مستقبل مصر وضمان الإمدادات الغذائية

بخطى ثابتة تسير مصر على الطريق الصحيح نحو المُستقبل، تبنى الحاضر برؤية استراتيجية، تؤسس بنية تحتية لنهضة تنموية، تقدم حلولا جذرية لتحديات كانت من قبل مستعصية على المواجهة.
الأربعاء قبل الماضى، شهد الرئيس عبدالفتاح السيسي انطلاق موسم الحصاد، فى مشروع مستقبل مصر، الذي يستهدف استصلاح 4.5 مليون فدان بحلول عام 2027. ذلك المشروع يعد نموذجا لرؤية استراتيجية مصرية لتعزيز معدلات الأمن الغذائي، وتحقيق حزمة من الأهداف التي تقدم حلولا جذرية، للتحديات، وتؤمن مستقبل الجيل الحالى والأجيال المُقبلة. فالمشروع ليس زراعيا فقط، بل تنمية شاملة، بنية تحتية وزراعة وتصنيع زراعي يعظم القيمة المضافة بما يحقق الأمن الغذائى ويخلق فرص عمل، ويحد من فاتورة الاستيراد، ويعظم القدرة التصديرية، فيسهم فى خفض الطلب على الدولار لصالح الجنيه، بما لذلك من انعكاسات على الاقتصاد القومي، ودخول المواطنين. دعنا نتحدث بالأرقام فهى الأصدق فى التعبير.. مصر فاتورتها الاستيرادية 20 مليار جنيه سلعا غذائية سنويًا. ومساحة مصر الزراعية التي تكونت على مدار تاريخها 9 ملايين فدان حتى عام 2014، تتقلص حصة الفرد مع تزايد عدد السكان وثبات المساحة، فكل نمو سكانى يتطلب غذاء، ومن ثم زيادة الطلب على المنتج الغذائى الذي يتطلب تنامى الفاتورة الاستيرادية لسد العجز المتنامى بين الطلب والإنتاج. لذا كان الحل الجذرى فى تنمية القدرة الإنتاجية، عبر تحسين قدرة المساحة المنزرعة واستصلاح مساحات إضافية وخفض نسب الهدر. وعندما نتحدث عن استهداف الانتهاء من استصلاح وزراعة 4.5 مليون فدان بحلول 2027، فإن ذلك يعنى إضافة 50% من إجمالى ما تم استصلاحه وزراعته فى آلاف السنين، فى نحو عشرة أعوام فقط، وهذا لو تعلمون عظيم. فمصر هنا لا تحتفل بوضع حجر أساس أو بدء الاستصلاح بل بالحصاد أى أن نسب الإنجاز على الأرض متحققة وتتنامى، مثلًا مشروع سنابل سونو بأسوان 650 ألف فدان أضيفت للطاقة الإنتاجية، علق الرئيس: بفرض أن الفدان يتيح فرصة عمل لفرد واحد إذًا ذلك المشروع يحقق نحو 650 ألف فرصة عمل. بالأرقام.. مصر فاتورة استيراد السلع الغذائية فى ميزانيتها 20 مليار دولار، القمح وحده فاتورته الاستيرادية 4.5 مليار دولار، حيث تستورد مصر نحو 15 مليون طن قمح سنويًا، نصفها يستوردها القطاع الخاص والنصف الآخر للقطاع الحكومى لإنتاج الرغيف المدعم. أى حوالى 23% من فاتورة مصر الاستيرادية من القمح السلعة الاستراتيجية الأساسية، ومن ثم تنمية المساحة الزراعية تحقق الأمن الغذائي، وتخلق فرص عمل، وتخفض من الإنفاق الدولارى على الاستيراد لصالح تعزيز قوة الجنيه وخفض معدلات التضخم. إلى خفض الفاقد من الإنتاج عبر التخزين الجيد والآمن من خلال صوامع الغلال الأحدث عالميًا التي امتلكتها مصر الآن، تلك التكنولوجيا تضاعف القدرة، ففى السابق كانت شون الغلال التقليدية تتسبب فى فاقد وهدر لا يقل عن ١٠٪ من قدراتنا الإنتاجية. ملف آخر يتمثل فى الإنتاج الحيوانى المترتب على الزراعة، وما يترتب عليها من إنتاج الأعلاف والألبان واللحوم، بالأرقام.. مصر تنتج ما قيمته 105 مليارات ثروة داجنة، وتستهلك مليوني طن لحوم، نصف احتياجاتها من اللحوم مستورد، أى مليون طن لحوم من إجمالى الفاتورة الاستيرادية للسلع الغذائية. وهو ما تعمل الدولة على مواجهته من خلال التنمية الزراعية وتعظيم القدرة الإنتاجية للثروة الحيوانية، من خلال رفع الكفاءة الإنتاجية بتحسين السلالات، واستبدال الماشية التقليدية بأخرى أعلى فى تحويل معدلات اللحوم وإنتاج الألبان، مع إنشاء مزارع إضافية فى المناطق التي تم تعميرها حديثًا. وهنا أشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى أهمية دعم المزارع المصري، عبر منحه سلالات عالية الإنتاجية من اللحوم والألبان، لتنمية معدلات ربحه، وزيادة الناتج القومى للدولة. التصنيع الزراعي ملف آخر يشهد طفرة غير مسبوقة، فإلى جوار مزارع النخيل الأكبر عالميًا، والمساحات المستصلحة للإنتاج الزراعي، يتم إنشاء الثلاجات لحفظ المنتجات، ومصانع التجفيف والتغليف لخلق قيمة مضافة للمنتجات التي تستهدف التصدير إلى جانب السوق المحلي. مثلًا حجم صادرات مصر من السلع المجمدة بلغ 6 مليارات دولار، فى مقابل 4 مليارات دولار صادرات منتجات طازجة، فيما بلغت القيمة المضافة من تحويل المنتج الزراعي إلى عمليات تصنيع مليار دولار سنويًا. وهنا ندرك أهمية تعظيم الربح من خلال خلق قيمة مضافة للمنتجات بتصنيعها. مصر تعمل بجد ورؤية لتطوير الثروة الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية والتوسع فى التصنيع الزراعي، منظومة متكاملة. استصلاح الدولة للأرض والوصول بها إلى مراحل الإنتاج وطرح ٣٠٪ من الأسهم فى البورصة لتوسعة مشاركة القطاع الخاص، يعظم الفرص الاستثمارية، فالمستثمر يحصل على الأرض منتجة بكامل بنيتها التحتية، وهو ما يعزز من فرص الاستثمار السريع للحيلولة دون فقد مواسم زراعية. مصر تسير بخطى سريعة، والقطاع الخاص فى قلب المنظومة التنموية، فحجم أعمال الشركات التي تعمل فى مشروعات جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة بلغ 100 مليار جنيه سنويًا. كلمة معبرة صادقة قالها العقيد الدكتور بهاء الغنام المدير التنفيذى لجهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة: «إن احتفال مصر اليوم بموسم الحصاد 2025 وافتتاح المشروعات ليس احتفالًا عاديًا بل احتفال بتحرر الإرادة الوطنية من السيطرة على مقدراتنا وأمننا الغذائي». حقًا فقد قالها الأقدمون من يملك قوته يملك قراره وحريته، والإرادة السياسية مدعومة بقوة الشعب وعزيمته تواصل تعزيز القدرة الشاملة للدولة وتعزيز مصادر الدخل والسلاح، وفي القلب منها الأمن الغذائى والقدرة الإنتاجية الوطنية.