طلاق ترامب وماسك: اتهام للإعلام بمحاولة تفريقهما

قبل شهور من مغادرة إيلون ماسك منصبه في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث قاد طوال أشهر وزارة أطلق عليها اسم “هيئة الكفاءة الحكومية” بهدف خفّض الإنفاق الفيدرالي، وشاع عدم ارتياح متزايد في أنحاء الولايات المتحدة بشأن نهج ماسك القاسي في الاستغناء عن عشرات الآلاف من العاملين من القوي العاملة الحكومية، وعانى مشروعون جمهوريون من غضب الناخبين، ولايةٍ استمرت 130 يومًا، شهدت أيضًا تزايدًا في نسب عدم الرضا، وضغوطًا ماليةً على إمبراطوريته التجارية، وصدعًا بين أغنى رجلٍ في العالم وأقوى زعيمٍ سياسيٍّ فيه. كتبت هذا المقال في جريدة “المصري اليوم”، وأعيد نشره، وفيه أشّرت بتوقعات، بأن يتم الطلاق بين الرئيس وزعيم “الذكاء الاصطناعي”، وهو ما ماحاول ترامب وماسك نفيه هذا الأسبوع فى حوار تليفزيوني لقنوات فوكس الاميركية، متهماً فيه وسائل الإعلام بمحاولة التفريق بينهما:
ترامب وماسك و”الذكاء الاصطناعي”.. ليست سنة ٢٠٢٥ كسابقتها فى عالم التكنولوجيا«الذكاء الاصطناعى» سيتسيّد العالم ويتحكم فيه، و«الأمن السيبراني»، حلمي الحمى، والحارس الأمين، أما «الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية» فلها ابتكاراتها المتطورة، والحاجة إليها فى الحياة اليومية تزداد، ورواجها سيحقق للشركات المنتجة، التي تتنافس على اجتذاب الأسواق، أرباحًا، ستغرى كثيرين للاستثمار فى هذا القطاع. يتوقع المشتغلون، المنشغلون، فى دراسة التطورات فى قطاع التكنولوجيا الحديثة، أن تتزايد فى سنة ٢٠٢٥ صفقات «الاستحواذ»، وقد تكون شركة Apple البادئة، فهى ستسعى إلى ضم Microsoft وNvidia بقيمة سوقية تتخطى حاجز ٤ تريليونات دولار. وقد تكر حبات السبحة، وتلجأ شركات عدة فى أوروبا إلى عقد مثل تلك الصفقات. في عالم التكنولوجيا، رجع صدى للتصريحات والبيانات، التي يتقاذفها إيلون ماسك وسام ألتمان. وقد وصل الخلاف بين هذين العملاقين إلى القضاء. إيلون ماسك- وهو، اليوم، الأول بين الأثرياء فى العالم، المتمتع بصحوة ذهنية وقدرة فائقة على الابتكار فى صناعة السيارات الكهربائية والصواريخ- اتهم سام ألتمان، الرئيس التنفيذى لشركة «OpenAI»، بأنه استولى على مشروع الشركة لتحقيق مكاسب مالية!. سام ألتمان نفى ادعاءات ماسك، ورد عليه بمستطيل الكلام، معتبرًا أن صاحب شركة Tesla يتخفى وراء صداقته بالرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب للتغرض، والنَّيْل من منافسيه.. ولم يتأخر إيلون ماسك فى الرد بطريقته اللاذعة المعتادة، التي يجاري فيها صديقه ترامب، فأطلق على ألتمان «سام المخادع». وفى انتظار أن تفصل مطرقة القاضى بين العملاقين المتخاصمين، فإن ما سيشغل عالم التكنولوجيا فى سنة ٢٠٢٥ مراقبة العلاقة بين الرئيس ترامب وصديقه إيلون ماسك، فالمراقبون العارفون بالدواخل يتوقعون ألا تستمر فضلى العلاقات بين «الرئيس» و«صديقه» الثرى، الأمر الذي سوف يتسبب في عواقب وخيمة على «عالم الذكاء الاصطناعى»، حيث وعدت الإدارة الأمريكية الجديدة بوضع سياسة استراتيجية متطورة ستُدخلها على هذا العالم، وكان إيلون ماسك طوال الحملة الانتخابية الرئاسية يروج لهذه الاستراتيجية، وبدا، من خلال