تركيا تنضم إلى صندوق الدفاع الأوروبي: استياء في أثينا وهدوء في بروكسل!

دخلت تركيا مرحلة جديدة في علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي من خلال انضمامها إلى برنامج الدفاع الأوروبي المشترك البالغة ميزانيته 150 مليار يورو، في خطوة وُصفت بأنها “تاريخية” على صعيد التعاون العسكري والاقتصادي، لكنها أثارت في الوقت ذاته ردود فعل غاضبة في اليونان و جنوب قبرص.
ووفق ما أوردته وسائل إعلام تركية، فإن اندماج أنقرة في البنية الدفاعية الأوروبية يأتي ضمن مشاريع مشتركة تشمل شركات رائدة مثل بايكار (Baykar)، وقد اعتُبر هذا التحول “نقلة نوعية” في توازنات القوى داخل القارة العجوز.
احتجاج يوناني.. “هُزمنا دون قتال”
الهزة السياسية في أثينا كانت واضحة، إذ وصف يانيس فاليناكيس، نائب وزير الخارجية اليوناني السابق، الخطوة بأنها “هزيمة دون قتال”. وقال في منشور عبر مواقع التواصل الاجتماعي: “حتى أنا لم أكن لأتخيل هزيمة مهينة كهذه، ومن دون قتال”.
وانتقد فاليناكيس السياسات الغربية التي تروّج لمشاركة تركيا في هيكل الدفاع الأوروبي على أنها “ضرورية عرقيًا”، في إشارة إلى القبول الأوروبي المتزايد بدور تركيا داخل المنظومة الدفاعية للقارة.
“العدو داخل الأسوار”
من جانبه، هاجم وزير الدفاع اليوناني نيكوس ديندياس قرار الاتحاد الأوروبي بالسماح لتركيا بالمشاركة، قائلاً: “أوروبا لا يمكن الدفاع عنها بينما العدو داخل الأسوار”.
لكن مصادر أوروبية مطّلعة في بروكسل عقّبت بأن “تركيا أصبحت اليوم عنصرًا لا يمكن الاستغناء عنه في الدفاع عن أوروبا”، في تعبير يعكس التغيير الجذري في الموقف الأوروبي تجاه أنقرة.
مبادرات فاشلة عبر الولايات المتحدة وإسرائيل
في محاولة لاحتواء التحول الجديد، سعت اليونان وجنوب قبرص إلى كسب دعم الولايات المتحدة عبر مبادرات دبلوماسية شملت إسرائيل في إطار صيغة “3+1″، لكن المصادر تؤكد أن هذه التحركات لم تُثمر عن نتائج ملموسة، حتى لدى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
وسائل إعلام يونانية: تركيا ضامن للسلام
بالتوازي مع ذلك، تناولت وسائل إعلام قبرصية ويونانية التطورات بنبرة تحمل اعترافًا ضمنيًا بتعاظم الدور التركي. ونقلت بعضها عبارات مثل: “تركيا تبرز كدولة توفر الاستقرار وتجلب السلام”، و”حكومة أردوغان تتحرك بخطوات محسوبة”.
صحف يونانية تحدثت عن “القطيعة التاريخية” و”هزيمة ثقيلة للهيلينية”، في تعبير عن حجم الصدمة التي أصابت الرأي العام في اليونان.
صناعة الدفاع التركية.. شريك أوروبي لا غنى عنه
تُعد شركات الدفاع التركية، مثل Baykar وTUSAŞ وBMC وOtokar، من بين الجهات التي تراقبها العواصم الأوروبية عن كثب. وتُصدّر طائرات Bayraktar TB2 بدون طيار حاليًا إلى دول أوروبية منها رومانيا وبولندا وكرواتيا.
وتملك الشركات التركية القدرة على إنتاج نحو 6000 مركبة مدرعة سنويًا، ما يجعلها موردًا إستراتيجيًا مهمًا للاتحاد الأوروبي.
تعاون عملاق ضمن “SAFE”
يندرج انضمام تركيا تحت مظلة صندوق التمويل الأوروبي للدفاع المشترك “SAFE”، الذي يهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية لدول الاتحاد عبر استثمارات مشتركة تصل إلى 150 مليار يورو.
ويُتوقع أن تحظى تركيا بحصة وازنة من هذا الصندوق بالنظر إلى قدراتها الإنتاجية وخبراتها العسكرية المتقدمة.
استراتيجية أردوغان تحقق اختراقًا
يأتي هذا التطور نتيجة الاستراتيجية متعددة الأبعاد التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي دفع بصناعة الدفاع التركية إلى الواجهة عبر استثمارات ضخمة وتطوير سريع.
وتجمع المنتجات التركية بين الكفاءة والسعر المنخفض وسرعة الإنتاج، مما جعلها متوافقة مع متطلبات الأمن الأوروبي، في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات متصاعدة.
المصدر: تركيا الآن