المهندس حسام محرم يكتب: عاصفة الإسكندرية… تفسيرات وشكوك ودروس وعروض للاقتراحات

تسببت التغيرات المناخية في طفرة في الكوارث الطبيعية خلال الفترة الأخيرة ومن بينها منطقة شرق البحر المتوسط، الذي شهد مؤخرا إعصار درنة في ليبيا والذي تسبب في آلاف الضحايا وكان أسوأ من الإعصار الأخير في الإسكندرية في أواخر مايو ٢٠٢٥، حيث تعد تلك الظواهر الجوية الحادة بمثابة أحد التداعيات المتوقعة لظاهرة التغيرات المناخية علي كوكب الأرض، والتي يشير المتخصصون أن جزءا منها هو دورات مناخية متكررة تحدث على كوكب الأرض خلال العصور المتعاقبة، كما أن جزءا آخر يحدث بفعل التطور التكنولوجي الهائل والاقتصاد القائم على الوقود الأحفوري منذ بداية عصر الثورة الصناعية الحديثة.
وكثير من الكوارث الطبيعية التي تحدث في عدد من دول العالم، كانت غير معتادة في مصر إلا نادرا وبدرجة أخف مما يحدث في دول أخري مثل الأعاصير الخطيرة في أمريكا والزلازل المدمرة في اليابان والفيضانات والسيول وموجات تسونامي التي تحدث في دول أخري. لذلك فإن النمط الإنشائي السائد في مصر (خلال العقود الأخيرة وحتي الآن)، وكذلك مواصفات البنية الأساسية القائمة قد تجد تحديا كبيرا إذا حدثت أي طفرات مستقبلية في شدة الكوارث الطبيعية في مصر خلال السنوات القادمة، وهو ما يقتضي من الحكومة سرعة تكليف الجامعات ومراكز البحوث بدراسة التعديلات المطلوبة في الأنماط العمرانية والإنشائية بناء علي ما تم من دراسات لكل السيناريوهات المحتملة لأنماط الكوارث الطبيعية بأنواعها في المستقبل متضمنا مراعاة تطوير أكواد البناء لمواجهة الزلازل ومراعاة وجود شبكات لتصريف مياه الأمطار والسيول وغيرها من التدابير لمواجهة أسوأ السيناريوهات المحتملة الخاصة بمستويات تلك الكوارث وتضمين ذلك في الخطط التنموية والإنشائية الجديدة. وكذلك يجب التفكير في كيفية تأهيل الكتل العمرانية القديمة والمنشآت القائمة بالفعل لخفض درجة تأثرها بتلك الكوارث المحتملة كنوع من إجراءات التكيف مع الكوارث الطبيعية وغيرها من تداعيات التغيرات المناخية، بالاسترشاد بالتجارب الدولية في هذا المجال والتي وصلت إلى نجاحات مذهلة مثل التفوق الياباني المذهل في احتواء الزلازل العنيفة لدرجة عدم وجود أي أضرار مادية أو بشرية تذكر في معظم الحالات، وكذلك القدرة علي خفض آثار الأعاصير المدمرة في أمريكا وتجاوز آثارها وهو ما قد لا تستطيع دول أخرى تحمله نظرا لحداثة هذه الكوارث بالنسبة لها وضعف بنيتها الأساسية وأنماطها الإنشائية.كما ينبغي تكليف الجامعات ومراكز البحث العلمي بدراسة تجارب الدول المتقدمة في مواجهة وإدارة الكوارث مثل اليابان وأمريكا والاتحاد الأوروبي. كما ينبغي عدم تجاهل نظرية المؤامرة التي تتردد بشأن احتمالية قيام دولة جهات باصطناع كوارث طبيعية في إطار الأجيال الجديدة للحروب والتي طورها عدد من الدول الكبري خاصة أمريكا وروسيا والصين طبقا للمعلومات المتداولة على نطاق ضيق، حيث توجد تكهنات بافتعال بعض الزلازل أو السيول أو الفيضانات أو الأعاصير أو غيرها من الكوارث الطبيعية لتحقيق أهداف استراتيجية بدون شن حرب عسكرية صريحة، بهدف تدمير اقتصاديات الدول المستهدفة أو كسر إرادتها السياسية أو الوطنية أو الضغط عليها وإرهابها أو إحراج حكومة أمام شعبها أو غيرها من الأهداف الاستراتيجية أو التكتيكية التخريبية التي يتم تحقيقها بشكل غير مباشر دون إعلان حرب على الدول المستهدفة، وبالتالي يتجنب المعتدي التبعات العسكرية والسياسية والقانونية والأخلاقية لهذا الاعتداء المستتر.كما ينبغي على مصر العمل على تحقيق توازن الرعب في مجال اصطناع الكوارث الطبيعية من خلال البحث في امتلاك هذه التقنيات، ليس من أجل استخدامها بل لمجرد تحقيق الردع في مواجهة من قد يفكر في إيذاء مصر أو الضغط عليها بهذه الأساليب، حيث إن مصر تمثل دائما قوة عاقلة مسؤولة، ولا تبادر بممارسة هذا الجنوح الاستراتيجي المدمر للبشرية تحت أي ظرف، وهذا التوازن في الرعب هو الذي قد يحمينا من أي اصطناع زلازل في المنطقة أو تلاعب في المناخ، ليتبقى لنا مواجهة الكوارث والنداعيات التي تنشأ بفعل التغيرات المناخية الراهنة وهي ليست باليسيرة.