عرض الأضاحي… تأثيره السلبي على مشاعر الفقراء

في كل عام، يُقبل عيد الأضحى محمّلًا بقيم سامية التضحية، العطاء، والرحمة. لكنه، في زمن مواقع التواصل والعدسات المتربصة بكل لحظة، أصبح مشهد العيد في كثير من البيوت مشهدًا استعراضيًا بامتياز… حيث تختلط اللحوم بالمؤثرات البصرية، وتغيب المعاني الحقيقية خلف شاشات اللمعان الرقمي.
من الذبح إلى “الترند”مشهد العيد يتغير هل ما زال العيد عيدًا؟ أم أصبح مجرد حدث بصري يُستهلك على الشاشات؟ صباح يوم النحر، تكفي نظرة واحدة إلى مواقع التواصل لتعرف الإجابة.. طفل بجوار خروف مذعور، رجل يحمل ساطورًا وبوكيه “كبدة” كالزهور، أم تكتب بسخرية “النية مطبوخة على الفحم!” الكل يوثق، الكل ينشر، وكأن العيد لا يُعاش إلا إذا نال نصيبه من الفلاتر والهاشتاغات. بين الفقر والكاميرا… وجوه لا تظهر في المقابل، هناك من لا صوت لهم ولا صورة.أب يقنع أطفاله أن الخروف هذا العام ضاعت طيارته من المريخ.أم تضع “صينية فول” بدلًا من الفتة وتقول بثبات “الأضحية بالنية.” هؤلاء هم أصحاب العيد الحقيقي، من دون لحوم… لكن بكثير من الكرامة والأمل.غزة.. حيث لا مكان للفرح المعلّب وفي غزة وسواها، لا مشاهد خراف بل مشاهد قصف، لا أطفال يبتسمون للكاميرا، بل يهربون من النار، لا أمهات يطهين الكبدة، بل يبحثن عن شربة ماء. فهل كانت صورنا تضامنًا؟ أم ترفًا مواربًا يخدش مشاعر المحرومين؟حين يتحوّل العيد إلى استعراض من السهل جدًا أن ترفع هاتفك وتوثّق “اللحظة”… لكن، من الصعب أن تفكّر بمن لا يملك قوت يومه، أو أن تتذكّر قول النبي ﷺ:”ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم…” فالأضحية عبادة، لا مناسبة اجتماعية. ورسالتها في العطاء الصامت، لا في اللقطة اللافتة.عيد الأضحى… موسم للستر لا للعرض دعونا نعيد التوازن: لا تُظهر كل شيء، ولا تنشر كل نعمة، ولا تجعل من الكاميرا ميزانًا للفرحة. فأجمل اللحظات هي التي لا تُرى، وأصدق الأضاحي هي تلك التي تُقدم بلا عدسات، وبلا وسم، وبنية خالصة لوجه الله.كل عام وأنتم بخير… بلا ترند كل عام وأنتم بخير، وأضحياتكم مقبولة…لكن رجاءً، من دون أن نقرأ مرة أخرى #خروفنا_أجمل_من_خروفكم