دولة أشباح.. السودان: حرب مستمرة تُدمر البشر والحجر وسط صمت دولي
دخلت الحرب في السودان عامها الثالث، مخلفةً وراءها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العصر الحديث.
الصراع المستمر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، وأدى إلى نزوح ملايين الأشخاص، في ظل تجاهل دولي متزايد.
حصيلة بشرية مرعبة
تقدّر لجنة الإنقاذ الدولية عدد القتلى بنحو 150 ألف شخص، في حين تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أكثر من 20 ألف قتيل.
كما نزح أكثر من 14 مليون شخص داخل السودان، ولجأ نحو 3.1 مليون إلى دول الجوار مثل تشاد وجنوب السودان وأوغندا ومصر.
وتواجه نحو 25 مليون شخص في السودان، أي نصف السكان، حاجة ماسة للمساعدات الإنسانية، بينما يعاني 18 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
الخرطوم: مدينة أشباح وآمال ضئيلة
على الرغم من عودة بعض السكان إلى الخرطوم، إلا أن المدينة لا تزال تعاني من دمار واسع النطاق.
المباني المحترقة، والمركبات المثقوبة بالرصاص، والمقابر الجماعية، كلها مشاهد تعكس حجم المأساة.

في بعض المناطق، عاد بائعو الشاي واللعب في الشوارع، لكن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بشكل غير مسبوق، حيث بلغ سعر كيلو الطماطم نحو 6 دولارات، وهو ما يفوق أسعارها في بعض الدول الأوروبية.
أزمة إنسانية غير مسبوقة
وفقًا لبرنامج الأغذية العالمي، نزح نحو 13 مليون شخص، ويواجه 25 مليون آخرون خطر المجاعة.
قرابة 5 ملايين طفل وأم يعانون من سوء التغذية الحاد.
هذه الأرقام تجعل من السودان أكبر أزمة إنسانية في العالم من حيث النزوح، وتضعها في مصاف أسوأ الكوارث الإنسانية في التاريخ الحديث.
صمت دولي وتجاهل إعلامي
على الرغم من حجم الكارثة، لا تحظى الأزمة السودانية بالاهتمام الكافي من المجتمع الدولي.
التقارير تشير إلى أن 10% فقط من الأموال المخصصة لخطة الإغاثة الدولية للسودان قد وصلت، في حين أن هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار لتلبية احتياجات السكان.
تزامنًا مع الذكرى السنوية الأولى للحرب، عُقد مؤتمر مانحين في باريس، حيث تعهد المشاركون بتقديم أكثر من 2 مليار يورو، إلا أن هذه المبالغ لا تزال غير كافية لمواجهة حجم الأزمة.
الاستجابة الدولية:
في محاولة لتخفيف المعاناة، استضافت بريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي مؤتمرًا دوليًا في لندن، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم مئات الملايين من الدولارات كمساعدات إنسانية.
كما أعلن وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، تخصيص 120 مليون جنيه إسترليني (ما يعادل 158 مليون دولار) لتوفير الغذاء لـ 650 ألف شخص في السودان خلال العام المقبل
التحديات المستمرة:
رغم هذه التعهدات، لا تزال جهود وقف الحرب تواجه صعوبات، حيت أن قوات الدعم السريع تسيطر على أجزاء واسعة من غرب السودان، بما في ذلك مدينة الفاشر في شمال دارفور، التي ما زالت محاصرة منذ قرابة عام.
كما أعلنت قوات الدعم السريع عزمها تشكيل حكومة موازية مع الجماعات السياسية والعسكرية الأخرى في المناطق التي تسيطر عليها، ما يزيد من تعقيد الوضع السياسي والأمني في البلاد
بينما يتواصل النزاع في السودان، تظل الأزمة الإنسانية تتفاقم، والآمال في تحقيق السلام تبدو بعيدة المنال.
كما تستمر الحرب في السودان في تدمير البلاد والشعب، وسط صمت دولي وتجاهل إعلامي.
بينما يواجه ملايين السودانيين الموت والجوع والتهجير، يبقى الأمل في السلام والعدالة بعيدًا، ما لم يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل وفعّال لإنهاء هذه المأساة