توجه المطورين العقاريين نحو دول الخليج: ما هي الدوافع؟

اتجهت شركات التطوير العقاري خلال الفترة الأخيرة لتأسيس شركات تابعة بكثافة في دول الخليج، فضلًا عن التوسع في تنفيذ مشروعات كبرى بهذه الدول، وسط مساعيها لتعزيز مرونتها المالية للتغلب على التحديات التي تفرضها ظروف السوق المصرية.
وقال رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية مصطفى شفيع، إن اتجاه شركات التطوير العقاري المصرية لتأسيس شركات تابعة في دول الخليج يعد خطوة مهمة وضرورية للغاية بالنسبة للقطاع خلال الفترة الراهنة.
تحديات التسعير
وأعلنت شركة مدينة مصر للتطوير العقاري هذا الأسبوع بدء إجراءات تأسيس شركة تابعة مملوكة لها في إمارة دبي، لتنضم بذلك إلى شركات مثل “بالم هيلز للتعمير”، التي أعلنت في فبراير الماضي تأسيس شركة تابعة في إمارة أبو ظبي، كما أسست هايد بارك للتطوير العقاري شركة في السعودية خلال الشهر الحالي.
فيما تنفذ شركات مثل مجموعة طلعت مصطفى والأهلي صبور وتطوير مصر وأورا ديفلوبرز مشروعات في السعودية والعراق وسلطنة عمان والإمارات.
وأضاف شفيع، في تصريح لـ”تليجراف مصر” أن أحد أهم الأسباب التي تدفع المطورين العقاريين لتأسيس شركات في دول الخليج، هي طبيعة السوق المصرية من حيث التسعير العقاري إذ يتم تحديد أسعار الوحدات في ضوء عدة عوامل أبرزها معدلات الفائدة وتكاليف البناء، وهذا ما يفسر ارتفاع أسعار العقارات بصورة غير مسبوقة خلال الفترة الماضية.
وأكد أن أسعار العقار في مصر وصلت إلى مستويات لم تعد مناسبة لجميع الشرائح الأمر الذي يمثل تحديًا على مستوى الطلب المحلي إذ يدفعه للتباطؤ، على نحو يجعل المطور العقاري مضطرًا لفتح أسواق جديدة لتعزيز مرونته.
وخلال العام الماضي ارتفعت أسعار بيع الوحدات العقارية بما يتراوح بين 112 و116% على أساس سنوي، وفقًا لشركة “جي إل إل” المتخصصة في الخدمات العقارية.
توفير الدولار
وأوضح شفيع، أن العامل الثاني الذي يحرك بوصلة شركات التطوير العقاري صوب دول الخليج هو حاجة هذه الشركات لتوفير عملة صعبة في وقت لا يزال نشاط تصدير العقار في مصر محدودًا.
وتابع أن المطورين العقاريين أصبحوا مضطرين للخروج من السوق المصرية وفتح أسواق جديدة لجذب المزيد من العملاء وتوسيع شريحة المبيعات، فضلًا عن توفير مصدر دولاري، لتعزيز الملائة المالية للشركات.
حوافز خليجية
وقال رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين للتداول، إن من بين العوامل التي ترفع شهية شركات التطوير العقاري والمستثمرين عمومًا لدخول الأسواق الخليجية هي الحوافز والتسهيلات التي تقدمها هذه الأسواق لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأكد أن دول الخليج تتميز بسهولة تأسيس الشركات وسرعة الإجراءات الأمر الذي يشكل عامل جذب للمستثمرين الأجانب، مضيفًا أن استثمارات المصريين في السعودية شهدت نموًا بأكثر من 32% على أساس سنوي خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025.
وتابع أن المطور العقاري مثل بالم هيلز وطلعت مصطفى وسوديك، عندما يدخل سوق خليجية فهو لا يستهدف بالضرورة المساهمة في مشروعات قومية كمشروع بنان السعودي، بقدر ما يستهدف فتح سوق جديدة وتصدير العقار والبيع بالعملة الأجنبية.
يشار إلى أن استثمارات المصريين في السعودية تقدر بقرابة 70 مليار ريال من خلال أكثر من 5.7 ألف شركة، وخلال العام الماضي احتل المصريون المرتبة الثالثة بين الجنسيات الأكثر تأسيسًا للشركات في دبي بواقع 5300 شركة، وفقًا لبيانات غرفة التجارة بدبي.
تشبع السوق المصرية
من جانبه رأى رئيس البحوث في شركة أسطول لتداول الأوراق المالية محمد عبدالحكيم، أن سوق التطوير العقاري في مصر يشهد منافسة قوية في ظل استهدافه لشريحة تمثل نسبة قليلة من المجتمع المصري، لافتًا إلى أن هذه الشريحة شبه تشبعت من شراء الوحدات المخصصة لها سواء من الفئة A أو A+.
وأكد أنه في ظل ارتفاع أسعار الأراضي وتكاليف البناء والتشغيل في مصر يصعب على شركات العقار طرح وحدات تخاطب الشريحة الأكبر من المجتمع المصري، لذا من الطبيعي أن تفكر هذه الشركات في مخاطبة عملاء خارج مصر عبر التواجد في أسواق جديدة.
خلال الربع الأول من العام الحالي سجلت شركات مثل أوراسكوم للتنمية ومدينة مصر تراجعا في المبيعات بما يتراوح بين 22 و50% وسط تراجع الطلب المحلي عقب المبيعات القياسية في 2024.
مميزات أسواق الخليج
وأشار عبدالحكيم إلى أن الأسواق الخليجية تتمتع بمعدلات نمو جيدة ومن المتوقع أن تستمر في النمو خلال الفترة المقبلة ما يؤمن مستويات جيدة من الطلب على العقار، وبالتبعية يعزز فرص شركات التطوير العقاري هناك.
وتابع أن أحد أهم مميزات الأسواق الخليجية تتمثل في كون معظم السكان يتمتعون بالقدرة على شراء وحدات جديدة وبأسعار تضمن للمطور العقاري تحقيق الربحية، هذا فضلًا عن وجود العديد من المدن ذات الطابع السياحي مثل دبي وجدة الأمر الذي يخلق فرصة كبيرة لتسويق العقار ليس فقط للسكان المحليين بل لشريحة العملاء الأجانب.
وأوضح أن دول الخليج أيضًا تتميز باستقرار سعر صرف العملة نتيجة لارتباطها بالدولار الأمريكي الأمر الذي يسهل على شركات التطوير العقاري عملها وصياغة موازناتها بدقة، فضلًا عن كون التواجد خارج مصر يضمن لهذه الشركات تأمين مورد دولاري يجعلها أكثر مرونة في مواجهة تقلبات العملة المصرية.
وتوقع أن يسهم تواجد الشركات المصرية في أسواق خليجية في تنشيط ملف تصدير العقار لافتًا إلى أن الحكومة مؤخرًا اتجهت لمشاركة القطاع الخاص في المشروعات الكبرى مثل جريان نظرًا لنجاح شركات القطاع في مجال التسويق العقاري وتفوقها على القطاع الحكومي في هذه الجزئية.