من التمويل البيئي إلى الدفاع الأوروبي… المفوضية الأوروبية تعيد تشكيل استراتيجياتها التمويلية.

في خطوة تُعد تحوّلاً نوعياً في السياسات الأوروبية، أعلنت المفوضية الأوروبية عن إمكانية إعادة توجيه مئات المليارات من اليورو، التي كانت مخصصة لمواجهة تداعيات جائحة كورونا، نحو تمويل مشاريع دفاعية.
قرار المفوضية الأوروبية يمثل انعكاساً لمناخ سياسي وأمني متغير في القارة، في ظل التهديدات المتصاعدة على حدودها الشرقية، لا سيما الحرب في أوكرانيا.
335 مليار يورو.. أموال مرنة لأهداف جديدة
وبحسب ما نقلته مجلة “بوليتيكو”، أبلغت المفوضية الأوروبية الدول الأعضاء بأنه بات بإمكانها استخدام جزء من حزمة تمويل المرونة والتعافي، التي تبلغ قيمتها نحو 335 مليار يورو، في مشروعات مرتبطة بالدفاع.
أمام الدول مهلة حتى أغسطس 2026 لتحقيق الأهداف الأصلية المتفق عليها من أجل الحصول على كامل التمويل، ولكن المفوضية فتحت الباب أمام إعادة تشكيل الخطط الوطنية.
أموال المناخ والرقمنة تتحول إلى الأمن والدفاع
عند إطلاق الصندوق في عام 2021، كانت الأولويات واضحة: 37% من التمويل لمكافحة تغير المناخ و20% للرقمنة.
أما الآن، فمشروعات مثل الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والأمن السيبراني أصبحت مؤهلة للتمويل، رغم أنها لم تكن مدرجة ضمن الأهداف البيئية أو الرقمية سابقاً.
الخطة الإسبانية نموذجاً
مفوض الاقتصاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، أشار إلى أن بعض الدول بدأت فعلاً دمج جوانب أمنية في خططها، مثل خطة إسبانيا التي تضمنت الأمن السيبراني.
لكنه أقر أن القواعد الأصلية لا تعالج بشكل واضح قضايا الدفاع، وهو ما تسعى المفوضية الأوروبية إلى تغييره بالتنسيق مع البرلمان الأوروبي والحكومات.
ضغوط من الدول الكبرى.. ورفض للتمديد
الدول الكبرى المستفيدة، مثل إيطاليا وإسبانيا، طلبت تمديد المهلة النهائية، لكن المفوضية الأوروبية رفضت بشدة، مشيرة إلى أن التمديد سيتطلب اتفاقاً معقداً بين الدول وتصديق 20 برلماناً وطنياً، وهو ما يمثل مخاطرة سياسية ومالية كبيرة، بحسب مسؤول أوروبي.
أوروبا بين أولويات الأمس وتهديدات اليوم
القرار الأوروبي يكشف عن تراجع ضمني لأولويات البيئة والتحول الرقمي لصالح الأمن والدفاع، نتيجة متغيرات جيوسياسية فرضها الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي حين يرى البعض أن إعادة توجيه التمويل أمر واقعي في ظل التهديدات، يحذر آخرون من أن ذلك قد يعرقل أهداف أوروبا البيئية والتحول الاقتصادي طويل المدى.