بعد التصعيد العسكري.. ماذا سيكون مستقبل إيرادات قناة السويس؟

بعد التصعيد العسكري.. ماذا سيكون مستقبل إيرادات قناة السويس؟

تتواصل تداعيات التصعيد العسكري الخطير بين إسرائيل وإيران، وسط موجة من الهجمات الجوية المتبادلة التي أثارت مخاوف عالمية من انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة. 

ومع تصاعد الضربات وتوسع نطاق الاستهداف ليشمل منشآت عسكرية واستراتيجية في عمق أراضي البلدين، تتزايد التساؤلات حول تأثير هذا النزاع على الممرات الحيوية للتجارة العالمية، وفي مقدمتها قناة السويس، التي تمر عبرها نحو 12% من حركة التجارة البحرية الدولية.

حركة التجارة العالمية

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، بلال شعيب، إن المواجهة العسكرية الدائرة بين إسرائيل وإيران تحمل في طياتها سيناريوهات مفتوحة وغير محسومة حتى اللحظة، وسط تقديرات ترجح أن تلعب الأيام المقبلة دورًا حاسمًا في تحديد مسار الصراع، مما سيؤثر بشكل مباشر على حجم حركة التجارة العالمية، الأمر الذي سينعكس بالسلب على حجم إيرادات قناة السويس.

وفقدت قناة السويس نحو 10.5 مليار دولار خلال عام ونصف بسبب التوترات الجيوسياسية، وهو رقم مؤثر على مختلف المستويات، بعكس أزمة كوفيد التي شهدت تقديم تخفيضات دون خسائر مباشرة بهذا الحجم، وفقًا لتصريحات رئيس الهيئة الفريق أسامة ربيع.

وأوضح شعيب لـ”تليجراف مصر” أن الجانب الإسرائيلي “لم يقدّر حجم الرد الإيراني العنيف بهذه الصورة”، ما جعل إسرائيل نفسها أمام مفاجأة عسكرية غير مدروسة الأبعاد. 

ولفت إلى أن الوضع الحالي ما زال في إطار “الحرب المحدودة” بين قوتين عسكريتين رئيسيتين، دون دخول أطراف إقليمية بشكل مباشر، غير أن احتمالات التصعيد الإقليمي لا تزال قائمة بنسبة لا تقل عن 60%، خاصة مع وجود حلفاء نشطين لكل طرف في المنطقة، من الحوثيين في اليمن، وحزب الله في لبنان، وحماس، وبعض الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، وصولاً إلى باكستان وروسيا والصين التي بدأت تدخل المشهد من خلف الستار.

حركة الملاحة

وعن التداعيات الاقتصادية، أشار الخبير الاقتصادي، إلى أن منطقة الخليج تشهد تهديدًا صريحًا من إيران بإغلاق مضيق هرمز، الذي يمر عبره نحو 20% من إمدادات النفط العالمية وأكثر من 30% من صادرات الغاز الطبيعي، ما قد يؤدي إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار الطاقة إذا طال أمد الصراع. كما أن مضيق باب المندب يشهد نشاطًا متزايدًا للحوثيين، ما قد يؤثر على حركة الملاحة نحو قناة السويس بشكل غير مباشر.

وقفزت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا بنسبة 4.5% خلال تعاملات الجمعة الماضية، وذلك في أعقاب الضربة الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع عسكرية ونووية داخل إيران.

وأضاف أن “أي تصعيد في مضيق هرمز أو باب المندب سيؤثر حتمًا على قناة السويس”، حيث سترتفع تكاليف التأمين على السفن، وتزداد كلفة الشحن، بما يقلل تنافسية القناة في مواجهة طرق بديلة. 

وتابع شعيب: “نتوقع تراجعًا في حجم التجارة العابرة للقناة، تمامًا كما حدث عقب هجمات 7 أكتوبر الماضي، لكن لا يمكن بعد تقدير مدى العمق حتى تتضح الصورة خلال أيام”.

وفقًا لمؤسسة كابيتال إيكونوميكس، فإن أعداد السفن وأحجام الشحن في قناة السويس لا تزال أضعف بنحو 60%، مقارنة بما كانت عليه قبل حرب غزة، فيما أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي في وقت سابق، أن خسائر عائدات قناة السويس تبلغ نحو 800 مليون دولار شهريًا بسبب الأحداث الجيوسياسية بالمنطقة.

أسعار النفط

ونوه بأن أسعار النفط بدأت بالفعل في الصعود، متجاوزة 77 دولارًا للبرميل، مع توقعات بأن تتخطى حاجز الـ100 دولار في حال استمرار التصعيد خلال خمسة أيام أخرى، ما سيلقي بظلاله على أسعار السلع العالمية وكلفة النقل البحري، وبالتالي على إيرادات قناة السويس بشكل مباشر.

وأكد شعيب أن الحرب، رغم محدوديتها الحالية، كلّفت الطرفين خلال 72 ساعة فقط ما يناهز 4 مليارات دولار، وسط استنزاف واضح للموارد، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعاني منها كل من إيران (معدل تضخم 40%) وإسرائيل (أزمة سياسية داخلية وضعف شعبية الحكومة).

خفض الرسوم

يشار إلى أن هيئة قناة السويس، قررت الشهر الماضي، حوافز وتخفيضات بنسبة 15%من رسوم عبور سفن الحاويات ذات حمولة 130 ألف طن أو أكثر “محملة أو فارغة” لمدة 90 يوماً.

وتعد عائدات قناة السويس إحدى موارد النقد الأجنبي للدولة، إلا أن نسبتها من إجمالي الحصيلة الدولارية السنوية تبقى محدودة، مقارنة بموارد أخرى كالصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج.