بعد ادعاء ترامب بأن بوتين ‘مجنون’.. موسكو تشير إلى احتمال ‘الحرب العالمية الثالثة’ وواشنطن ترد

اندلع سجال سياسي حاد بين القيادات الأمريكية والروسية، بدأه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمنشور على “تروث سوشيال” الثلاثاء الماضي، حذر فيه نظيره الروسي فلاديمير بوتين من أنه “يلعب بالنار”، مشيراً إلى أن أموراً “سيئة جداً” كانت ستحدث لروسيا لولا تدخله الشخصي
ورداً على ذلك، قال ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس السابق، عبر منصة “إكس” باللغة الإنجليزية: “لا أعرف سوى شيء واحد سيئاً حقاً – الحرب العالمية الثالثة. آمل أن يفهم ترامب هذا!”.
اتهامات “بالتهور” ومطالبة بالمذكرة الموعودة
لم يترك كيث كيلوج، المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا وروسيا، تعليق ميدفيديف دون رد، وصفه على “إكس” بأنه “متهور وغير مسؤول”، مضيفاً: “إثارة مخاوف من حرب عالمية ثالثة تعليق مؤسف… وغير مناسب لقوة عالمية”.
وشدد كيلوج على أن ترامب يعمل لوقف الحرب، وطالب موسكو بتسليم “مذكرة السلام” التي وعدت بها قبل أسبوع، والتي يفترض أن تحدد الشروط الروسية لوقف إطلاق النار.
الأزمة من “جنون بوتين” إلى تعثر المفاوضات
لم يأتِ تصعيد ترامب من فراغ. فقبل أيام، وصف الرئيس الأمريكي بوتين بأنه “أصيب بالجنون التام” بعد الهجوم الروسي الكاسح على أوكرانيا (26 مايو)، الذي أسفر عن مقتل 13 شخصاً باستخدام 367 صاروخاً وطائرة مسيرة – وهو الأكبر منذ بداية الغزو 11.
كما كشفت مصادر أن بوتين تعهد شخصياً خلال اتصال هاتفي مع ترامب (استمر ساعتين) بإرسال “مذكرة سلام” خلال أيام، لكنها لم تصل بعد، مما زاد من إحباط البيت الأبيض.
لعبة القوى المتشابكة والتحول المفاجئ لترامب
بعد سنوات من التباهي بعلاقته ببوتين، بدأ ترامب يتحدث عن فرض عقوبات جديدة على موسكو، وفقاً لمصادر مقربة من البيت الأبيض.
ورغم أن هذه العقوبات لن تستهدف القطاع المصرفي، إلا أنها تهدف للضغط على روسيا لقبول هدنة 30 يوماً التي ترفضها حتى الآن، ويرى محللون أن هذا التصعيد “استجابة للضغوط الداخلية” وليس تحولاً إستراتيجياً جذرياً
الموقف الروسي: شروط صارمة وحرب نفسية
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن أي تسوية في أوكرانيا تتطلب “إزالة الأسباب الجذرية للنزاع”، في إشارة إلى شرط موسكو الأساسي: وقف الدعم الغربي العسكري لأوكرانيا، وحذر نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو من أن سياسات الاتحاد الأوروبي “تعبّر عن استعداد لصدام عسكري مع روسيا”.
تداعيات ميدانية.. تقدم روسي ومناطق عازلة
في غضون ذلك، تواصل القوات الروسية تقدمها في منطقة سومي شمال شرق أوكرانيا، حيث أعلنت السيطرة على قرى عدة مثل نوفينكي وباسيفكا، فيما وصف الحاكم المحاولات الروسية بأنها محاولة لإنشاء “منطقة عازلة” داخل الأراضي الأوكرانية.
ردود الفعل الدولية على التصعيد الروسي
في ألمانيا رفع المستشار فريدريش ميرتس القيود عن استخدام الأسلحة الألمانية في أوكرانيا، بما في ذلك ضرب أهداف داخل روسيا، ورداً على الهجمات الروسية الأخيرة، وفي فرنساانتقد الرئيس إيمانويل ماكرون الهجمات الإسرائيلية على سوريا (المتزامنة مع الأزمة)، قائلاً: “لا يمكنك ضمان أمن بلدك بانتهاك سلامة أراضي جيرانك”.
ومن جانبه اتهم الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف موسكو بمحاولة “إغراق الغرب في مفاوضات عبثية” لكسب الوقت، مشيراً إلى أن كييف “باتت مقتنعة بأن روسيا لا تسعى لحل حقيقي”.
هل تنهار الوساطة الأمريكية؟
يبدو أن الثقة بين واشنطن وموسكو في أدنى مستوياتها، فمن جهة، يهدد ترامب بـ”التخلي عن الوساطة” إذا لم تنجح المحاولات الحالية، ومن جهة أخرى، يرى محللون أن “بوتين وحده يملك قرار إنهاء الحرب”، بينما تحرك ترامب ينبع من “حسابات انتخابية” أكثر من إيمان حقيقي بالسلام.
سيناريوهات على المحك
رغم التوتر، تشير مصادر إلى استعداد الجانبين لجولة تفاوضية جديدة في تركيا، قد تكون الفرصة الأخيرة قبل انسحاب واشنطن، وقد تفرض واشنطن عقوبات رمزية لاسترضاء النقاد الداخليين، مع تجنب ضرب الاقتصاد الروسي بعمق، مع رفع ألمانيا القيود عن الأسلحة، قد تشهد الجبهة الأوكرانية ضربات أعمق داخل الأراضي الروسية، مما يزيد من حدة التوتر.