“زفاف العصر”.. مظاهرات شعبية في البندقية تعارض حفل زفاف جيف بيزوس

في نهاية شهر يونيو الجاري، تستعد البندقية لاستضافة حفل زفاف جيف بيزوس (61 عامًا)، مؤسس “أمازون” – ثالث أغنى شخص في العالم بثروة تُقدَّر بـ200 مليار دولار – وخطيبته الصحافية لورين سانشيز.
الحفل المقرر بين 24 و26 يونيو سيضم 200 ضيف من كبار الشخصيات العالمية، مع حجز 5 فنادق فاخرة واستئجار أسطول ضخم من قوارب التاكسي المائي، وترسيخ يخت بيزوس الفاخر في ميناء المدينة، فيما تشير التقديرات إلى أن الفعالية ستدر على البندقية عائدات بملايين الدولارات، وهو ما رحّب به رئيس البلدية لويجي برونيارو، مشيرًا إلى أنها “فرصة اقتصادية استثنائية”.
احتجاجات.. ‘لا مكان لبيزوس”
في مواجهة هذا الاحتفال الضخم، برزت حركة احتجاجية تحت اسم “نو سبايس لبيزوس” (No Space for Bezos)، قامت بتعليق لافتة كبيرة على برج جرس سان جورجيو ماجوري – الذي يطل على بحيرة البندقية ويوفر إطلالة بانورامية على المدينة – تظهر صورة بيزوس مشطوبة بعلامة حمراء، مع شعار “غير مرحب به لا في البندقية ولا في أي مكان آخر!”.
كما نشرت المجموعة منشورات على فيسبوك تدعو لمظاهرات ضد الحفل، معتبرة أن البندقية “مدينة نابضة بالحياة، وليست مكانًا للإيجار بأفضل الأسعار”.
جذور الرفض.. السياحة الجائرة وإفراغ المدينة
يرى المحتجون أن حدثًا بهذا الحجم يمثل، يعزز من استمرار خصخصة المدينة، حيث حيث سيتم عزل أجزاء من الأماكن العامة لفترة الحفل، خاصة مع استخدام بحيرة البندقية كموقع للاحتفالات الخاصة، مما يحرم السكان والسياح العاديين من الوصول إليها.
وفي سياق متصل فإن البندقية التي تستقبل 25 مليون سائح سنويًا تعاني بالفعل من الاختناق السياحي، ويهدد حدث مثل هذا بتحويلها إلى “منتزه ترفيهي للأثرياء”، فيما يشير نشطاء إلى أن المدينة التي بُنيت على 118 جزيرة وتضم تراثًا معمارياً يعود للقرن التاسع، تتحول إلى ديكور لحفلات الأثرياء على حساب سكانها الذين هجروها بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
وبينما تؤكد بلدية البندقية أن الحفل “محدود النطاق” ولن يسبب ضررًا للمدينة، يرى المحتجون أن استئجار فنادق كاملة مثل قصر غريتي وفندق دانيلي، وتأجير عشرات القوارب، سيعطل الحياة اليومية، كما يُثار تساؤل حول الجدوى الاقتصادية الحقيقية، فمعظم الخدمات ستُقدَّم عبر شركات بيزوس الخاصة، وستذهب العوائد لمجموعة صغيرة من ملاك الفنادق وشركات النقل الفاخرة، لا للسكان المحليين.
سابقة كلوني
ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها البندقية جدلاً حول حفلات الأثرياء. ففي 2014، تعرضت لانتقادات مماثلة بعد إقامة حفل زفاف الممثل جورج كلوني وأمل علم الدين، الذي شمل إغلاق ساحة سان ماركو – التي وصفها نابليون بأنها “غرفة الرسم الأجمل في أوروبا” – أمام الجمهور لأيام. لكن احتجاجات بيزوس تبدو أوسع، لأنها تأتي في سياق تصاعد حركات مناهضة للتفاوت الطبقي في إيطاليا وأوروبا.
بيزوس.. من التأسيس إلى الزواج الرابع
وُلد جيفري بريستون بيزوس عام 1964، وأسس “أمازون” عام 1994 كمتجر لبيع الكتب عبر الإنترنت قبل أن يحوله لإمبراطورية تجارة إلكترونية. تزوّج مرتين: الأولى من الكاتبة ماكنزي سكوت (1993–2019) وأنجب منها 4 أبناء، والثانية من المذيعة لورين سانشيز (2023–حتى الآن).
و يُعرف بيزوس باستثماراته الفضائية عبر “بلو أوريجين”، وامتلاكه يختًا فاخرًا بقيمة 500 مليون دولار، بالإضافة إلى سلسلة من العقارات الفاخرة من بيفرلي هيلز إلى هاواي.
البندقية.. بين تراث اليونسكو وطوفان السياحة
تُعد البندقية موقع تراث عالمي لليونسكو منذ 1987، وتشتهر بمعالم مثل: جسر ريالتو: أقدم جسر حجري على القناة الكبرى، تحيطه الأسواق التقليدية، وجزيرة مورانو مركز صناعة الزجاج التاريخية التي تعود للقرن الـ13، وجزيرة بورانو: الملقبة بـ”جزيرة الألوان” لبيوتها الزاهية.
لكن المدينة تواجه خطر الإدراج في قائمة “التراث المعرَّض للخطر” بسبب السياحة الجائرة وتآكل قاعدة سكانها – التي انخفضت من 175 ألفًا عام 1951 إلى 50 ألفًا اليوم.
ليست “ديزني لاند للأغنياء”
زفاف بيزوس يختزل معضلة البندقية: مدينة تحاول الحفاظ على تراثها الإنساني بينما تعتمد اقتصاديًا على السياحة الفاخرة. بينما ترى السلطات في هذا الحفل “استثمارًا”، يرى سكان المدينة أنه خطوة أخرى نحو تحويلها إلى “ديزني لاند للأغنياء”. كما كتب أحد النشطاء: “عندما تصبح المدينة مجرد ديكور، نفقد روحها التي صمدت 600 عام”.
==
مصادر التقرير:
رويترز
بي بي سي
العربية
صفحة “No Space for Bezos” على فيسبوك.
صحيفة “كورييري ديلا سيرا”.
تقارير عن السياحة في البندقية
بيانات بلدية البندقية