تغييرات هامة في قانون الضريبة العقارية تشمل إعفاءات وتأجيلات ورقمنة شاملة | تفاصيل

في خطوة جريئة ضمن مبادرة التسهيلات الضريبية، وافق مجلس الوزراء المصري، اليوم الأربعاء، على تعديلات موسعة على قانون الضريبة على العقارات المبنية، الصادر بالقانون رقم 196 لسنة 2008، في إطار خطة إصلاح تشريعي تهدف إلى تخفيف الأعباء الاقتصادية عن المواطنين، وتحفيز الالتزام الطوعي بسداد الضريبة.
وتهدف التعديلات إلى معالجة الإشكالات المتكررة في منظومة الضريبة العقارية، من خلال مراعاة البعدين الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين، وتعزيز العدالة في التقدير والتحصيل.
أبرز التعديلات: إعفاءات، تسهيلات رقمية، وسقوف للمحاسبة
تضمنت التعديلات زيادة حد الإعفاء الضريبي للسكن الخاص من 24 ألف جنيه إلى 50 ألف جنيه، ما يعد أحد أهم المطالب الشعبية خلال السنوات الماضية، خصوصاً في ظل تصاعد معدلات التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
كما أتاحت التعديلات إعفاءات في حالات استثنائية مثل تهدم العقار، أو استحالة استغلاله بفعل قوة قاهرة، أو وفاة المكلف دون تركة واضحة، أو مغادرته البلاد لعشر سنوات دون أموال يمكن التنفيذ عليها.
وتم وضع حد أقصى لمقابل التأخير لا يتجاوز أصل الضريبة، مع منح فرصة للإعفاء الكامل من هذا المقابل في حال سداد أصل الدين خلال 3 أشهر من تاريخ العمل بالقانون، وهي مهلة يمكن لوزير المالية تمديدها مرة واحدة.
تحول رقمي تدريجي وشفافية في الحصر
نصّت التعديلات على تبسيط تقديم الإقرارات الضريبية، عبر إتاحة تقديم إقرار موحد للمكلف الذي يمتلك أو ينتفع بعدة عقارات، بدلًا من تقديم إقرار لكل عقار على حدة. كما تقرر التحول التدريجي نحو النظام الإلكتروني لتقديم الإقرارات، لتقليل الاحتكاك المباشر وتسهيل الإجراءات.
وألزمت التعديلات القرى السياحية والمجمعات السكنية بتقديم بيانات دقيقة للمكلفين ضمن أعمال الحصر، إلى جانب إلزام شركات المرافق والهيئات العامة بتوفير البيانات اللازمة لتحديد القيمة الإيجارية العقارية، ما يعزز شفافية وعدالة التقدير.
تسوية النزاعات وضمانات للمكلفين
في نقلة نوعية، أتاحت التعديلات الطعن إلكترونيًا على قرارات الحصر والتقدير، مع التأكيد على أن قرار لجنة الطعن هو الأساس لتحصيل الضريبة، تخفيفًا للنزاع القانوني بين المواطن والإدارة الضريبية، على غرار ما هو متبع في ضرائب الدخل والقيمة المضافة.
كما أُلغيت سلطة مديريات الضرائب العقارية في الطعن على قرارات لجان الحصر والتقدير، ما يضع المواطن في موقع أكثر توازنًا داخل المنظومة الضريبية.
خطوة نحو العدالة الضريبية والاجتماعية
يرى الخبير الضريبي الدكتور محمد الجبالي أن “هذه التعديلات تمثل نقلة تشريعية مهمة تستهدف استعادة الثقة بين المواطن والإدارة الضريبية”، مضيفًا أن “زيادة حد الإعفاء ورفع الضريبة في حالات استثنائية منطقية يحاكي فلسفة العدالة الضريبية”.
أما الدكتورة هالة فؤاد، أستاذة الاقتصاد العام، فأشادت بإدخال الرقمنة التدريجية، مؤكدة أن “النظام الإلكتروني في الإقرار والطعن يعزز من كفاءة الإدارة الضريبية ويقلل من البيروقراطية والفساد”.
ضريبة أكثر عدالة لمجتمع أكثر إنصافًا
تمثل هذه التعديلات نقلة نوعية نحو منظومة ضريبية أكثر مرونة وعدالة، تراعي التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، وتحفز المواطن على التعاون مع الدولة في سداد الالتزامات دون رهبة أو غموض. وبينما تستعد مصر لتحديث بنيتها الاقتصادية، فإن مثل هذه الخطوات تُعدّ ضرورية لبناء مناخ استثماري صحي ومتوازن.
ومع دخول التعديلات حيز التنفيذ، يبقى التحدي الأكبر هو حُسن التطبيق وتوعية المواطنين بحقوقهم وواجباتهم الضريبية، لتحقيق الهدف الأسمى: عدالة ضريبية مستدامة تخدم المواطن والدولة على حد سواء.