خبراء الآثار: دير مارمينا يعد مركزًا رئيسيًا للحج المسيحي منذ القرن الخامس الميلادي

خبراء الآثار: دير مارمينا يعد مركزًا رئيسيًا للحج المسيحي منذ القرن الخامس الميلادي

 أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية أهمية موقع أبو مينا الأثري ودير مارمينا العجايبي بمنطقة برج العرب بمدينة الإسكندرية، مشيراً إلى أن دير مارمينا كان مركزا هاما للحج المسيحي منذ القرن الخامس الميلادي.

 وكان شريف فتحي وزير السياحة والآثار قد أجرى أمس الثلاثاء جولة تفقدية بموقع أبو مينا الأثري ودير مارمينا العجايبي بمنطقة برج العرب بمدينة الإسكندرية بتشريف واستضافة كريمة من قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية ورفقة أحمد خالد حسن سعيد محافظ الإسكندرية والدكتورة نوريا سانز مدير مكتب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة/اليونسكو/ الإقليمي بالقاهرة . وعن أهمية دير مارمينا الدينية والأثرية والتاريخية أشار ريحان إلى أن منطقة أبو مينا تقع بصحراء مريوط 56كم غرب الإسكندرية ويقع الموقع الأثرى خلف الدير الحديث على مساحة 1000 فدان وهو مسجل كأثر بالقرار رقم 698 لسنة 1956 وسجل تراثاً عالمياً باليونسكو عام 1979، وأدرج على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر عام 2001 نتيجة المياه الجوفية والأملاح التي هددت آثار المنطقة . وقد رشح الممتلك تراثاً عالمياً ثقافياً باليونسكو للمعيار الرابع باعتباره مجمعا معماريا يرجع إلى العصر المسيحي المبكر بنمط مميز لهذه الفترة الكنائس والبيوت والشوارع والدير، كلها تمثل تكوينا مرحليا في تاريخ العمارة المسيحية في مصر، والمنطقة تعبر عن مدينة من العصر المسيحي الأول ترجع إلى القرن الرابع الميلادي وتوفي فيها القديس مينا الذي قتله الإمبراطور دقلديانوس عام 226م وبها كنيسة على الطراز البازيليكى وكنيستان صغيرتان ومبان أثرية أخرى كشف عنها الآثارى الألماني كاوفمان عام 1905 وأوضح الدكتور ريحان أن منطقة أبو مينا كانت من أهم المدن من القرن الرابع إلى الثامن الميلادى ووصلت إلى قمة مجدها فى القرن الخامس وخلال النصف الأول من القرن السادس الميلادى حيث بنيت بازيليكا ضخمة وفي أواخر القرن الخامس والنصف الأول من القرن السادس الميلادي أصبحت من أهم مراكز الحج المسيحي في مصر بعد الأراضي المقدسة في فلسطين وذلك حتى القرن التاسع الميلادي ثم تدهورت بعد جفاف الفرع الكانوبى الذي كان يمد المنطقة بالمياه. ونوه الدكتور ريحان إلى اكتشاف الموقع عام 1905 على يد العالم الألماني كاوفمان تلتها حفائر المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية من 1925 إلى 1929 وحفائر المتحف القبطي بالقاهرة 1951 – 1952، ومنذ عام 1961 تسلمه المعهد الألماني للآثار بالقاهرة في حفائر مستمرة برئاسة الدكتور بيتر جروثمان، وفي عام 2002 تمت أعمال الحفائر بالمجموعة المعمارية الضخمة غرب الحمام الشمالي أمام الجانب المواجه للشارع . وأسفرت التنقيبات بموقع أبو مينا عن كشف مدينة كاملة كان يطلق عليها “المدينة الرخامية” لكثرة الرخام بها بالإضافة إلى مجموعة من الكنائس والمنازل والحمامات ومركز الحج وقرية سكنية ودور ضيافة وبيمارستان وتعنى “مستشفى”، وعثر بين أنقاض دير مار مينا على بقايا أواني فخارية تعرف بقنانى القديس مينا الفخارية من أحجام مختلفة كان يحملها الحجاج المسيحيون بعد ملئها من بئر القديس مينا الذي يشفى من أمراض العيون ويعتبر دير “أبو مينا” مركزًا لتجمع الحجاج المسيحيين لانطلاقهم في رحلة الحج إلى جبل موسى ودير سانت كاترين والبعض