ما كان يصرح به، أنه من دونه لن يتمكن «البيت الأبيض» من تنفيذها. لذلك، قد يكون من المغري التركيز على «العلاقة الوثيقة» بين ترامب وماسك نظرًا للدور المركزى، الذي يلعبه ماسك في «عالم الذكاء الاصطناعي»، اليوم. يمكن للمرء أن يتخيل عددًا من الطرق المختلفة التي قد يؤثر بها إيلون ماسك على تطوير «الذكاء الاصطناعي» فى إدارة ترامب. ونظرًا للعلاقة المتوترة، إلى حد العداء بينه وبين شركة OpenAI، فقد تتخذ الإدارة الجديدة موقفًا أقل ودية من تلك الشركة، عند التعامل مع الصناعة، وصياغة تنظيم تطوير «الذكاء الاصطناعي»، ومنح العقود الحكومية، وما إلى ذلك، (وهذا خطر حقيقى يقلق OpenAI، التي يمكن أن تخسر ملايين الدولارات). من ناحية أخرى، قد تفضل إدارة ترامب شركات إيلون ماسك: على سبيل المثال، خفض البيروقراطية لتمكين xAI من بناء مراكز البيانات، والحصول على ميزة فى سباق النماذج الرائدة. فى نظر عدد من المتابعين أن الواقع أن ترامب لا ينوي أن يفرض قيودًا على الذكاء الاصطناعى، إنما يرغب في فرض قيود على شركات التكنولوجيا الكبرى، من بينها منح الموافقة التنظيمية السريعة لشركة Tesla لنشر أساطيل سيارات الأجرة الآلية، وما إلى ذلك. إن الأمر اللافت، والأكثر أهمية، هو أن إيلون ماسك- على النقيض من العديد من المبدعين المبتكرين في عالم التكنولوجيا الذين يعطيهم دونالد ترامب أذنًا صاغية- يأخذ مخاطر السلامة الوجودية المرتبطة بالذكاء الاصطناعى على محمل الجد، فهو من دعاة تنظيم هذه التكنولوجيا بشكل كبير. وقد دعم مشروع قانون مجلس الشيوخ رقم ١٠٤٧ المثير للجدل في كاليفورنيا، والذي سعى إلى فرض قيود ذات مغزى على مطورى «الذكاء الاصطناعي». لذلك، يتخوف كثيرون أن يؤدى نفوذ إيلون ماسك إلى بيئة تنظيمية أشد صرامة للذكاء الاصطناعى فى الولايات المتحدة. هناك مشكلة واحدة فى كل هذه التكهنات، فالعلاقة الحميمة بين دونالد ترامب وإيلون ماسك سوف تنهار حتمًا، كما رأينا مرارًا وتكرارًا خلال إدارة ترامب الأولى، فإن متوسط مدة خدمة حليف ترامب، حتى الأشد صرامة على ما يبدو، قصيرة بشكل ملحوظ، من جيف سيشنز إلى ريكس تيلرسون إلى جيمس ماتيس إلى جون بولتون إلى ستيف بانون، وبالطبع، مَن يستطيع أن ينسى فترة الأيام العشرة التي قضاها أنطوني سكاراموتشى فى البيت الأبيض؟. لايزال عدد قليل جدًّا من نواب ترامب من إدارته الأولى مخلصين له اليوم. إن دونالد ترامب وإيلون ماسك شخصيتان معقدتان ومتقلبتان، ولا يمكن التنبؤ بما سيُقدمان عليه، تمامًا، كما أنه ليس من السهل العمل معهما. «إنهما يحرقان الناس»، كما قال أحد المعلقين السياسيين في جريدة «نيويورك تايمز». لقد أثبتت صداقتهما الجديدة أنها مفيدة للطرفين حتى هذه النقطة، لكنها لاتزال فىطي مرحلة شهر العسل. من المتوقع أنه قبل نهاية سنة ٢٠٢٥، ستتدهور العلاقة. الخبر سيكون مُرحَّبًا به لشركة OpenAI، لكنه مؤسف لمساهمى Tesla، وسيكون مخيبًا للآمال لأولئك المعنيين بسلامة «الذكاء الاصطناعي» لأنه سيضمن تقريبًا أن تتخذ حكومة الولايات المتحدة نهجًا غير مباشر لتنظيم «الذكاء الاصطناعي» في عهد ترامب. إن صراع عمالقة التقنيات، الذين يسيطرون ويتحكمون في علم التكنولوجيا، في بدايته، وستشهد سنة ٢٠٢٥ المزيد من فصوله!