيادة نسبة مساهمته.وتابع: لتحفيز مناخ الاستثمار أمام الاستثمار المحلى والأجنبى قدمت الدولة العديد من المحفزات منها التوسع فى إصدار الرخصة الذهبية، وتقديم مبادرات تمويلية بفائدة مخفضة وميسرة، وتقديم تيسيرات ضريبية وجمركية، وإصدار برنامج جديد لدعم الصادرات، إضافة إلى توفير الأراضى الصناعية، إضافة إلى البنية التحتية والتشريعية والمناطق الاقتصادية التي أقامتها الدولة لتحفيز مناخ الاستثمار المحلي، علاوة على أن الدولة مستمرة فى تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية تنفيذا لوثيقة سياسة ملكية الدولة من أجل زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص.وشدد غراب، على أن الدولة اتخذت العديد من القرارات والخطوات لتحفيز مناخ الاستثمار وجذب الاستثمارات الأجنبية، منها على سبيل المثال: عدم غلق أى منشأة صناعية إلا بقرار من نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بعد العرض على رئيس الوزراء، إضافة إلى التيسيرات الضريبية والجمركية التي نفذتها الدولة لمساعدة مجتمع الأعمال وضم الاقتصاد الموازى للاقتصاد الرسمي، وتنفيذ بنية تحتية قوية من الطرق والمحاور لتقليل الوقت والجهد وربط المحافظات ببعضها البعض بشبكة طرق حديثة لتقليل التكلفة على المستثمرين، وبنية تشريعية قوية بإصدار العديد من القوانين المحفظة لمناخ الاستثمار المصري، إضافة لإنشاء المجلس القومى للاستثمار الذي وافق على إصدار العديد من القرارات لتحفيز مناخ الاستثمار، علاوة على تحرك الدولة خلال الفترة الماضية فى حل مشاكل المستثمرين وإزالة العوائق التي تواجههم وحل مشاكل المصانع المتعثرة، والتوسع فى إصدار الرخصة الذهبية والقضاء على البيروقراطية والفساد الإداري.وتابع: إن حل مشاكل المستثمرين الصناعيين وتوفير الدعم لهم وتذليل العقبات أمامهم ومساعدتهم على تحسين منتجاتهم وزيادة جودتها يسهم فى زيادة الصادرات الصناعية وزيادة حجم الصادرات المصرية وتقليل فاتورة الواردات وزيادة دخل مصر من العملة الصعبة، كما أنه يحفز على ضخ الأموال فى مجال الصناعة المصرية التي تمثل قاطرة التنمية الاقتصادية، موضحًا أن هذه القرارات تنهض بالصناعة المصرية وتشجع صغار الصناع على الاستمرار وتعويض الخسائر إذا تعرضوا لها، وهذا كله يصب فى صالح تحسين مناخ الاستثمار فى مصر، ويحقق توجيهات الرئيس السيسي بتحويل مصر إلى مركز صناعي إقليمى ودولي.