“رأس شقير” تنضم إلى خريطة الاستثمارات الخليجية في مصر: هل تستفيد قطر أم السعودية؟

تستعد الحكومة للإعلان، خلال أيام، عن صفقة استثمارية جديدة في منطقة “رأس شقير” على البحر الأحمر، بالشراكة مع أحد صناديق الثروة السيادية الخليجية، حسبما كشف مصدر حكومي مطلع لـ”إنتربرايز”.
وتمثل الصفقة المرتقبة أولى الخطوات ضمن سلسلة من المشروعات المزمعة في منطقة رأس شقير، التي تمتد على مساحة 174 مليون متر مربع. وتهدف الحكومة من خلالها إلى دعم إصدارات الصكوك السيادية المحلية، المقرر أن تطرحها وزارة المالية قريبًا، وتخصيص عوائدها بالكامل لمعالجة أزمة الدين العام المتضخم.
ضمان للصكوك السيادية
تمثل هذه الخطوة تطورًا استثماريًا جديدًا يعيد إلى الأذهان صفقة “رأس الحكمة” التي أبرمتها مصر مع شركة “إيه دي كيو” الإماراتية، لكنها تختلف في آلية التنفيذ، فقد خُصصت أرض “رأس شقير” رسميًا لصالح وزارة المالية بقرار رئاسي، بهدف استخدامها كضمان لإصدارات الصكوك السيادية دون بيعها أو التفريط فيها.
من المنتظر أن تدعو وزارة المالية صناديق الثروة السيادية الخليجية والمستثمرين الآخرين للاكتتاب في هذه الصكوك المرتبطة بمشروعات بعينها، مع تطوير إطار قانوني ومالي جديد لهذه الآلية التمويلية، بما يتوافق مع رؤية دول مجلس التعاون الخليجي وخططها الاستثمارية في مصر.
وتأمل الحكومة في أن يسهم هذا النموذج في تنشيط سوق رأس المال المحلي وخلق سوق ثانوية للصكوك السيادية، ما يعزز مرونة استراتيجية تنويع مصادر الدين في مصر ويزيد من جاذبية الاستثمار الأجنبي المباشر.
مشروعات متنوعة وإمكانات واعدة
رغم عدم الإعلان عن تفاصيل المشروع الأول، فإن المصدر الحكومي كشف أن منطقة رأس شقير تملك إمكانات ضخمة، خاصة في مشروعات الطاقة النظيفة مثل الهيدروجين الأخضر، إلى جانب الفرص في قطاعي السياحة والصناعة.
من هو الصندوق الخليجي الشريك؟
لم يُفصح حتى الآن عن هوية صندوق الثروة السيادي الخليجي المشارك في المشروع، لكن التوقعات تشير إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في ضوء خطة المملكة لتحويل ودائعها لدى البنك المركزي المصري إلى استثمارات مباشرة.
في المقابل، ترجح مصادر أخرى أن تكون قطر هي الطرف المشارك، خاصة بعد إعلانها في أبريل عن خطة لتقديم حزمة استثمارية مباشرة بقيمة 7.5 مليار دولار في السوق المصرية خلال الفترة المقبلة.
حملات ترويجية
وأوضح الخبير الاقتصادي خالد الشافعي، أن استخدام الصكوك السيادية يسمح للدولة بالاستفادة من الأصول دون نقل ملكيتها، مشيرًا إلى أن هذه الصكوك تشبه “سندات الإيراد”، حيث تُورق الإيرادات المتوقعة من استغلال الأصول وليس الأصل نفسه.
وفي تصريح لـ”تليجراف مصر”، يرى الشافعي، أن الحكومة تستهدف الاستفادة من الزخم الناتج عن صفقة “رأس الحكمة”، إلى جانب استثمار نتائج قرار تحرير سعر الصرف في مارس الماضي، موضحًا أن تعويم الجنيه ساعد في إنهاء ظاهرة تعدد أسعار الصرف، التي كانت تمثل أحد أكبر العوائق أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، كما أثرت سلبًا على جاذبية برنامج الطروحات الحكومية، فاستقرار سعر الصرف يعزز من فرص التقييم العادل لأصول الدولة المطروحة.
وأشار الشافعي إلى أن التوجه المصري إلى دول الخليج من خلال حملات ترويجية يعكس رغبة قوية في جذب استثمارات جديدة، بالإضافة إلى تسريع وتيرة تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، مضيفًا أن دول الخليج استحوذت خلال السنوات الأخيرة على النصيب الأكبر من الصفقات الاستثمارية في مصر، وهو ما يعكس وجود مصالح اقتصادية استراتيجية لهذه الدول في السوق المصرية، خاصة مع ما تتمتع به مصر من مزايا مثل الموقع الجغرافي وعدد السكان الكبير.
فرص استثمارية واعدة
وأكد الشافعي أن الصناديق السيادية الخليجية تتمتع بفوائض مالية كبيرة وتسعى لاستثمارها في مشروعات تحقق عوائد جيدة، مشيرًا إلى أن الشركات التي تعتزم الحكومة المصرية التخارج منها ضمن برنامج الطروحات تمثل فرصًا جذابة نظرًا لنشاطها في قطاعات قوية ومرتفعة الربحية.
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة تنفيذ المزيد من الصفقات الناجحة بين مصر ودول الخليج، وهو ما يحقق مصالح اقتصادية للطرفين ويعزز من تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى البلاد.