مشاهد لا تُصدق…ظهور برلماني ليبي مقيدًا بالسلاسل بعد عام من الغياب

مشاهد لا تُصدق…ظهور برلماني ليبي مقيدًا بالسلاسل بعد عام من الغياب

أحدثت صور مسرّبة صادمة للنائب الليبي إبراهيم الدرسي، الذي فُقد منذ عام، عاصفة من الغضب والذهول في الشارع الليبي، بعد ظهور النائب وهو مكبّل بالسلاسل، شبه عارٍ، ويبدو عليه الإعياء الشديد داخل ما يُعتقد أنه مركز احتجاز سري في مدينة بنغازي.

وأظهرت الصور، التي نشرها موقع “أفريك آسيا” ، النائب وهو يوجه نداءً مباشرًا للقيادة العامة للجيش الليبي، مؤكدًا فيها ولاءه التام للمشير خليفة حفتر، ومناشدًا الإفراج عنه بعد ما وصفه بسنة من الإهمال والنسيان.

اختفاء غامض منذ مايو 2023

كان النائب إبراهيم الدرسي قد اختفى في مايو 2023، بعد مشاركته في عرض عسكري بمدينة بنغازي بمناسبة الذكرى العاشرة لانطلاق “عملية الكرامة”، ومنذ ذلك الحين، لم يصدر أي توضيح رسمي بشأن مصيره، رغم المطالبات المتكررة من عائلته وأعضاء في مجلس النواب بمعرفة مكانه أو عرضه على القضاء.

توقيت نشر الصور زاد من صدمتها، لا سيما أن مقر الاحتجاز لم يُعلن عنه رسميًا حتى الآن، مما يُثير الشكوك حول وجود شبكة من السجون السرية تخضع لسيطرة كيانات عسكرية وأمنية خارجة عن المساءلة.

ردود فعل رسمية: حكومة الوحدة تدعو لتحقيق دولي

في أول رد رسمي، أعربت حكومة الوحدة الوطنية في بيان عن “استنكارها الشديد للمشاهد المهينة واللاإنسانية”، معتبرة أن ما تعرّض له النائب الدرسي يُشكّل جريمة خطيرة تستدعي تدخلاً دوليًا عاجلًا.

واتهمت الحكومة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بـ”الصمت والتواطؤ”، مؤكدة أن تجاهله لحالة النائب المختفي “يجعل منه شريكًا في مناخ الإفلات من العقاب، ويُضعف ثقة الليبيين في مؤسساتهم التشريعية”.

وطالبت الحكومة بـ”فتح ملف شامل لكل حالات الإخفاء القسري في شرق البلاد”، وسط مطالبات حقوقية متصاعدة بإنشاء لجنة تحقيق محلية ودولية تتولّى رصد الانتهاكات في مراكز الاحتجاز.
 

البرلمان يلتزم الصمت… وحقوقيون يلوّحون باللجوء للجنائية الدولية

حتى لحظة إعداد هذا التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من رئاسة مجلس النواب أو القيادة العامة للجيش بشأن صحة الصور أو مصير النائب الدرسي، رغم الضجة الواسعة.

واعتبر نشطاء ومنظمات حقوقية محلية أن هذا الصمت يُعد “إقرارًا ضمنيًا” أو محاولة لامتصاص الغضب الشعبي، محذرين من أن استمرار الإنكار قد يدفعهم إلى التوجه للمنظمات الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، التي تُتابع الانتهاكات المرتكبة في ليبيا منذ سنوات.

ماذا وراء الصور المسربة؟ ولماذا الآن؟

توقيت تسريب الصور وتزامنه مع تحركات سياسية إقليمية ودولية بشأن الملف الليبي يطرح تساؤلات عديدة. ويُرجّح مراقبون أن تسريب الصور قد يكون مرتبطًا بصراع داخلي أو محاولة لتصفية حسابات سياسية داخل معسكر شرق ليبيا، لا سيما أن النائب الدرسي معروف بتوجهاته المحافظة ومواقفه المؤيدة لحفتر سابقًا، لكنه انتقد في مناسبات محدودة بعض ممارسات الأجهزة الأمنية في بنغازي.

مأزق حقوق الإنسان في ليبيا

القضية تسلّط الضوء مجددًا على واقع حقوق الإنسان المأساوي في ليبيا، حيث تتزايد حالات الإخفاء القسري والتعذيب في غياب سلطة قضائية موحدة، وتنامي نفوذ التشكيلات المسلحة التي تدير مراكز احتجاز خارجة عن رقابة الدولة.

وأشارت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية إلى أن مناطق شرق ليبيا تُعد من بين أكثر المناطق غموضًا فيما يخص أوضاع السجون، وأن غياب الشفافية يزيد من مأساة الضحايا ويُعرقل أي جهود للمصالحة الوطنية.