إيهاب محمود: “نحن وسط صراع سري.. من الزلازل إلى الذكاء الاصطناعي”

إيهاب محمود: “نحن وسط صراع سري.. من الزلازل إلى الذكاء الاصطناعي”

لم تعد الحرب اليوم مجرد صراع مسلح، بل أصبحت أداة متعددة الأوجه تبدأ بشائعة على مواقع التواصل، ولا تنتهي عند زلزال أو فيروس غامض أو خوارزمية ذكية تحكم قرارات الشعوب دون أن يشعروا”، بهذه الكلمات بدأ المهندس إيهاب محمود، الخبير الاقتصادي ورئيس اللجنة الاقتصادية بحزب الجيل الديمقراطي بالإسكندرية، حديثه حول أخطر ما يواجهه العالم الآن: حروب الجيل الرابع والخامس، وما تمثله من تهديد شامل للدول، خاصة في المنطقة العربية، وعلى رأسها مصر.

 ما هي حروب الجيل الرابع والخامس؟ يُعرّف المهندس إيهاب حروب الجيل الرابع بأنها حروب غير تقليدية تستهدف تفكيك الدولة من الداخل دون جيوش، بالاعتماد على الإعلام، الشائعات، الفوضى النفسية، التخويف، الإفقار، نشر الأمراض، التلاعب بالعقول، وتحريك الجماهير دون وعي.  أما حروب الجيل الخامس، فهي أكثر تطورًا وخطورة، تعتمد على الذكاء الاصطناعي، التكنولوجيا، الفضاء السيبراني، وتحليل البيانات الضخمة، بهدف السيطرة على مراكز اتخاذ القرار، وتوجيه سلوك الأفراد، وإسقاط الدول عن بعد دون إطلاق رصاصة واحدة.  أوبئة وكوارث طبيعية… أدوات قتال غير مرئية أشار المهندس إيهاب إلى أن انتشار الأوبئة مثل كورونا، وما أعقبها من متحورات، ليس مجرد أزمة صحية، بل هو نموذج لحرب اقتصادية كبرى. خلال عام واحد، انهارت اقتصادات، أغُلقت حدود، وانهارت سلاسل الإمداد، وتحوّلت دول من قوة صاعدة إلى كيانات مأزومة.  وأضاف أن ما نراه من زلازل وأعاصير متتالية قد لا يكون كله طبيعيًا، فالعالم يتحدث اليوم عن أسلحة بيئية وجيوفيزيائية مثل مشروع “هارب” HAARP القادر -نظريًا على الأقل- على التأثير في الطقس، وافتعال موجات تسونامي أو تغيرات مناخية مدمرة.  “متى كانت الأعاصير تضرب أوروبا بهذا الشكل؟ ومتى كانت حرائق الغابات بهذا الاتساع؟”، تساؤلات طرحها المهندس إيهاب، مشيرًا إلى أن البيئة أصبحت ساحة معركة. الذكاء الاصطناعي… سلاح المستقبل في يد الأقوياء في إطار حروب الجيل الخامس، أكد المهندس إيهاب أن أخطر ما تواجهه الدول الآن هو الذكاء الاصطناعي، ليس فقط بوصفه أداة إنتاج وتقنية، بل كسلاح استراتيجي تستخدمه الدول الكبرى لتوجيه الاقتصاد العالمي، والتجسس، والتحكم في سلوك الشعوب.  قال: “الخوارزميات تعرفك أكثر مما تعرف نفسك. تعرف ما تفكر فيه، وماذا تشتري، ومتى تغضب، وكيف تصوّت… إنها معركة وعي بالدرجة الأولى”، محذرًا من أن شركات التكنولوجيا العالمية أصبحت أقوى من بعض الدول، وتتحكم في تدفق المعلومات، وصناعة الرأي العام.  الاقتصاد العالمي على حافة الهاوية يرى المهندس إيهاب أن الاقتصاد العالمي يمر بحالة حرب ناعمة، عنوانها التضخم، تآكل العملات، ارتفاع الديون، وانهيار سلاسل التوريد. أزمات مثل الحرب الروسية الأوكرانية، الإغلاق الصيني، وانهيار بنوك كبرى، ليست معزولة عن هذه الحروب المعقدة.  ويضيف: “الاقتصاد المصري جزء من هذا المشهد، يتلقى الضربات من الخارج، من أسعار الغذاء والطاقة، ومن الداخل عبر محاولات الإرباك الإعلامي والضغط المجتمعي”. كيف نحمي مصر؟ استراتيجية وطنية مقاومة أكد المهندس إيهاب أن مصر بحاجة ماسة إلى بناء “حصن اقتصادي ومجتمعي” متين، لا يكتفي برد الفعل بل يتبنى رؤية استباقية شاملة. وطرح المهندس رؤيته في عدة محاور: 1. الأمن المعلوماتي والسيبراني ضرورة الاستثمار في الأمن السيبراني وحماية قواعد البيانات، وتعزيز قدرة الدولة على مواجهة الهجمات الإلكترونية. 2. توطين التكنولوجيا إقامة مراكز وطنية للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، والتحكم في البنية التحتية الرقمية محليًا، بدلًا من الاعتماد الكلي على الشركات الأجنبية. 3. الاستقلال الاقتصادي النسبي تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء والطاقة، وتقليل الفجوة الاستيرادية، وتعزيز الصناعات الوطنية وتكنولوجيا التصنيع المحلي. 4. مناعة الوعي الوطني بناء مشروع وطني لتثقيف المواطن، يبدأ من المدارس والإعلام والمجتمع المدني، لخلق جيل قادر على التمييز بين الحقيقة والخداع. 5. تنويع الشراكات الدولية التحرّك خارج الدوائر التقليدية، وتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الصين، أفريقيا، أميركا اللاتينية، ودول البريكس، لتقليل التبعية للمحاور المتصارعة. كلمة أخيرة: مصر قوية إذا اجتمع شعبها خلفها ختم المهندس إيهاب محمود حديثه بتوجيه رسالة إلى كل مصري:
“نحن نعيش أخطر مراحل التاريخ، حيث لم يعد العدو يقتحم حدودك، بل يخترق عقلك، يخيفك، يعزلك، يدمّر ثقتك في وطنك… لكن إذا اتحدنا ووعينا وفكرنا، سنصنع من هذه التحديات فرصة تاريخية لبناء مصر الحديثة القوية، بمؤسساتها واقتصادها وشعبها”. تسجيلي