من حالة الجمود إلى ساحة المنافسة

من حالة الجمود إلى ساحة المنافسة

لسنوات طويلة ظل التمثال الضخم للملك رمسيس الثانى «محبوب بتاح» من أبرز معالم ميدان رمسيس الشهير فى قلب القاهرة، حتى أن محطة القطار هناك سميت على اسم التمثال، ورغم نقله من مكانه ظل الميدان والمحطة يحملان اسم صاحب التمثال الملك رمسيس الثانى.

ما سبق جزء من حكاية هذا التمثال الضخم المصنوع من الجرانيت الأحمر، والذي يعد حالياً من أبرز معالم المتحف المصري الكبير،والذي قطع رحلته منذ اكتشافه فى المعبد الكبير للمعبود بتاح بمنف «ميت رهينة» فى حوالى 200 عام، تنقل خلالها عدة مرات حتى استقر فى البهو العظيم فى المتحف المصري الكبير.الدكتورة أسماء محمد صلاح مدير إدارة الحفائر بمنطقة آثار أبو رواش عملت لفترة كبيرة فى منطقة آثار ميت رهينة فى السابق، وكشفت لنا جانباً من حكاية تمثال رمسيس الثانى، وقالت إن هذا التمثال الضخم يُظهر مدى قوة وثراء صاحبه الملك رمسيس الثانى، حيث كان فى الأصل قائما خارج المعبد الرئيس للمعبود بتاح بمدينة منف، ويبلغ عمره أكثر من 3000 عام، ويصور التمثال الملك رمسيس الثانى واقفاً فى هيبة تليق بحجم ملك عظيم مثله، خاصة أن مكانته فى تاريخ الحضارة المصرية كبيرة، وتم اكتشاف هذا التمثال عام 1820م من خلال المستكشف جيوفانى باتيستا كافيليا وهو باحث انثروبولوجيا وعالم آثار ومصريات إيطالى.وتابعت: تم هذا الاكتشاف فى معبد ميت رهينة العظيم قرب ممفيس، وتعد منطقة ميت رهينة التابعة لمركز ومدينة البدرشين بالجيزة هى الموطن الأصلى لتمثال رمسيس الثانى، والذي يبلغ طوله 11 مترا ويزن 80 طنا، وهو منحوت من الجرانيت الوردى اللون، وتعد عملية نقل التمثال هى الرابعة بعد أن نحته المصري القديم وتمثال آخر شبيه له فى محاجر أسوان قبل 3000 عام، وتم نقله إلى ميت رهينة بجبانة منف ليعرض أمام البوابة الجنوبية لمعبد بتاح الكبير، وعملية النقل الثالثه كانت عام 2006 حينما قرر وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى نقل التمثال من ميدان رمسيس حفاظا عليه من التلوث بسبب عوادم السيارات، كما أن الكبارى من حوله جعلت رؤية التمثال شبه معدومة، ووقع الاختيار على مقر مشروع المتحف المصري الكبير.وقالت أن هذا التمثال تم نقله من ميت رهينة عام 1955م لوضعه فى ميدان باب الحديد أمام محطة القطار، ليصبح بعدها منسوبًا لاسم صاحب التمثال وصار ميدان رمسيس كما يفضلها المصرييون دون ذكر كلمة الثاني، وفى 25 أغسطس من عام 2006 وضمن احتفالية كبرى تابعتها القنوات الإخبارية المصرية والأجنبية تم نقل تمثال رمسيس الثانى من ميدان رمسيس الى أرض مشروع المتحف المصري الكبير، وذلك لحماية التمثال من التلوث البيئى الناجم عن حركة القطارات والسيارات فى الميدان، وظل التمثال هكذا فى أرض المشروع عدة سنوات حتى تم نقله إلى الداخل وتحديداً البهو العظيم، ليكون أول مستقبلى زوار المتحف.ورغم أن المسافة من أرض المشروع حتى البهو العظيم ليست كبيرة، إلا أن علمية نقل التمثال خلالها والتي تمت فى 25 يناير 2018 كانت حدثا تاريخيا،حيث تم ذلك بحضور عدد كبير من وزراء الحكومة المصرية حينها «15 وزيراً ومحافظا»، بجانب عشرات السفراء العرب والأجانب من العاملين فى مصر،كذلك المهندس إبراهيم محلب الذي كان حينها يشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية لشؤون المشروعات الكبرى، وتقدمت التمثال تشريفة بالخيول والموسيقى.عملية النقل الأخيرة هذه للتمثال الضخم تمت بالتعاون مع شركة المقاولون العرب،تحت إشراف الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، وذلك وسط تغطية واسعة من وسائل الإعلام والقنوات الفضائية المحلية والعالمية حينها، وبدأت من الساعة 10 صباحا واستغرقت ساعة لتنتهى فى الساعة 11 صباحا، وتكلفت عملية النقل حوالى 13.6 مليون جنيه، وتضمن ذلك إنشاء طريق ورصيف خاص لمسار حركة التمثال بطول 400 متر، والسيارة التي تحركت بالتمثال وصنعت خصيصا لتلائم عملية النقل وتحركت بسرعة لم تزد علي 5 كيلومترات فى الساعة، وذلك لتحمل وزن التمثال الذي يتجاوز 80 طنا، مما استدعى إجراء تجارب محاكاة قبل نقل التمثال لكتل أسمنتية ضخمة بلغت أوزانها 100 طن، وذلك لضمان أقصى درجات الأمان فى نقل التمثال.ومنذ نقله إلى أرض المشروع، كان التمثال موضوعا على قاعدة ضخمة، وقد تم تحريره منها ورفعه لإزالة هذه القاعدة من أسفله،وتم تصميم نظام روافع هيدروليكية عن طريق تصميم أربع روافع تعمل فى الاتجاهين، وتم تنفيذه واختباره فى هولندا فى وجود متخصصين من شركة المقاولون العرب للتأكد من كفاءة تشغيله، حيث عملت الروافع الأربع بشكل متزامن بحيث يتم رفع التمثال من خلال نظام تحكم يعمل على تلافى أى خطأ وباتزان كامل، وهو ما حدث بالفعل، وتمت إزالة كافة العوائق المحيطة به فى مسار حركة نقل التمثال، حتى وصل بأمان إلى موقعه الأخير فى البهو العظيم بالمتحف المصري الكبير.