كريم صبحي يكتب: مصر لا تنتظر المعجزات، بل هي التي تخلقها

كريم صبحي يكتب: مصر لا تنتظر المعجزات، بل هي التي تخلقها

في خضم الحرب الاقتصادية الشرسة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تتساقط التحالفات وتتغير معادلات السوق، ظهرت مصر كرقم جديد في المعادلة، لا كمتفرج، بل كلاعب يحمل بين يديه فرصة تاريخية نادرة. حين اشتدت قبضة واشنطن على المنتجات الصينية، وضيّقت الخناق على المصانع العملاقة، لم يكن أمام هذه الكيانات سوى البحث عن مخرج ينقذها من الغرق… وكان اسم مصر يعلو وسط الضجيج.

 لم يكن ذلك من باب الصدفة، بل لأن مصر تملك ما لا يملكه الكثيرون: اتفاقيات تجارة حرة تربطها بالعالم، ومناطق صناعية مؤهلة تفتح أبواب الأسواق الأمريكية والأوروبية، وموقع جغرافي لا يُشترى ولا يُعوض، قلب نابض يربط الشرق بالغرب، والجنوب بالشمال.. فجأة، بدأت المصانع تتوجه جنوباً، إلى القاهرة، إلى العاشر من رمضان، إلى برج العرب.. كأن التاريخ قرر أن يمنح مصر دورًا جديدًا في مسرح الاقتصاد العالمي. رأينا استثمارات تنهال بعد سنوات من الجمود، ورأينا خطوط إنتاج تُنقل، وآلاف الفرص تُخلق من العدم. الأمل لم يعد أمنية، بل مشروعًا قائماً، يتحرك بين الآلات والعمال والموانئ. تحولٌ حقيقي يحدث، تتحول فيه مصر من مجرد مستورد إلى صانع، من متلقٍ إلى مصدر، من تابع إلى مؤثر. أصبحت القاهرة لا تنتظر أن تُستهلك، بل تصدر للعالم. ومع كل خطوة للأمام، يعلو السؤال: هل تكون مصر، بكل ما تملكه من إمكانيات وإرادة، هي مفاجأة الاقتصاد العالمي القادمة؟ هل تغير قواعد اللعبة لا بتحدي الكبار، بل بتوظيف الذكاء، واستغلال اللحظة؟ هذه ليست مجرد فرصة، بل امتحان حقيقي لمستقبل وطن يستحق أن يكون في المقدمة. مصر اليوم أمام مفترق طرق لا يُحتمل فيه التراجع، ولديها من الأدوات والإرادة ما يجعلها قادرة على المواجهة، على المنافسة، على الصعود.. وما كان في الأمس حلمًا يبدو اليوم مُمكنًا. فلتنهض مصر كما يليق بتاريخها، ولتصنع من هذا التحدي بابًا نحو استقلال اقتصادي لا يُملى من الخارج، بل يُكتب بيد أبنائها.عاشت مصر، قوية، مستقلة، صانعة لمصيرها.