كيف يقوم الذكاء الاصطناعي بتعديل وتزييف صور وفيديوهات الحروب والنزاعات؟

كيف يقوم الذكاء الاصطناعي بتعديل وتزييف صور وفيديوهات الحروب والنزاعات؟

في زمن تتسارع فيه التقنيات وتتداخل فيه الحقيقة بالوهم، بات الذكاء الاصطناعي أحد أخطر الأسلحة في ميادين الحروب الحديثة، ليس في ساحة المعركة وحدها، بل على شاشات الهواتف ومنصات التواصل. فمن خلال أدوات متقدمة، أصبح من الممكن إنتاج صور ومقاطع فيديو مزيفة تُظهر مشاهد دمار أو عمليات عسكرية لم تحدث، مما يُسهّل نشر الشائعات والتأثير على الرأي العام المحلي والدولي. فكيف تُصنّع هذه الأكاذيب الرقمية؟ وما مدى خطورتها على مسار الصراعات؟ وهل هناك وسائل فعالة لكشف زيفها؟

وبينما تتصاعد حدة المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران خلال الأسابيع الأخيرة، برزت جبهة موازية لا تقل ضراوة، تقودها الصور والفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن المفارقة أن جزءًا كبيرًا من هذا المحتوى لم يخرج من قلب الحدث، بل من برامج الذكاء الاصطناعي، التي باتت تُنتج مشاهد مفبركة لدمار وضحايا وعمليات عسكرية لم تقع على أرض الواقع. في خضم هذا التشويش المتعمد، أصبحت مهمة التحقق من الحقيقة أكثر صعوبة، بينما تتحول الصور المزيفة إلى أداة ضغط نفسي وسياسي في قلب صراع تتجاوز حدوده الميدان العسكري.

الذكاء الاصطناعي وتزييف الواقع
تُعرف هذه التقنية باسم “التزييف العميق” (Deepfake)، وهي تعتمد على خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتوليد محتوى بصري شديد الإقناع يصعب تمييزه بالعين المجردة. تُستخدم هذه التقنيات لإنتاج مقاطع فيديو تُظهر قادة دول يتحدثون بتصريحات لم يدلوا بها، أو صورًا لضحايا ودمار لم يقع فعليًا في مسرح الأحداث.

ومع توفر هذه الأدوات بشكل واسع ومجاني على الإنترنت، أصبح بإمكان أي شخص تقريبًا إنشاء محتوى مزيف، مما يجعل تدفق المعلومات على منصات التواصل الاجتماعي أكثر خطورة من أي وقت مضى.

لماذا يُستخدم التزييف في الحروب؟
الهدف الرئيسي من هذه المواد هو التأثير النفسي والإعلامي، سواء عبر بث الذعر، أو تزييف نجاحات ميدانية، أو تشويه صورة العدو أمام المجتمع الدولي. في بعض الأحيان، تُستخدم هذه الصور لاستدرار التعاطف الدولي أو لتبرير تدخلات عسكرية.

يحذر خبراء أمن المعلومات من أن الانتشار الواسع للتزييف العميق قد يؤدي إلى فقدان الثقة في المحتوى البصري بشكل عام، مما يفتح الباب أمام ما يُعرف بـ”أزمة الحقيقة”، حيث يصعب على الجمهور التمييز بين الواقع والمفبرك.

كما أن هذه الظاهرة تُهدد الصحافة نفسها، إذ يمكن تزييف تصريحات أو لقطات صحفية لإحراج جهات أو نشر أكاذيب يصعب دحضها فورًا.

هل يمكن كشف التزييف؟
رغم صعوبة التمييز، ظهرت أدوات رقمية متخصصة يمكنها تحليل الصور والفيديوهات وكشف التلاعب بها، مثل تتبع “البيانات الوصفية” أو تحليل البُنية الداخلية للملف. كما تعتمد وكالات الأنباء المحترفة على تقنيات “التحقق الرقمي” بالتعاون مع خبراء.

لكنّ المعركة لا تزال مستمرة، إذ تتطور أدوات التزييف بقدر تطور أدوات الكشف عنها.

ما الحل؟
يؤكد الخبراء على أهمية الوعي الإعلامي وتثقيف الجمهور بطرق التحقق من المصادر، والامتناع عن إعادة نشر أي محتوى مثير قبل التحقق منه. كما أن تعزيز دور الصحافة المهنية والمنصات الموثوقة أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.