بعطر الإبادة وظلال المجاعة.. كيف استقبلت غزة العيد؟

أصبحت كلمة “عيد” من الكلمات الصعب إدراكها لدى سكان قطاع غزة، حيث تبدلت تكبيرات العيد بأدعية مسيرات شهداء القصف، وتحولت حلوياته إلى طموحات للوصول إلى رغيف الخبز، ولم تعد الأسر منشغلة بالبحث عن ألعاب أطفالها بل بتجميع أشلاء هؤلاء الأطفال.
تحذيرات أممية من تفاقم أوضاع “المجاعة”
يستهل سكان القطاع عيد الأضحى بالتحذيرات الأممية من تضاعف مستويات الجوع المتزامن مع الإبادة الإسرائيلية، حيث حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من تفاقم كارثي للوضع الإنساني في قطاع غزة، مؤكدة أن المساعدات لم تدخل بكميات كافية منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وسط تصاعد معاناة الأهالي وتجاهل الاحتياجات المتزايدة.
وفي السياق نفسه، أكد برنامج الأغذية العالمي أن أكثر من 70 ألف طفل في قطاع غزة يواجهون مستويات حادة من سوء التغذية، محذرًا من أن مزيدًا من التصعيد في الصراع قد يؤدي إلى توقف شبه كامل في عمليات الإغاثة الإنسانية.
وأشار البرنامج إلى أن المساعدات التي تصل إلى غزة لا تزال “غير كافية بشكل حرج” من حيث الكميات ونوعية الإمدادات، مما يعرض حياة الآلاف، خصوصًا من الأطفال، لخطر داهم.
صفر العيد.. من اللحوم إلى الحلوى
وتدل الأرقام والإحصاءات على انعدام العديد من مظاهر العيد داخل القطاع، حيث لا للغني أو الفقير أضحية هذا العام لنحرها، بل ولا لحوم لأكلها، فما تبقى بعد الحرب تم ذبحه العام الماضي أو قصفت المزارع وقتلت المواشي.
ولم تكن اللحوم هي العنصر الوحيد الغائب، ولكن لحقتها الحلويات الشعبية والتي لم تصبح متوفرة لعدم وجود السكر، وهي السلعة المقطوعة منذ شهور، والتي ارتفع سعرها بحيث أصبح الجرام الواحد ينافس سعر جرام الذهب، غير انعدام المواد الأساسية في صناعتها، واقتصرت المائدة الأطعمة المعلبة سيئة المذاق،
وتعتبر سوق معسكر جباليا وعمر المختار والرمال من أكثر الأسواق اكتظاظا بالسكان في العيد، لكن هذا العيد تلك الأسواق مدمرة.

الصلاة على أنقاض المساجد
قال حازم عوني الصوراني، رئيس هيئة فاسطين العربية للإغاثة، إن شوارع غزة خلت من الزينة والبهجة التي تميز العيد، بسبب الدمار الواسع والنزوح الجماعي الذي طال أكثر من 70% من السكان .
وأكد الصوراني، في تصريح لـ”تليجراف مصر”، أن الأسواق بدت شبه خالية، مع نقص حاد في البضائع نتيجة إغلاق المعابر ومنع إدخال المستلزمات الأساسية.

وتطرق الصوراني إلى صلاة العيد، التي تُعد من أبرز طقوس العيد، والتي ستقام في بعض المناطق على أنقاض المساجد المدمرة، مما يعكس حجم المأساة التي يعيشها السكان.
الأطفال يركضون حفاة في الأزقة المهدّمة
“عيد بطعم الصبر” بتلك الكلمات يصف الصوراني هذا العيد، مبينًا أنه رغم المحن، لم يخلُ العيد من صور الصبر والثبات.

وأشار رئيس هيئة فاسطين العربية للإغاثة، إلى أن الأطفال يركضون حفاة في الأزقة المهدّمة، بألعاب بسيطة من صنع أيديهم، يضحكون بعفوية تُبكي الحجر، مبينًا أن العائلات تقتسم القليل، وتُحيي طقوس العيد على قدر استطاعتها، في مشهد يختلط فيه الألم بالأمل.
آلية المساعدات.. مصيدة الموت وقتل الفلسطينيين
“ليست آلية مساعدات إنما مصيدة للموت وقتل الفلسطينيين” بتلك الكلمات يصف عامر الفرا، الصحفي والإعلامي الفلسطيني بقطاع غزة أحوال سكان القطاع في غيد الأضحى، خاصة مع آلية توزيع المساعدات الأمريكية، مبينًا أن أكثر من 90 فلسطينيا قتلوا برصاص الجيش الإسرائيلي خلال ذهابهم لاستلام مساعدات، كما أصبحت مراكز اعتقال.
وأكد الفرا، في تصريح لـ”تليجراف مصر”، أن مراكز التوزيع هي مصيدة لاعتقال الفلسطينيين وقتلهم وتهجيرهم مستقبلاً، وهي مرفوضة شعبيًا وإقليميًا ودوليا، بإدخال عدد قليل من كمية المساعدت لا تزيد عن ألف طرد مساعدات في حين يتجمع 100 ألف فلسطيني، كما أن الآلية ليست منظمة مما يعطى الفرصة لإسرائيل بقتل الذاهبين لتلك المراكز، غير المفقود آثارهم حتى تلك اللحظة.

وطالب الفرا بإعادة فتح المعابر وإيصال المساعدات للأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي والأنروا وغيرها من المؤسسات الأممية التي كانت تشرف على توزيع المساعدات.
أقصى ما نحلم به رغيف الخبز
“أقصى ما نحلم به رغيف الخبز” بتلك الكلمات يصف أ.ع المواطن الغزاوي ورب أسرة غزاوية، موضحًا أن الأسرة العزاوية في العيد لم تعد تستطيع أن توفر لأطفالها عيدية أو ألعاب، ولكن الخبز هو الشيء الوحيد الذي يطمحون في توفيره.
وأكد المواطن الغزاوي، أنه بات من المتعثر الحصول على الكثير من أنواع الطعام، بل إن الناس تذهب إلى شاطئ البحر للبحث عن فتات الطحين أو الدقيق في الأرض لتتناول قوت يومها.