كان يتوجه من دير سانت كاترين إلى القدس بل كان دير مارمينا نفسه مقصدًا للحجاج من أوروبا والتبرك بمياه بئر القديس مينا وتابع الدكتور ريحان بأن وزارة السياحة والآثار قامت بوضع خطة إنقاذ المنطقة الأثرية وإعداد مشروع لتخفيض منسوب المياه الجوفية بالتنسيق مع وزارتى الرى والزراعة وإدارة دير مارمينا والمحليات وتم وضع حلول علمية وعملية لحماية المنطقة الأثرية من المياه المتسربة إليها من الزراعات المحيطة بها نتيجة الرى بالغمر وإزالة كافة التعديات على المنطقة مع متابعة مستمرة من خبراء عالميين فى مجال المياه والرى والآثار والثقافة والفنون التابعين لمنظمتى اليونسكو والفاو، وتم تشكيل لجنة عليا لإدارة مواقع التراث العالمي عام ٢٠١٨ وأنهت وزارة السياحة والآثار مشروع معالجة المياه الجوفية يوم 14 مايو 2022 . وقد بدأ تنفيذ المشروع عام 2019 بتمويل ذاتي من المجلس الأعلى للآثار بتكلفة 60 مليون جنيه تضمن تنفيذ 12 بئرًا حول منطقة قبر القديس مينا بأعماق تتراوح ما بين 35 إلى 50 مترًا وتنفيذ 57 بئرًا حول الموقع الأثري ككل ومد خطوط طرد المياه للمنطقة بطول حوالي 6150 مترًا طوليًا وربط شبكة الآبار المستحدثة وكافة الأعمال الكهروميكانيكية بمنظومة التحكم الموجودة بالموقع، وساهمت وزارة الري والموارد المائية في أعمال تطهير المصارف المتواجدة داخل المنطقة الأثرية والمصارف العمومية حول المنطقة، أمّا وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي فقد ساهمت في أعمال تحويل نظام الري للأراضي الزراعية حول المنطقة الأثرية ليصبح بنظام الري بالتنقيط بدلًا من نظام الري بالغمر، الأمر الذي كان له دور فعال في تقليل حجم مياه الصرف الزراعي وتقليل مشاكل المياه الجوفية بالمنطقة وقامت منطقة آثار الإسكندرية بتجارب على نجاح المشروع حتى تأكد عدم وجود أي تجمعات مياه بالمنطقة الأثرية بالكامل بما فيها قبر القديس مينا وهناك متابعة دورية وقد شاهد زوار الموقع أمس ومنهم الدكتورة نوريا سانز مدير مكتب اليونسكو الإقليمي بالقاهرة العديد من المواقع الأثرية التي كانت تخفيها المياه وقد اختفى أثر المياه الجوفية من الموقع  واختتم الدكتور ريحان بأن وزارة السياحة والآثار تؤهل الموقع للزيارة ووضعه على خارطة السياحة المحلية والعالمية حيث قامت بعمل لوحات إرشادية ومعلوماتية بالموقع وتطوير خدمات الزائرين بالتعاون مع المكتب الإقليمي لليونسكو بالقاهرة حيث تم تركيب أكثر من 19 لوحة إرشادية ومعلوماتية تتضمن تعريف مسار الزيارة ومعلومات تاريخية وأثرية عن موقع أبو مينا الأثري وإزالة الحشائش من المنطقة والبالغ مساحتها 5000م والتي أظهرت كل الشواهد الأثرية للحمام المزدوج ومعاصر النبيذ وتم إنشاء دورات مياه للزائرين ورفع كفاءة الموقع العام وتطوير للخدمات المقدمة  يذكر أن وزير السياحة والآثار وعد أثناء تفقده للمنطقة أمس بالترويج لمنطقة دير أبو مينا بتوظيف أدوات التكنولوجيا الحديثة ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي وإعداد برامج تدريبية متخصصة للمرشدين السياحيين لتعريفهم بالعناصر المعمارية والتاريخية الفريدة للدير واختيار عناصر مدرّبة من داخل الدير للمشاركة في شرح الموقع للسائحين الذين لا يصحبهم مرشدون سياحيون وإعداد الدراسات اللازمة لإعداد مخطط تسويقي متكامل للترويج للموقع يشمل استخدام الوسائط الرقمية والمنصات التفاعلية بالإضافة إلى تخصيص مساحات ضمن الأجنحة السياحية المصرية المشاركة في المعارض والمحافل الدولية للتعريف بدير أبو مينا على غرار ما تم سابقًا مع المتحف المصري الكبير ومواقع أخرى بارزة.