روزاليوسف تعارض تعليمات الوفد!

كانت السيدة روزاليوسف واثقة كل الثقة أن «مكرم عبيد» هو الذي يتزعم الحملة على روزاليوسف مجلتها وجريدتها، وأنه يعتزم إخراجها من الوفد، وهو صاحب السطوة الأولى فى الوفد والمنزلة الكبرى عند النحاس!
وفى مذكرات الكاتب الكبير الأستاذ مصطفى أمين «من عشرة لعشرين» أكثر من حكاية طرفاها السيدة روزاليوسف ومكرم عبيد لها دلالتها البالغة فيقول: تضايق الوفد من مجلة روزاليوسف لأنها لا تطيع أوامره ولا تنفذ تعليماته، فأوعز إلى شاب وفدى كان سكرتيرًا للجنة الطلبة وهو «عبدالحليم محمود» بإصدار مجلة وفدية باسم «الصريح» تباع بخمسة مليمات بينما مجلة روزاليوسف تباع بعشرة مليمات!ودأبت مجلة الصريح على غمز روزاليوسف واضطرت روزاليوسف إلى غمزها، وكادت تنشب خناقة بين المجلتين الوفديتين على صفحات المجلتين ووجه «النحاس» – زعيم الوفد – كلمة بخط يده يحيىّ فيها التابعى ولم يرض السيدة روزاليوسف تصريح النحاس لأنه ليس فيه إشارة لها.وأصرت على نشر مقال تهاجم فيه مجلة «الصريح» برغم أن النحاس اتفق مع «التابعى» على وقف الحملات بين المجلتين.جرى ذلك كله قبل صدور الجريدة اليومية بأكثر من عام ويكمل مصطفى أمين قائلًا: وحدث أن ذهب التابعى إلى مكرم عبيد سكرتير الوفد لتهنئته فى بيته بالعيد، وأوصلته السيدة روزاليوسف بسيارتها، ووقفت بعيدًا بعيدًا، دخل التابعى لتهنئة «مكرم» وقال مكرم للتابعى: إنك وعدت النحاس باشا ألا تهاجم مجلة الصريح؟قال التابعى: إنه لم يكتب شيئًا ولكن السيدة روزاليوسف مصممة على نشر الهجوم!فقال مكرم: هذا سوف يغضب النحاس باشا كل الغضب!قال التابعى: هذه هى السيدة روزاليوسف موجودة فى السيارة أمام الباب ويمكنك إقناعها!وخرج النائب الوفدى «زهير صبرى» وأحضر السيدة روزاليوسف وحدثت مناقشة بينها وبين مكرم قالت فيها لمكرم: أنت محام يا مكرم بك وعاوز تهوشنى أنا كمان؟!وامتقع وجه مكرم لهذه الإهانة ولاحظت السيدة روزاليوسف أنها فقدت أعصابها فأرادت أن تزيل تأثير الإهانة غير المقصودة بالابتسام والضحك والهزار!ويمضى مصطفى أمين قائلًا: وكان مكرم رجلًا حاد الذكاء واسع الحيلة، وكان بيت مكرم فى منشية البكرى فى طريق النحاس إلى القاهرة فكان «النحاس» فى كل صباح يمر بسيارته على بيت مكرم ويأخذه معه ويوصله إلى مكتبه بشارع قصر النيل ثم يذهب إلى بيت الأمة وبعد انتهائه من مقابلة زواره والوفود يركب سيارته ويمر على مكتب مكرم فيصحبه معه فى طريقه إلى بيته فى مصر الجديدة، ويوصل مكرم إلى بيته فى منشية البكرى ويتكرر هذا الشيء نفسه فى المساء.ومكرم لا يفترق عن النحاس فى أى يوم من أيام الأسبوع ما عدا يوم الجمعة عندما يذهب النحاس إلى الجامع لتأدية الصلاة.وكانت ثقته بمكرم لا حد لها، ولم يكن يشعر بأى حساسية نحو «مكرم» لا يبت فى أمر إلا بعد استشارته ولا يذيع نداء إلا بعد أن يراجعه ويحذف منه ما يشاء ويضيف إليه ما يريده وكان يتبنى أخطاءه، فإذا غضب مكرم على وفدى غضب عليه النحاس دون أن يسأل لماذا غضب وإذا رضى مكرم على موظف وافق النحاس على ترقيته ثقة منه بأن «مكرم» لا يخطئ فى الحكم على الرجال.وللذكريات بقية!