محمد درويش: يا قلبي، عليك بالثقة في الله

إن إتقان فن التسليم والتفويض لله في جل بل كل الأمور يضفي على الإنسان قوة وعزة لا مثيل لهما.

إحساس المؤمن بأن زمام العالم لن يفلت من يد الله يقذف بمقادير كبيرة من الطمأنينة في قلبه إذ مهما اضطربت الأحداث وتقلبت الأحوال فلن تبت الا مشيئة الله.(والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لايعلمون) سورة يوسف آية ٢١.لذلك فالمؤمن الحق يستقبل الدنيا بيقين وشجاعة غير عابئ عالما بأن قدر الله هو الخير المطلق.(قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون) التوبة آية ٥١.إن الفزع من المستقبل المجهول وتوقع الخسارة والوهن لجدير ان يحول أقوى الرجال إلى فأر مذعور وهذه من مقررات مدارس إبليس.إن الحضارة الحديثة سيئة العلم بالله ضعيفة اليقين بفضله وكرمه ورحمته لذلك توقعوا الرزايا قبل العطايا كمثل الخوف الذي يستحوذ علي الجبناء حينما يدفعهم الشك الي ترقب الموت كامنا في كل أفقما أجمل الثقة بالله وما أروع الإيمان بقضائه وقدره الحكيم ومهما خيل إلينا بفهمنا القاصر ان في هذا القضاء شر فإنه لدى تقدير الله هو الخير المحض.الله أعلم بنا وأدرى بما يصلحنا ويقومنا وجل البشر أصحاب فهوم قاصرة وأمزجة نزقة فهي أبعد البعد عن نور البصيرة وسنا الحكمة الإلهية.قال رسول الله صل الله عليه وسلم (لايؤمن عبدي حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه).إن المرونة في مقابلة الشدائد والمصائب هي من آثار الإيمان والرشد وحري بالرجل الذي يدع العاصفة تمر ان يحسن التغلب عليها بعد ان تكون حدتها قد انكسرت وهذه المرونة دلالة علي التأدب مع الله وسكينة في ملاقاة قضائه وقدره، لذلك تجد أنه في حالات هبوب العواصف العاتية الأشجار التي تلقى تلك العواصف منتصبة الاعواد سرعان ما تنكسر وتتحول لحطام تذروه الرياح أما الأشجار التي تنحني مع الرياح فتمر عليها العواصف بسلام.وما أجمل قول الرسول الكريم صل الله عليه وسلم في فلسفة التعامل مع الشدائد (مثل المؤمن كمثل الزرع لاتزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل الكافر كمثل شجرة الأرز لاتهتز حتى تستحصد).