هل يتعين إعادة الصلاة لمن يؤديها بسرعة؟.. إجابة من دار الإفتاء

تثار بين الحين والآخر تساؤلات فقهية حول صحة هل يجب إعادة الصلاة لمن يؤديها بسرعة.. دار الإفتاء تجيب عند أدائها بسرعة، خاصة في حالات التعب أو المرض أو الضرورة.
أوضحت دار الإفتاء المصرية الموقف الشرعي من هذه المسألة، مستندة إلى الأدلة من السنة النبوية واجتهادات الفقهاء.
أكد أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية في تصريحات تلفزيونية سابقة أن الأصل في الصلاة هو الطمأنينة والأداء المتأني لأركانها. واستشهد بقصة الرجل الذي دخل المسجد وصلى بسرعة دون طمأنينة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعادة الصلاة قائلاً: “ارجع فصلي فإنك لم تصلِ”، كما ورد في صحيح البخاري.
وأشار إلى أن السرعة في الصلاة لا تصل إلى حد الإبطال إلا إذا أخلت بالركن الأساسي وهو الطمأنينة، خاصة في الركوع والسجود. وأضاف: “إذا كان المصلي متعباً فيمكنه أداء الصلاة كما يستطيع، بشرط أن يحقق الحد الأدنى من الطمأنينة في الأركان الأساسية”.
الطمأنينة في الصلاة.. الركن الذي لا يسقط
يؤكد الفقهاء أن الطمأنينة ركن أساسي في الصلاة، وهو ما نص عليه الإمام النووي في “المجموع” بقوله: “الطمأنينة في الأركان فرض لا تصح الصلاة بدونها”. وقد استدل العلماء على ذلك بعدة أحاديث، منها ما رواه أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي لم يطمئن في صلاته: “إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً…” (متفق عليه).
حالات الرخصة في التخفيف
يبين الفقهاء أن هناك حالات يجوز فيها التخفيف في الصلاة دون إخلال بالأركان الأساسية:
1. حالات المرض الشديد
2. الخوف من فوات الوقت
3. البرد الشديد
4. الحاجة الملحة (كخوف ضياع مال أو طفل)
ويشترط في هذه الحالات تحقيق الحد الأدنى من الطمأنينة، كما ذكر الإمام ابن قدامة في “المغني”: “إن خاف فوت الوقت أو خاف على نفسه أو ماله، خفف مع الإتيان بالأركان”.
مبطلات الصلاة عند المذاهب الأربعة
اتفق الفقهاء على عدة مبطلات أساسية للصلاة، منها:
1- القهقهة وهي الضحك بصوت عال، حيث تبطل الصلاة عند جمهور الفقهاء (الأحناف، المالكية، الحنابلة)
2- الأكل والشرب: كما ذكر الإمام ابن المنذر في “الإجماع”: “أجمعوا على إبطال الصلاة بالأكل والشرب عمداً”
3- الحركات الكثيرة: التي ليس لها علاقة بالصلاة، كالمشي لعدة خطوات بدون حاجة
4- ترك ركن أو شرط: كترك الطمأنينة أو الصلاة بدون وضوء
5- التكلم عمداً: في غير مصلحة الصلاة
6- عدم ستر العورة: عند القدرة على الستر
الفرق بين الحركة القليلة والكثيرة
يذكر الإمام النووي في “المجموع” أن الحركة في الصلاة تنقسم إلى:
– حركات قليلة: كتحريك الإصبع في التشهد أو تعديل الملابس، وهذه لا تبطل الصلاة
– حركات كثيرة: كالمشي لعدة خطوات أو العمل اليدوي المتكرر، وهذه تبطل الصلاة عند الجمهور
حكم الصلاة مع وجود الحدث
أجمع الفقهاء على بطلان الصلاة إذا حصل الحدث الأصغر (خروج شيء من القبل أو الدبر) أو الأكبر (كالجنابة). واستدلوا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “لا تقبل صلاة بغير طهور” (رواه مسلم).
نصائح للمصلين المتعجلين
1. تخصيص وقت كافٍ للصلاة
2. التركيز على تحقيق الطمأنينة خاصة في الركوع والسجود
3. في حال الضرورة، يمكن الجمع بين الصلوات أو قصرها حسب الضوابط الشرعية
4. الاستعانة بالله والتضرع له لتحقيق الخشوع
التوازن بين الرخصة والعزيمة
تبين دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية جاءت باليسر ورفع الحرج، لكنها في نفس الوقت حافظت على هيبة الصلاة وأركانها الأساسية. فعلى المسلم أن يوازن بين الاستفادة من الرخص الشرعية عند الحاجة، والحفاظ على الأركان التي لا تصح الصلاة بدونها. والله تعالى أعلم.