ألم الأسنان يؤدي إلى تشخيص سرطان… كيف تغيرت حياة مريم بشكل جذري خلال شهر؟

ألم الأسنان يؤدي إلى تشخيص سرطان… كيف تغيرت حياة مريم بشكل جذري خلال شهر؟

مع إطفاء شمعة عيد الميلاد، بدأ ألم خفي يتسلل لأسنان مريم، لتستشعر طعم الدماء الممتزجة في فمها مع أثر الحديد، ورغم أنها ظنت أنه مجرد عرض سطحي، إلا أن هذا الألم كان بمثابة شرارة البداية لمأساة ستبدأ للتو.

عيد الميلاد والتهاب الأسنان

شهر واحد شكل حياة مريم من جديد، ووضعها في طريق لم يخطر ببالها. الفتاة المنطلقة الشغوفة التي غمرتها شعلة النشاط والحركة والتأهب، على مشارف عامها الـ18، ورغم أن الثامنة عشر قد يبدو عمرًا تبدأ فيه الحكايات، إلا أن الأمر انقلب رأسًا على عقب في ثوانٍ معدودة.

مريم ياسين

ألم شديد في أسنانها يشبه التهاب العصب، دفعها للذهاب لاستشارة طبية، وهناك بدأت أسنانها التي تشتكيها في النزيف الذي لا يتوقف، ليتدخل الطبيب بالحقن، ومع استمراره بدأت تتناول المضادات الحيوية لليسطرة على الوضع المتأزم، خوفًا من وجود صديد يؤثر على معدتها مفاقمًا من حالتها الصحية.

ولكن يبدو أن خطوة المضادات الحيوية كانت الأسوأ في حالتها، فلم يمر إلا أسبوع فقط وقد انتقلت مريم للرعاية المركزة بسبب تناول المضادات الحيوية بجرعات كبيرة، وهنا بدأت رحلة التشخيص الطبي للحالة الصحية غير المفهومة.

رحلة التشخيص الطبي لحالة مريم ياسين

بعد دخول مريم للعناية المركزة، بدأ المتخصصون في تشخيص وضعها الصحي المتفاقم، فبدا جليًا أن ما آلت إليه حالتها لا يبشر بمجرد التهاب بسيط في الأسنان، وهنا لاحت بعض التشخيصات في الأفق: فشل كلوي أو التهاب حاد في الرئة، ولكن أغلب التشخيصات استقرت على احتمالية وجود مرض مناعي يهاجم الكلى والرئة.

وهنا تبدأ رحلتها الثانية مع الأدوية ولكنها هذه المرة أدوية الكورتيزون، لتعالج الأعراض الجديدة التي بدأت تعانيها، من ارتفاع نسبة الكريتين في الكلى الذي تخطى نسبة 3.8 ووصل أحيانًا لـ4، وحتى يتسنى للعلاج الجديد البدء بمفعوله انتظر الأطباء لمدة أسبوع كامل، ليستطيعوا بعدها استخلاص عينة من الكلى، للكشف عن نوع المرض المناعي الخفي الذي يضرب جسم مريم بلا هوادة.

مريم ياسين

بعد التشخيص الأولي للعينة ذهب الأطباء لاعتقاد إصابتها بمرض الساركويد المناعي، بينما اختلف التشخيص تباعًا بين مرض اللوكيميا (سرطان الدم) أو الليمفونا (سرطان الخلايا الليمفاوية)، مع هذا التشتت الواسع فيه التشخيصات ووجود أكثر من تشخيص واحد للأعراض، اجتمع الأطباء على أخذ عينات من نخاع الصدر ونخاع الظهر والعظام، للتأكيد على التشخيص النهائي لحالة مريم.

التشخيص النهائي بعد رحلة الألم في العناية المركزة

تعبر والدة مريم عن صعوبة تلك الفترة، وعدم تصديقها لما آلت إليها الأمور، فتقول لـ”تليجراف مصر”، “لم تعان مريم من أي أعراض سابقة قد تتشابه مع أعراض السرطان بأي شكل من الأشكال، ولم يستطع عقلي أن يفسر كيف قد يصاب الأطفال في سن مريم بهذا المريض الخبيث، وهي التي اعتادت العيش بنشاط وحيوية، ولم تعان حتى الحمى”.

وتضيف: “مكانتش بتعاني غير من نزيف بس في ضرسها، والمضادات الحيوية جابتلها إجهاد لدرجة إنها مبقتش عارفة تاخد نفسها، وجالها كحة جامدة، ورغم تشخيصها الأولي بالتهاب في الشعب الهوائية، طبعا قدر الله وما شاء فعل، ولكن أنا اتفاجئت بالمرض اللعين والخبيث، وعملنا طبعا مسح ذري واكتشفنا وجوده في الضهر وفي أماكن متفرقة وشخصوها آخر تشخيص إنها الليمفوما اللاهودجكينية اللي هي ليمفوما النخاع”.

وأشارت إلى أنه وبعد تأكيد الإصابة انتقلت من مستشفى الجلاء لبدء العلاج الفعلي لبروتكول العلاج الكيماوي في المركز الطبي العالمي، بمتابعة من مدير قسم الأورام دكتور محمود صلاح.

اكتشاف مريم لإصابتها بمرض سرطان النخاع

أما عن مريم والتي ماجت في طوفان من التخبطات الصحية على مدار شهر كامل، انقلبت فيه حياتها رأسًا على عقب، بعد انتهاء عيد ميلادها الذي كان مقامًا في الثاني من مايو، فلم ترد العائلة أن تقضي على آمالها وتشغلها برحلة التشخيصات التي خاضها والديها مع الأطباء، ولكن وها قد تأكدت إصابتها بسرطان النخاع، ما استوجب خضوعها لعلاج كيماوي وروتين علاجي شديد، اضطرت العائلة لإخبارها بالحقيقة قبل يوم واحد من ترك مستشفى الجلاء، وكانت تلك هي اللحظة التي انكسرت فيها آمال مريم، للرجوع إلى المنزل سريعًا لتهنأ بحياتها السابقة، لتصاب بخيبة أمل واسعة وتضطرب حالتها النفسية.

تقول والدتها أخيرًا: “اضطررت أن أخبرها بالحقيقة، لتكون على دراية بوضعها الصحي الجديد، الذي يتسم بحدوث مضاعفات قد لا تفهمها في جسدها، وحتى نستطيع البدء في العلاج الكيماوي، ورغم أننا ما زلنا في المستشفى إلا أني ما أزال أتمنى حدوث معجزة ما لمريم، فكما انقض عليها المرض فجأة، أدعو رب المعجزات أن ينصرف عنها فجأة، ولكني راضية بقضاء الله، وأطلب من الناس أن يدعوا لمريم حتى تستعيد صحتها”.